الحكومة السودانية تفشل في إقناع المهدي بالمشاركة في الحوار الوطني

حزب الأمة المعارض يعتبر قبول البشير لشروطه استهلاكًا سياسيًا

الحكومة السودانية تفشل في إقناع المهدي بالمشاركة في الحوار الوطني
TT

الحكومة السودانية تفشل في إقناع المهدي بالمشاركة في الحوار الوطني

الحكومة السودانية تفشل في إقناع المهدي بالمشاركة في الحوار الوطني

فشلت جهود الحكومة السودانية في إقناع الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي المعارض للمشاركة في الحوار، الذي تعد له ويتوقع أن تبدأ فعالياته غدًا، وقالت إنه اعتذر عن حضور جلسة الافتتاح، بيد أنها لم تقطع بإمكان مشاركته في فعاليات الحوار المقرر أن يستمر ثلاثة أشهر، وفي غضون ذلك، كشف الحزب عن ضغوط عنيفة مورست على رئيسه من قبل مسؤولين حكوميين لإقناعه بالمشاركة في الحوار، وأوضح أن الحوار الوطني المزمع عقده لا يمثله ولا علاقة له به، رغم اعتباره الحوار مبدأ استراتيجيًا.
وقال مساعد الرئيس السوداني إبراهيم محمود في مؤتمر صحافي عقدته الأمانة العام للحوار الوطني وآلية الحوار الوطني المعروفة بـ«7+7» أمس، إنه اجتمع برئيس حزب الأمة الصادق المهدي في العاصمة المصرية القاهرة، ضمن وفد أرسله الرئيس عمر البشير خصيصًا لإقناع الزعيم المعارض بالمشاركة في الحوار الوطني.
وأوضح محمود أنه قاد مع مساعد الرئيس ونجل المهدي عبد الرحمن، اتصالات مكثفة معه، بيد أنهم لم يفلحوا في إشراكه في جلسات الحوار، وأضاف موضحًا أن «المهدي أبلغنا خلال اللقاء أنه لا يستطيع حضور انطلاق مؤتمر الحوار المقرر غدًا (السبت)»، في وقت راجت فيه تكهنات قوية بمشاركة المعارض البارز، بيد أن حزبه نفاها وقال إنها شكل من أشكال الضغوط لإظهاره كأنه سيشارك في الحوار، ولإحراجه أمام حلفائه، وضرب التحالفات المعارضة التي يشارك فيها الحزب.
وأبقى محمود الباب مفتوحًا أمام المهدي للحاق بالحوار الذي يتوقع أن يستمر طوال فترة شهر إلى ثلاثة أشهر، منددًا بما سماه تمسك المعارضة بإجراء الحوار تحت مظلة أجنبية، وقال في هذا الشأن إنه «لم يحدث أن أجري حوار وطني تحت مظلة أجنبيه في كل أنحاء العالم».
وأضاف محمود أن اللجان المختصة أكلمت استعداداتها لانطلاقة الحوار، بما في ذلك الاتفاق على طريقة اتخاذ القرارات، والتي تم الاتفاق على أن تتم بالتوافق، أو بموافقة 90 في المائة من جملة أعضاء المؤتمر، بما يحول دون فرض جهة محددة لرأيها في الحوار، ولا سيما أن أي حزب مهما كان وزنه يشارك بصوت واحد في التصويت.
من جهته، قال نائب رئيس الأمة القومي فضل الله برمة في مؤتمر صحافي أمس، إن حزبه بجميع مؤسساته ممثلة في رئيسه يقاطع الحوار الذي وصفه بـ«المزعوم».
وأوضح برمة أن حزبه، رغم اعتباره للحوار خيارًا استراتيجيًا وأقل الخيارات كلفة، لكنه يرى أنه بالصيغة المزمعة «معيب ويفتقد لكل المقومات التي تؤدي لوقف الحرب ووقف المأساة الإنسانية التي يعاني منها الملايين».
وجدد نائب رئيس الحزب التأكيد على تمسكه بالحوار الذي دعت له الآلية الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة الجنوب أفريقي ثابو مبيكي، وفقًا لقرار مجلس السلم والأمن الأفريقي رقم 539، واعتبره ملزمًا له بما في ذلك عقد مؤتمر تحضيري للحوار في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وبترتيبات تلزم النظام بتهيئة مناخات الحوار، بما في ذلك وقف إطلاق النار، والعفو عن المحكومين السياسيين، وإسقاط الأحكام الصادرة بحق قادة الحركات المسلحة، وإطلاق سراح المعتقلين.
ووصف الحزب ترحيب الرئيس عمر البشير بنداء رئيسه المهدي في عيد الأضحى الماضي بأنه لـ«الاستهلاك السياسي، ومحاولة للتغبيش على الرأي العام، إذا لم تصدر الرئاسة مرسومًا بصورة رسمية تعلن فيه قبوله بهذا النداء».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.