أزمة الهجرة الحالية ليست الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية

القضية الفلسطينية وحرب البوسنة أدّتا إلى نزوح الملايين عبر السنين

مهاجرون يركضون باتجاه الحدود النمساوية من قرية هيغيشالوم في المجر أمس (رويترز)
مهاجرون يركضون باتجاه الحدود النمساوية من قرية هيغيشالوم في المجر أمس (رويترز)
TT

أزمة الهجرة الحالية ليست الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية

مهاجرون يركضون باتجاه الحدود النمساوية من قرية هيغيشالوم في المجر أمس (رويترز)
مهاجرون يركضون باتجاه الحدود النمساوية من قرية هيغيشالوم في المجر أمس (رويترز)

أصبحت أزمة المهاجرين توصف في الصحافة والخطابات السياسية بـ«أسوأ أزمة هجرة منذ الحرب العالمية الثانية» بشكل تلقائي، إلا أن بعض المؤرخين يعارضون هذه النظرية ويعتبرون موجة المهاجرين الضخمة التي تشهدها أوروبا اليوم سيئة، لكنها ليست الأسوأ.
وفيما يبقى تحديد أرقام دقيقة لأزمة الهجرة الحالية عملية معقدة لأن الظاهرة ما زالت مستمرة، إلا أن المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة لا تتوقع تراجع وتيرة عبور الأعداد الكبيرة من اللاجئين للمتوسط للوصول إلى أوروبا هربًا من الحرب الأهلية في سوريا، مع تلاشي أمل إرساء السلام في هذا البلد في المستقبل المنظور.
ويعارض المؤرخون تسمية هذه الأزمة بـ«الأسوأ»، خصوصًا مقارنة مع الحرب العالمية الثانية لأنهم يفرقون بين الحرب نفسها وحركة النزوح الضخمة في القارة الأوروبية خلال النصف الثاني من الأربعينات. ويستمر الجدل حول الأرقام، لكن هناك دراسات تفيد بأن أكثر من 11 مليون ألماني طردوا من دول أوروبية أخرى بعد الحرب، حسبما قالت باميلا بالينغر، الخبيرة في شؤون اللاجئين في جامعة ميتشيغن، لوكالة الصحافة الفرنسية.
وخلال الحرب الباردة، أرغم مليوني روسي كانوا يعيشون خارج البلاد على العودة إلى الاتحاد السوفياتي، فيما أرغم مئات آلاف اليهود، بقي الكثير منهم في الاتحاد السوفياتي خلال سنوات الحرب، على الرحيل. وتقلل هذه الأرقام نسبيًا من شأن الأزمة الحالية، لأن عدد المهاجرين خصوصًا من الشرق الأوسط وأفريقيا الذين وصلوا إلى سواحل أوروبا خلال السنوات الثلاث الأخيرة لا يزال يقل عن مليون، حسب الأرقام الرسمية.
وعندما ننظر إلى تاريخ أوروبا منذ توقيع اتفاق ماستريخت لإنشاء الاتحاد الأوروبي عام 1991، يتبين أن عبارة «أسوأ أزمة» تنطبق على الأزمة الحالية، مع استثناء حرب البوسنة. ففي حرب البوسنة بين عامي 1992 و1995، أعلنت المفوضية العليا للاجئين أنها تسببت في «أكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية». ذلك حيث أرغم ما لا يقل عن 2.5 مليون شخص على هجرة منازلهم في البوسنة، بينهم 1.3 مليون نازح و500 ألف لاجئ إلى دول الجوار، و700 ألف لاجئ انتقلوا إلى أوروبا الغربية وفقًا للمفوضية. والمفارقة الأساسية بين أزمة البوسنة والأزمة الحالية هي أن معظم الأشخاص هاجروا قرب ديارهم ولم يأتوا من قارات أخرى. كما أن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى التي كانت تهتم بمهاجري البوسنة كانت تنشط في منطقة النزاع، خلافًا لما يحصل اليوم بحيث لا يستلزم تقديم مساعدة للمهاجرين الذين يصلون إلى اليونان مفاوضات مع مسلحين مثلا. ورغم حالة الجمود في البداية، نجحت دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة في إيجاد حل سياسي لحرب البوسنة، مما ساهم في النهاية في احتواء أزمة اللاجئين. في المقابل، تبقى آفاق حل سياسي للملف السوري غير أكيدة.
أما على الصعيد العالمي، فإن إنشاء دولة باكستانية مستقلة في 1947 أدى إلى نزوح 14 مليون شخص، بمن فيهم مسلمون فروا من الهند إلى باكستان، وهندوس من باكستان فروا إلى الهند. كما أفضت الحرب الأهلية في باكستان إلى تهجير 10 ملايين شخص في 1971، رغم أن معظمهم عادوا إلى ما أصبحت دولة بنغلاديش المستقلة.
من جهة أخرى، أدّى النزاع الفلسطيني، الذي استمر بعد قيام إسرائيل في 1948، إلى تهجير 720 ألف فلسطيني وفقًا للأمم المتحدة. وأحصت وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن الأشخاص الذين هجروا من الأراضي الفلسطينية، هذا العام، أكثر من خمسة ملايين لاجئ، بينهم أحفاد الذين عاشوا في فلسطين بين عامي 1946 و1948.
وفي رواندا، التي شهدت مجازر أودت بحياة 800 ألف شخص عام 1994، هجر نحو 3.5 مليون شخصًا، أي ما يعادل نصف عدد سكان البلد. وهجر 1.5 مليون على الأقل داخل البلاد، في حين لجأ مليونان إلى دول الجوار مع تقدم قوات التمرد إلى العاصمة كيغالي قبل إطاحة الحكومة التي كانت مسؤولة عن المجازر.
ويذكر أن معظم الأشخاص الذين فروا من الحرب الأهلية في سوريا لم يأتوا إلى أوروبا، إذ لجأ أكثر من أربعة ملايين سوري إلى الدول المجاورة، في حين نزح 7.6 مليون آخرين إلى مناطق أخرى داخل سوريا.



