الحوار الوطني اللبناني يصطدم باشتراط حزب الله رئيسًا يبدد هواجسه

أهالي العسكريين المختطفين يعتصمون.. وقوى الأمن تعتقل ناشطًا في الحراك المدني

أهالي الجنود اللبنانيين المختطفين لدى «داعش» و«النصرة» تجمعوا في مظاهرات احتجاجية أمس في بيروت وأغلقوا كورنيش الروشة (إ.ب.أ)
أهالي الجنود اللبنانيين المختطفين لدى «داعش» و«النصرة» تجمعوا في مظاهرات احتجاجية أمس في بيروت وأغلقوا كورنيش الروشة (إ.ب.أ)
TT

الحوار الوطني اللبناني يصطدم باشتراط حزب الله رئيسًا يبدد هواجسه

أهالي الجنود اللبنانيين المختطفين لدى «داعش» و«النصرة» تجمعوا في مظاهرات احتجاجية أمس في بيروت وأغلقوا كورنيش الروشة (إ.ب.أ)
أهالي الجنود اللبنانيين المختطفين لدى «داعش» و«النصرة» تجمعوا في مظاهرات احتجاجية أمس في بيروت وأغلقوا كورنيش الروشة (إ.ب.أ)

التأمت الجلسة الرابعة لهيئة الحوار الوطني اللبناني يوم أمس الثلاثاء، برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مبنى المجلس في وسط بيروت، على وقع تحركين شعبيين، الأول قاده ذوو العسكريين المختطفين لدى «جبهة النصرة» وتنظيم داعش، بهدف الضغط على المتحاورين لتحريك ملف أبنائهم الذين مضت على أسرهم سنة ونصف السنة، والثاني نفذته مجموعات الحراك المدني التي تطالب السلطة السياسية بإيجاد حلّ سريع لأزمة النفايات، قبل حلول موسم الشتاء والسيول وما قد ينجم عنها من كوارث صحية وبيئية.
وقد كرّس ملف رئاسة الجمهورية، والذي لا يزال البند الأساسي على جدول أعمال المتحاورين، التباعد السياسي بين فريقي 8 و14 آذار، خاصة بعد الطرح الجديد الذي تقدم به ممثل حزب الله على طاولة الحوار أمس، وإصراره على أن أي رئيس جديد للجهورية يجب أن يتفاهم مع الحزب مسبقا على الاستراتيجية التي سيعتمدها خلال ولايته الرئاسية، وهو ما قوبل برفض فريق «14 آذار» الذي رأى في هذا الشرط الجديد «نسفا للدستور وللانتخابات وللمعادلة السياسية القائمة في لبنان».
وبرأي وزير الاتصالات بطرس حرب، أحد أعضاء طاولة الحوار، فإن «أجواء الحوار ليست جيدة ولا تبعث على التفاؤل، بعد طرح حزب الله الذي ينسف الدستور»، مؤكدا أن «أحدا لن يوافق عليه لأنه يلغي لبنان الدولة والمؤسسات ويكرس منطق الدويلة». وقال حرب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن جلسة الحوار الرابعة لم تحمل أي جديد إيجابي، لكنها انطوت على مفاجأة تمثلت في تصلّب حزب الله أكثر في الملف الرئاسي، بعدما أعلن صراحة أنه لن يكون هناك رئيس للجمهورية إلا إذا تفاهم معه مسبقا على الاستراتيجية التي سيعتمدها خلال ولايته». وأضاف أن هذا الموقف «يطيح بالدستور والقانون والانتخابات وبالأكثرية، ومعنى ذلك أنه لا رئيس للجمهورية إلا إذا وافق عليه حزب الله، أو إذا كان ميشال عون هو الرئيس».
وعن الجدوى من استمرار الحوار الذي أراده بري مكثفا باعتبار أنه تم عقد جلسة صباحية وأخرى مسائية يوم أمس على أن تستمر هذه الوتيرة خلال اليومين المقبلين، أكد وزير الاتصالات أنه «لا جدوى من لقاءات تؤدي إلى تعطيل السلطة، لكن الرئيس نبيه بري يشدد على أن استمرار الحوار أفضل من القطيعة». وشدد على أن «الحوار لا يزال مستمرا حول بند رئاسة الجمهورية، ونحن رفضنا الانتقال إلى أي ملف آخر قبل حسم هذا الموضوع، مع علمنا بأن الأمور ستبقى تراوح مكانها في ظلّ تعنت حزب الله، علما بأننا تفاهمنا في بداية الجلسة على ضرورة أن تطبق الحكومة خطة الوزير أكرم شهيب (وزير الزراعة) لحلّ أزمة النفايات بشكل عاجل». وأوضح حرب أن «المطلوب أن تمارس الحكومة دورها في موازاة الحوار، لا أن تبقى معطلة ومعلقة على نتائجه المتعسرة».
وغادر رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون جلسة الحوار، يرافقه النائب في التكتل إبراهيم كنعان، بعد ساعتين من انطلاقتها، لأسباب صحية. لكن الأخير عاد ومثّل عون في الجلسة المسائية. وقال عون في تصريح له «إن الحوار بين الكتل النيابية في المجلس النيابي مستمر»، متمنيا أن «تكون نتائجه جيدة». فيما نقل عن رئيس كتلة حزب الله النيابية النائب محمد رعد قوله خلال جلسة الحوار «إن حزب الله لن ينتخب إلا الرئيس الذي يبدد الهواجس لدى الحزب».
وكان أهالي العسكريين قطعوا أمس الطريق في منطقة الروشة في بيروت بالاتجاهين، رفضا لتجاهل قضية أبنائهم. وتحدث باسمهم حسين يوسف، والد الجندي المخطوف محمد يوسف، فقال: «ليعلم جميع السياسيين من وزراء ونواب أننا سنقطع الطريق أمام منازلهم وسنواصل تصعيدنا حتى إنهاء ملف المخطوفين». وأشار إلى أن «تحرك اليوم (أمس) هو لإعادة ملف العسكريين إلى الضوء، بعد أن أخذ الحراك المدني الأضواء كلها».
ومن الروشة انتقل أهالي العسكريين إلى منطقة عين التينة، حيث مقر إقامة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأعلنوا أن وقفتهم رمزية ليقولوا لرئيس المجلس «إن دمعتك (على العسكريين) يجب أن تترجم على الأرض ليعودوا إلى عائلاتهم». ومن هناك أعلن يوسف باسم الأهالي أن «الاعتصام في هذه النقطة بالذات بعد طريق المطار هو للقول إنه لا خط أحمر لدينا سوى ملف العسكريين الذي يمثل كل لبنان». وتوجه إلى السياسيين بالقول: «العسكريون اختطفوا على عهدكم وعليكم إيجاد الحل شئتم أم أبيتم».
في موازاة هذا التحرّك، اعتصم العشرات من شباب الحراك المدني أمام مصرف لبنان في منطقة الحمراء، مطالبين الحكومة بحل سريع لأزمة النفايات وضرورة رفعها بشكل عاجل من الطرق». وقال المعتصمون، في بيان تلاه باسمهم الناشط أسعد ذبيان: «وعودكم لا تكفي، ونحن سنتحرك اليوم وغدا وبعده من أجل إصدار القرارات والمراسيم. يتحدثون عن خطة انتقالية في مطمر الناعمة أو أي خطة غيرها، ويعدون بمراحل انتقالية من دون مراسيم وقرارات، وهذا مرفوض».
وبعد انتهائه من تلاوة البيان أقدم ذبيان على تدوين عبارة «طلعت ريحتكم» على الجدار الإسمنتي الموضوع في محيط وزارة الداخلية والمرسوم عليه العلم اللبناني، فسارع عناصر قوى الأمن الداخلي إلى توقيفه، معتبرين أن ما كتبه يشكل إهانة للعلم اللبناني. وقد تم الإفراج عن ذبيان بعد ساعات.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.