المغرب: اتهام 26 شخصًا بشراء الأصوات في انتخابات مجلس المستشارين

فائزان من «العدالة والتنمية» ضمن لائحة المتهمين باستعمال المال

المغرب: اتهام 26 شخصًا بشراء الأصوات في انتخابات مجلس المستشارين
TT

المغرب: اتهام 26 شخصًا بشراء الأصوات في انتخابات مجلس المستشارين

المغرب: اتهام 26 شخصًا بشراء الأصوات في انتخابات مجلس المستشارين

كشفت اللجنة الحكومية المغربية لتتبع الانتخابات عن اتهام 26 شخصًا بشراء أصوات الناخبين خلال انتخاب أعضاء مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، التي جرت في 2 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وذلك عشية افتتاح العاهل المغربي الملك محمد السادس للدورة الخريفية للبرلمان المغربي.
ولم تكتفِ اللجنة بالإعلان عن عدد الأشخاص المشتبه في استعمالهم للمال قصد استمالة الناخبين بعد التنصت على مكالماتهم الهاتفية، طبقًا للقانون، الذين يخضعون للتحقيق حاليًا، بل نشرت أسماؤهم في بيان عممته الليلة قبل الماضية، وهو الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة داخل الأحزاب السياسية التي ينتمي إليها المتهمون، وهي خمسة أحزاب من المعارضة والأغلبية.
وأفادت اللجنة الحكومية المكونة من وزارتي الداخلية والعدل، في بيانها الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أنه «تبعًا للبيان الصادر بتاريخ 4 أكتوبر 2015 حول الاشتباه في استعمال المال لاستمالة الناخبين خلال انتخابات مجلس المستشارين، قد بلغ عدد الأشخاص الذين جرت متابعتهم أمام قضاء التحقيق بمختلف محاكم المملكة حتى أمس 26 شخصًا، من بينهم 14 مترشحًا لهذه الانتخابات، وأعلن عن فوز 10 منهم بمقاعد في مجلس المستشارين»، كما ضم البيان أسماء المتهمين الـ26 الموزعين على ثلاث فئات، تضم مرشحين فازوا في تلك الانتخابات، وعددهم 10 أشخاص، بالإضافة إلى مرشحين لم ينجحوا، وآخرين لم يترشحوا».
وتصدر حزب الاستقلال المعارض لائحة المتهمين بشراء الأصوات، بعد أن بلغ عددهم 13 متهمًا، بينهم نجلا حميد الأمين العام للحزب، وهما من غير المرشحين، الأمر الذي دفع عادل بن حمزة، الناطق الرسمي باسم الحزب، إلى اتهام وزارة الداخلية بالتحكم، وكتب تغريدة على حسابه في «فيسبوك» معلقًا: «أن تتضمن اللائحة المعنية التي تضم 26 اسمًا، 13 اسمًا كلها تنتمي لحزب الاستقلال بما فيها نجلا الأمين العام للحزب، فهذا دليل صارخ على أن وزارة الداخلية، التي صارت تلعب دور المناولة لمشروع التحكم، تسعى بكل الطرق والوسائل إلى تحجيم فوز حزب الاستقلال بالرتبة الأولى في مجلس المستشارين».
وعد بن حمزة الأمر «ابتزازًا مفضوحًا، وردًا سريعًا على تشبث حزب الاستقلال بتقديم مرشح لرئاسة الغرفة الثانية»، واستغرب: «ضبط آلات التنصت سبعة أشخاص في مدينة فاس وحدها»، وعده «دليلاً على أن مشروع التحكم لم يعد قادرًا على إخفاء هويته».
وكان حزب الاستقلال قد حسم في اسم مرشحه لرئاسة مجلس المستشارين، وهو عبد الصمد قيوح، وزير الصناعة التقليدية السابق، في النسخة الأولى من حكومة عبد الإله ابن كيران، الذي من المقرر أن يواجه حكيم بن شماس، مرشح حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الذي يطمح بدوره لرئاسة المجلس لولاية ثانية.
ومن المرجح أيضًا أن يتقدم للمنصب مرشح يمثل أحزاب الأغلبية، إذا ما جرى توافق قادة الأغلبية الحكومية على تقديم مرشحها في اجتماع سيعقد مساء اليوم، أو اكتفائهم بدعم مرشح حزب الاستقلال. إلا أن المعطيات الجديدة التي كشفتها وزارتا الداخلية والعدل بشأن المتورطين في شراء أصوات الناخبين، قد تقلب الموازين، لا سيما وأنه من بين الفائزين العشرة المتهمين، خمسة منهم من حزب الاستقلال الذي كان قد فاز بـ24 مقعدًا، متصدرًا النتائج.
وتردد، أمس، أن مستشاري الحزب الفائزين المتهمين قرروا الانسحاب من المجلس، احتجاجًا على التشهير بهم ونشر أسمائهم في وسائل الإعلام، إلا أن بن حمزة نفى ذلك، وقال إن «قيادة الحزب لم تتخذ قرارًا بهذا الشأن، وإنها تركز في المرحلة الحالية على قضية التشهير وستراسل الهيئة العليا للإعلام المرئي والمسموع للنظر في الموضوع».
ولم يسلم حزب العدالة والتنمية، ذو المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي، من الاتهامات باستعمال المال لاستمالة الناخبين في انتخابات مجلس المستشارين، حيث ورد اسمان ينتميان إليه في اللائحة التي عممتها اللجنة، وهما مستشاران فازا بمقعدين في مجلس المستشارين.
في سياق ذلك، قال عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي للحزب، إن حزبه فوجئ بورود اسمين من الأعضاء المنتمين إليه ضمن لائحة المتهمين. وأضاف بوانو خلال اجتماع عقده، أمس الفريق النيابي للحزب بمناسبة افتتاح البرلمان: «نحن نقول إن البراءة هي الأصل، ولن أتحدث عن خرق سرية التحقيق، إلا أنه لدينا الثقة بأن شروط المحاكمة العادلة، وحسب المعطيات التي لدينا، متوفرة، وثقتنا يجب أن تكون في القضاء».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم