تونس: نجاة نائب برلماني من الحزب الحاكم من محاولة اغتيال

توقعات بأن يلحق الحادث مزيدًا من الأضرار بالقطاع السياحي

شرف الدين رضا (يسار) يعانق أحد المواطنين بعد نجاته من محاولة اغتيال في مدينة سوسة أمس (إ.ب.أ)
شرف الدين رضا (يسار) يعانق أحد المواطنين بعد نجاته من محاولة اغتيال في مدينة سوسة أمس (إ.ب.أ)
TT

تونس: نجاة نائب برلماني من الحزب الحاكم من محاولة اغتيال

شرف الدين رضا (يسار) يعانق أحد المواطنين بعد نجاته من محاولة اغتيال في مدينة سوسة أمس (إ.ب.أ)
شرف الدين رضا (يسار) يعانق أحد المواطنين بعد نجاته من محاولة اغتيال في مدينة سوسة أمس (إ.ب.أ)

نجا التونسي رضا شرف الدين، القيادي في حركة نداء تونس والنائب البرلماني، ورئيس أحد النوادي الرياضية التونسية الكبرى، من محاولة اغتيال استهدفته صباح أمس في مدينة سوسة الساحلية (140 كلم جنوب شرقي العاصمة).
وتعرض شرف الدين لوابل من الرصاص بعد استهداف سيارته من قبل مجهولين، أثناء توجهه إلى مقر عمله بسوسة، وقال شهود عيان إنه تعرض لنحو 30 رصاصة، لكنّ عددًا قليلاً منها أصاب السيارة من جميع الجوانب دون أن يصاب شرف الدين بأذى.
وإثر نجاته من محاولة الاغتيال قال شرف الدين، إنه «ولد من جديد»، وقدم تفاصيل حول العملية، لكنه أوضح أنه لا يعرف لماذا وقع استهدافه.
وبسؤاله عن الأسباب التي قد تكون سبب إقدام الجناة على محاولة قتله في هذا الظرف بالذات؟ وإن كانت للعملية ارتباط بتصريحات الإعلامي معز بن غربية التي تحدث فيها عن شبكات الفساد ومحاولة اغتياله كذلك، قال شرف الدين إنه لا علاقة له بأمر بن غربية، علمًا بأن شرف الدين يعد من بين المساهمين في قناة التاسعة التلفزيونية، التي أسسها معز بن غربية منذ أشهر قليلة، والتي تعيش أزمة مالية خانقة.
وبخصوص تفاصيل الحادث، قال وليد اللوقيني المكلف الاتصال في وزارة الداخلية التونسية، في تصريح إعلامي، إن المؤسسة الأمنية خصصت حماية أمنية خاصة لشرف الدين وعائلته، ولمنزله ومقر عمله بعد أن أعطى وزير الداخلية أوامر بذلك، خاصة وأن شرف الدين لم يكن يتمتع بحماية أمنية شخصية في السابق، كما لم يتلق أي تهديد بالقتل.
وأوردت مصادر أمنية تونسية، أن النائب البرلماني تعرض لمحاولة اغتيال باستعمال سلاح جماعي، مستبعدة فرضية إطلاق النار من بندقية صيد، وقالت إنه تعرض لثماني رصاصات أطلقت من سيارة رباعية الدفع بيضاء اللون، وإن محاولة الاغتيال قد تكون جرت من طرف شخصين على الأقل.
ومن المرجح أن يؤثر الإعلان عن محاولة الاغتيال الجديدة على أداء السياحة في منطقة سوسة التي تعرف بكونها من أهم معاقل السياحة التونسية، والتي شهدت يوم 26 يونيو (حزيران) الماضي هجومًا إرهابيًا أدى إلى مقتل 39 سائحًا أجنبيًا، وجرح نحو 40 آخرين، معظمهم من السياح البريطانيين.
وفي رد فعله على هذا الهجوم، قال محسن مرزوق، الأمين العام لحركة نداء تونس، إن محاولة الاغتيال لها علاقة بشبكات الإرهاب، التي تنتظر الأوامر لتنفيذ عمليات اغتيال أخرى على غرار ما حصل لقيادي «نداء تونس»، حسب تقديره، مضيفًا أن تونس في حرب طويلة مع الإرهاب، وأن شبكات الإرهاب والفساد تتقدم وتستفيد من ضعف الدولة، وتتغذى من الوضع الحالي القائم في تونس.
ويتزامن الإعلان عن فشل عملية الاغتيال السياسي للنائب رضا شرف الدين مع تصريح حمة الهمامي، المتحدث باسم تحالف الجبهة الشعبية اليساري ودعوته الجبهويين (أنصار الجبهة الشعبية) إلى الاستعداد لحكم تونس، حيث أوضح حمة أن مشاركة اليسار في الحكم لن تكون وفق المحاصصة الحزبية، بل وفق برامج سياسية وبدائل اقتصادية واجتماعية واضحة، تستجيب لتطلعات التونسيين وانتظاراتهم.
وتنادي عدة أطراف سياسية في تونس بضرورة إجراء تحوير على تركيبة الحكومة الحالية التي يقودها الحبيب الصيد، بعد أن أظهرت الإحصائيات الأخيرة أن نسبة النمو الاقتصادي ستكون سلبية مع نهاية السنة الحالية. فيما انتقدت أحزاب المعارضة توقيت الإعلان عن محاولة الاغتيال بقولها إن الحكومة ستتوارى مجددًا وراء خطر الإرهاب لدرء فشلها في مجالي التنمية والتشغيل، وأنها قد تسعى مجددًا إلى إعلان حالة الطوارئ لاستباق تحركات اجتماعية منتظرة.
يذكر أن الرئيس التونسي رفع حالة الطوارئ قبل أيام بعد نحو ثلاثة أشهر من اتخاذه قرار في هذا المجال.
وانتقد الهمامي في تصريح إذاعي حكومة الحبيب الصيد، وقال إنها «عاجزة وفاشلة على جميع المستويات». كما شكك في قدرة حركة نداء تونس وحركة النهضة على الحكم والاستجابة لطموحات التونسيين، وتوقع انهيار الائتلاف الحاكم.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.