بيان منسوب لبشار الأسد: غادرت بطلب روسي في اليوم التالي لسقوط دمشق

TT

بيان منسوب لبشار الأسد: غادرت بطلب روسي في اليوم التالي لسقوط دمشق

الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)
الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد (رويترز - أرشيفية)

نفى الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، أن يكون قد غادر سوريا «بشكل مخطَّط له كما أُشيع»، مؤكداً: «بل بقيت في دمشق أتابع مسؤولياتي حتى ساعات الصباح الأولى من يوم الأحد 8 ديسمبر (كانون الأول)».

وأوضح الأسد، في بيان منسوب إليه نشرته حسابات تابعة للرئاسة السورية على مواقع التواصل الاجتماعي: «مع تمدد (الإرهاب) داخل دمشق، انتقلتُ بتنسيق مع الأصدقاء الروس إلى اللاذقية لمتابعة الأعمال القتالية منها».

وأضاف: «عند الوصول إلى قاعدة حميميم صباحاً تبيَّن انسحاب القوات من خطوط القتال كافة وسقوط آخر مواقع الجيش. ومع ازدياد تدهور الواقع الميداني في تلك المنطقة، وتصعيد الهجوم على القاعدة العسكرية الروسية نفسها بالطيران المسيّر، وفي ظل استحالة الخروج من القاعدة في أي اتجاه، طلبت موسكو من قيادة القاعدة العمل على تأمين الإخلاء الفوري إلى روسيا مساء يوم الأحد 8 ديسمبر».

وتابع: «مع سقوط الدولة بيد (الإرهاب)، وفقدان القدرة على تقديم أي شيء يصبح المنصب فارغاً لا معنى له، ولا معنى لبقاء المسؤول فيه».

وأضاف الأسد في البيان: «لم أكن في يوم من الأيام من الساعين للمناصب على المستوى الشخصي، بل عددت نفسي صاحب مشروع وطني أستمدّ دعمه من شعب آمنَ به».

وأعلنت المعارضة السورية، يوم الأحد 8 ديسمبر، أنها حررت دمشق وأسقطت حكم الرئيس بشار الأسد الذي امتد 24 عاماً. وورد في بيان المعارضة على شاشة التلفزيون الرسمي: «تم بحمد لله تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد».

وأضافت المعارضة أنه جرى إطلاق سراح جميع المعتقلين، فيما كشف ضابطان كبيران بالجيش السوري عن أن الرئيس بشار الأسد غادر البلاد على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة، قبل أن يعلن الكرملين أن «الأسد وأفراد عائلته وصلوا إلى موسكو»، مضيفاً: «منحتهم روسيا اللجوء لدواعٍ إنسانية».

وشكَّلت المعارضة السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكومة انتقالية مؤقتة برئاسة محمد البشير، حتى الأول من مارس (آذار) 2025.