اتصالات إسرائيلية فلسطينية أولية لتهدئة الأوضاع

وزراء ونواب اليمين المتطرف يرفضون ويطالبون باجتياح الضفة الغربية

اتصالات إسرائيلية فلسطينية أولية لتهدئة الأوضاع
TT

اتصالات إسرائيلية فلسطينية أولية لتهدئة الأوضاع

اتصالات إسرائيلية فلسطينية أولية لتهدئة الأوضاع

على الرغم من أجواء التوتر والتحريض واستمرار الهجمات الاحتلالية والصدامات الدامية، بث وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون، رسائل تهدئة. وصرح بأن إسرائيل لا تعتزم تصعيد الأوضاع وتوسيعها إلى عملية اجتياح للضفة الغربية كما حصل في سنة 2002. وذكرت مصادر مقربة منه أن هناك مساعي لعقد «جلسة تنسيق وتفاهم للتهدئة».
وكان المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية الإسرائيلي، قد عقد جلسة مطولة له استمرت حتى ساعات فجر أمس، وأقر سلسلة من الإجراءات التي طرحها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لمواجهة ما اسماه «موجة الإرهاب الحالية». فقد كلف المجلس وزيرة العدل، اييلت شكيد، باستحداث آلية لتقصير مدة الإجراءات المطلوبة لهدم منازل منفذي العمليات الفلسطينيين. كما تقرر الاستمرار في تكثيف قوات الجيش الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية تبعًا للاحتياجات الميدانية وتعزيز قوات الشرطة في القدس الشرقية بمئات من أفرادها، وتكليف الشرطة بالعمل في عمق الأحياء العربية فيها. وصادق المجلس أيضًا على تفعيل الاعتقالات الإدارية ضد من يعتبرهم مشاغبين، وتسريع الإجراءات التشريعية الرامية إلى فرض حد أدنى من العقوبات عليهم، وكذلك فرض غرامات على قاصرين يقومون بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة وعلى أولياء أمورهم. وأكد المجلس مجددًا «التزام إسرائيل بالوضع القائم في الحرم القدسي الشريف». وقرر اتخاذ إجراءات صارمة لمنع المواطنين الإسرائيليين اليهود من «التصرف على هواهم ردًا على أي اعتداءات عليهم». وأكد نتنياهو أن الحكومة «ستواصل القيام بكل ما يلزم لمكافحة الإرهاب إلى حين تحقيق الانتصار عليه كما حدث في السابق».
وقد اعتبر المراقبون هذه القرارات محاولة انتهازية لإرضاء كل الأذواق في إسرائيل، مما جعل اليمين المتطرف يهب لمعارضتها ويطالب بإجراءات أخرى قمعية واستيطانية. وتظاهر أمام منزل نتنياهو آلاف نشطاء اليمين، وكان بينهم عدد من وزراء حكومة نتنياهو، وطالبوه «بتشديد الحرب ضد المشاغبين». وحضرت المظاهرة نائبة نتنياهو في وزارة الخارجية، تسيفي حوطوبيلي، ومعها ما لا يقل عن أربعة وزراء ونواب، أعربوا عن دعمهم للمستوطنين، رغم أنهم حرصوا على التوضيح بأنهم لم يحضروا لمهاجمة الحكومة التي يجلسون فيها. ومن بين هؤلاء كان الوزير ياريف ليفين الذي ألقى كلمة قال فيها إنه «يوجد خيط يربط بين أحداث الإرهاب الأخيرة وخطاب الإرهابي المسمى رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن. ونحن هنا من أجل تدعيم الحكومة كي تقوم بالأمور التي نؤمن بها جميعا. من يعتقد أنه يمكن للإرهاب أن ينتصر على روح شعب إسرائيل ويمكنه منعنا من تطبيق الحق التاريخي على كل جزء من أرض إسرائيل من المهم أن يرانا هنا ويفهم بأنه لا يمكن الانتصار علينا». كما شارك وزير الرفاه حاييم كاتس وألقى كلمة قال فيها: «جئنا إلى هنا كي نطالب حكومة إسرائيل بتشديد العقوبة على المخربين بشكل دراماتيكي وتوسيع البناء في كل أنحاء إسرائيل، في يهودا والسامرة وبنيامين والقدس. تجميد البناء يشجع الأوغاد، وتجميد البناء يترجم كضعف، ولذلك يجب البدء بالبناء المكثف».
وانضم إلى الخطباء النائب أورون حزان الذي هاجم وزير الأمن يعلون، وطالب رئيس الحكومة «بفرض عقوبة الإعدام على المخربين، وبناء حي استيطاني مقابل كل حجر يرشقونه». وقال: «سيدي رئيس الحكومة، ليس لديك وزير أمن، لديك وزير عدم الأمن، يجب أن تضعه في مكانه وتغير أوامر فتح النيران».
وعرض الوزير نفتالي بينت خلال جلسة المجلس الوزاري خطة «لاجتثاث الإرهاب الفلسطيني» وفي مركزها تقديم دعم كامل لقوات الأمن في الميدان، وإعادة اعتقال كل محرري صفقة شاليط والمصادقة على البناء في الضفة ردا على كل عملية، لكن وزير الأمن يعلون قام قبل الجلسة بمهاجمة وزيري البيت اليهودي بينت واييلت شكيد دون أن يذكرهما بالاسم، حيث قال إن «سلوك بعض الوزراء يغذي ويشحن المواطنين على فقدان أي كابح وأخذ القانون إلى أياديهم. أنا أدعوهم مع أعضاء الكنيست ومنتخبي الجمهور في المستوطنات إلى التوقف عن التصريحات غير المسؤولة».
وأوضحت جهات مقربة من يعلون أمس أنه لا يوجد أي أساس لما نشر حول استعداد إسرائيل لتنفيذ عملية عسكرية في الضفة. وقالوا: «نحن لسنا متوجهين نحو عملية السور الواقي 2». ورفضت المصادر الأمنية اعتبار ما يحدث بمثابة انتفاضة ووصفوا الأحداث بأنها موجة إرهاب. بدوره رأى رئيس المعارضة إسحاق هيرتسوغ أنه «تتوجب محاربة الإرهابيين لكن يتعين على الحكومة أيضًا إطلاق مبادرة سياسية بالتعاون مع جهات عربية معتدلة، ومنها ملك الأردن». ورأى هيرتسوغ أن رئيس الوزراء أخفق في ضمان أمن المواطنين الإسرائيليين، معتبرًا أن الإجراءات المقررة الآن كان بالإمكان اعتمادها قبل أسابيع.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».