المغرب: الصناعيون يشتكون من إغراق السوق بواردات الخزف الإسباني

بينما يحذر المستوردون من الاحتكار

المغرب: الصناعيون يشتكون من إغراق السوق بواردات الخزف الإسباني
TT

المغرب: الصناعيون يشتكون من إغراق السوق بواردات الخزف الإسباني

المغرب: الصناعيون يشتكون من إغراق السوق بواردات الخزف الإسباني

ارتفعت درجة حرارة النزاع حول الخزف المستعمل في المباني بين الصناع المحليين في المغرب والمستوردين، فبينما يطالب الصناع المحليون الحكومة بالتعجيل باتخاذ إجراءات حماية ضد إغراق السوق بالمنتجات الرخيصة المستوردة من إسبانيا وإيطاليا، يرد المستوردون باتهام المنتجين المحليين بالارتكان إلى الحماية بدل التطور، والسعي لتعزيز هيمنة الاحتكار على السوق الداخلية.
وتقف في جانب من الحلبة الجمعية المهنية لصناعة السيراميك، التي تدعي الدفاع عن 23 شركة تشغل 3500 شخص، بينما تقف في الجانب الآخر جمعية مستوردي السيراميك التي تدعي عضوية 70 شركة تشغل ألفي شخص.
الصراع بين الطرفين ليس جديدا. ففي سنة 2005 كسبت جمعية الصناعيين المحليين المعركة ضد المستوردين، وحصلت على إجراءات حماية من طرف الحكومة، تضمنت فرض حصص على الواردات من الصين ومصر وتركيا والإمارات، إضافة إلى فرض رسم إضافي على الواردات. وطبقت هذه الإجراءات خلال الفترة من 2006 إلى 2010.
اليوم تعود جمعية الصناعيين المحليين للسيراميك بمطالب جديدة، تتعلق بالواردات القادمة من إسبانيا. ويقول محسن لزرق، رئيس جمعية الصناعيين المحليين: «لا حظنا نموا مقلقا للواردات من إسبانيا خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، والتي بلغت مستوى يهدد بإغلاق المنشآت الصناعية المغربية بسبب الأسعار المنخفضة بشكل غير معقول». ويضيف لزرق «الواردات الإسبانية بلغت 16 مليون متر مربع في 2014 مقابل 3 ملايين متر مربع فقط في 2010، حسب الإحصائيات الرسمية. واستطاعت أن تكتسح 35 في المائة من السوق بعد أن كانت حصتها دون 10 في المائة في 2010». والسر وراء هذا الاكتساح حسب لزرق هو الإغراق.
ويضيف قائلا: «السبب هو حدوث تحول عميق في السوق الدولية. فالسعودية التي تعتبر من كبار مستوردي الخزف الإسباني تمكنت من تطوير صناعة محلية قوية تتجه لكفاية الحاجيات المحلية. أما الاتحاد الأوروبي فيعرف تراجعا قويا في الاستهلاك بسبب الركود الاقتصادي، والسوق الإسبانية نفسها تعاني من الكساد. كل هذا نتج عنه مخزون كبير في المنتجات وفائض في القدرات الإنتاجية، الشيء الذي دفع إسبانيا إلى البحث عن منافذ جديدة لتفريغ مخازنها وضمان استمرار النشاط لصناعتها».
غير أن ولوج السوق المغربية من طرف المنتوج الإسباني «لم يتم وفق قواعد المنافسة النزيهة»، حسب لزرق. ويضيف: «تم إدخال المنتجات الإسبانية بأسعار غير قابلة للمنافسة، حتى من طرف المنتجات الإماراتية. فالسعر عند الاستيراد انخفض من 7.4 دولار للمتر مربع في 2010 إلى 3.6 دولار للمتر مربع حاليا، أي بهبوط يناهز 51 في المائة، ناهيك عن الغش في التصاريح الجمركية وعدم احترام المعايير من حيث الوزن المطلوب لكل متر مربع». وأوضح لزرق أن كلفة الإنتاج في إسبانيا تقدر بنحو 3.5 دولار للمتر المربع، إذا أضيفت إليها تكاليف النقل فستصل الكلفة عند الحدود المغربية إلى نحو 4.6 دولار، وهو ما يؤكد أن المنتجات الخزفية الإسبانية تصدر للمغرب بأسعار أقل من كلفتها. ويضيف لزرق: «لا يمكن العمل في ظل هذه الظروف. ولدينا ثلاث شركات اضطرت للتوقف في الأشهر الأخيرة، وشركات أخرى مهددة». ويرى لزرق أن المغرب لم يعد في حاجة للواردات بعد الاستثمارات الكبرى التي عرفها القطاع في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن القدرة الإنتاجية المغربية بلغت مستوى 100 مليون متر مربع، بزيادة 30 في المائة مند 2004، كما استطاعت الشركات الرفع من إنتاجيتها بنسبة 40 في المائة، مع إدخال تقنيات عالية في مجالات الطباعة والتزيين والزخرفة. وأضاف لزرق «نقطة الضعف الوحيدة التي ما زلنا نعاني منها هي كلفة الطاقة.
فشراء طن من الغاز في المغرب يكلفنا 1.45 دولار فيما يكلف في إسبانيا 400 دولار. وسبق للحكومة أن وعدتنا بالعمل على إيجاد حل لهذه المشكلة، غير أننا لم نر شيئا حتى الآن».
أما الشركات المستوردة فتنظر للأمور من زاوية مختلفة. ويقول يوسف بالقايد، رئيس جمعية مستوردي الخزف: «نحن أمام قطاع استكان لوضعية احتكارية على أساس إجراءات حماية اتخذت قبل 20 سنة على أساس معطيات مغلوطة. نحن أمام قطاع متخلف فشل في تأهيل ذاته وترقيتها لمستوى ما تتطلبه المنافسة الدولية والتوجه صوب الأسواق الخارجية».
ويضيف بالقايد: «لا يمكن الحديث عن صناعة وطنية، في حين أن كل مدخلات الإنتاج من آليات ومواد وملونات وتقنيات مستوردة باستثناء الماء والطين اللذين يمثلان نحو 10 في المائة من كلفة الإنتاج، من دون الحديث عن الشروط غير الصحية والمضرة بالبيئة التي تستغل فيها هذه الموارد الطبيعية».
وحذر بالقايد من أن تؤدي مسايرة الحكومة لمطالب الصناعيين إلى تعريض المغرب لمخاطر المعاملة بالمثل من طرف الدول المتضررة. ويقول: «بسبب مطلبهم نتعرض لمضايقات لا تحصى على الحدود. فالسلطات تفرض علينا رسوما على أساس قيمة جمركية مبالغ فيها، كما تتعرض وارداتنا للوزن بشكل منهجي، وتؤخذ منها عينات لتحلل في المختبرات، وتفرض علينا معايير لا يحترمها الصناعيون المحليون».
وأضاف بالقايد: «رقم المعاملات السنوي للصناعة المحلية للسيراميك ارتفع من 1.5 مليار درهم (150 مليون دولار) في 2010 إلى 3.5 مليار درهم (350 مليون دولار) حاليا، أي بنحو 150 في المائة، في الوقت الذي ارتفع فيه الإنتاج الداخلي الإجمالي للمغرب خلال الفترة نفسها بنحو 25 في المائة فقط. فهل هذا حال قطاع منكوب يعاني مشاكل الإغراق؟.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.