مفاوضات عراقية ـ روسية حول تحالف ثنائي يمهد لضربات جوية

العبادي يشبه سلفه المالكي بصدام حسين.. ويتحصن بـ«الرباعي»

مفاوضات عراقية ـ روسية حول تحالف ثنائي يمهد لضربات جوية
TT

مفاوضات عراقية ـ روسية حول تحالف ثنائي يمهد لضربات جوية

مفاوضات عراقية ـ روسية حول تحالف ثنائي يمهد لضربات جوية

كشفت مصادر عراقية خاصة لـ«الشرق الأوسط» عن عزم رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس الجمهورية المقال نوري المالكي «تشكيل ميليشيا مسلحة خاصة به من أجل التهيؤ للانتخابات المقبلة، من جهة، ومواجهة أي طارئ جديد بشأن ما يجري الحديث عنه على صعيد وجود مشاورات غير رسمية لاستبدال بخلفه حيدر العبادي شخصية أخرى من داخل التحالف الوطني، من جهة أخرى».
وأفاد مصدر، طلب عدم الإشارة إلى هويته، بأن «العبادي استعجل الإعلان عن التحالف الرباعي الذي يضم العراق وإيران وروسيا وسوريا بهدف محاربة (داعش) لسحب البساط من آخر أمل للمالكي في الالتفاف عليه، سواء عبر إيران أو الفصائل المسلحة التابعة لها في العراق، التي بدأ المالكي يميل إليها كثيرًا بعد سلسلة المواجهات بين العبادي وقاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، على خلفية ما بدا للعبادي تماديا من قبله (سليماني) في التحكم بالشأن العراقي على مدى السنوات الماضية».
الدخول الإيراني على خط الصراع بين العبادي والمالكي مر طبقًا للمصدر المطلع بـ«مرحلتين الأولى كانت فيها اليد الطولى للمالكي حين بدا العبادي وكأنه متمرد على الأوامر الإيرانية، وهو ما جعل آمال المالكي تنتعش لجهة أن أيام العبادي باتت قريبة وبالفعل فإنه بدأ بإجراء اتصالات مع سياسيين وإعلاميين للتحضير للمرحلة المقبلة التي ستشهد غياب العبادي عن الساحة».
وأضاف المصدر أن «العبادي كان يعرف تماما ما يجري خلف ظهره، وأنه رجح حتى فرضية الاغتيال، مما جعله يتحدث أكثر من مرة عن احتمال اغتياله غير أنه ظل يربط هذه المسائل بالإصلاحات وليس بالصراع على السلطة».
أما المرحلة الثانية، طبقًا للمصدر المطلع «فبدأت الآن بعد إعلان التحالف الرباعي الجديد الذي اقترب العبادي عبره من إيران بعد سلسلة مواقف بدت متضاربة خلال الشهور الماضية، كان فيها العبادي مترددًا بين الموافقة على شحنات الأسلحة الروسية التي تمر عبر العراق إلى سوريا وبتنسيق إيراني حتى قرر أخيرًا الموافقة على مرور الشحنات رغم الاستياء الأميركي، ويبدو أن هذا الاستياء الأميركي منح العبادي مبررًا للمضي قدمًا في إعلان تحالفه مع روسيا وإيران وسوريا بصورة رسمية معلنة، وهو الهدف الذي ظلت تحلم به روسيا للوصول إلى المياه الدافئة، ولكن يتحقق ذلك دون مجال حيوي وهو ما تحقق لها عبر العراق، كما أنه هدف استراتيجي إيراني لا سيما على صعيد الصلة بين سوريا وحزب الله في لبنان ولن يحصل هذا الأمر إلا من خلال العراق».
وردًا على سؤال بشأن كشفه عزم المالكي تشكيل ميليشيا خاصة به، قال المصدر المطلع إن «لإيران علاقات قوية مع العديد من الفصائل المسلحة وجرى الاتفاق على تشكيل سرايا من بعض هذه الفصائل تكون تحت إمرة المالكي علما بأن الأخير كان قد نوه قبل أيام في مدينة كربلاء أثناء كلمة ألقاها في تجمع عشائري أن بيده السلاح وصناديق الاقتراع، وهي إشارة خطيرة لكنها لم تلفت نظر أحد في وقتها حتى فجر العبادي قنبلته الأخيرة حين وصف المالكي بالقائد الضرورة الذي يوزع الهبات أثناء الانتخابات، بينما صفة القائد الضرورة كانت تطلق على رئيس النظام السابق صدام حسين».
إلى ذلك، عبر ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي وينتمي إليه العبادي عن استغرابه مما ورد على لسان العبادي بحق المالكي. وقال عضو الائتلاف سعد المطلبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ما ورد على لسان السيد العبادي من وصف بحق المالكي بوصفه القائد الضرورة وهي التسمية التي كانت حكرًا على صدام حسين ودلالاتها السلبية معروفة أمر يثير الاستغراب، وبالتالي فإنه منعًا لأي تداعيات محتملة لمثل هذه الوصف، فإن المطلوب من السيد رئيس الوزراء توضيح ما كان يقصده بهذه الإشارة خصوصا أنه تحدث عن الحكومات السابقة دون أن يحدد تسميات أو مرحلة».
إلى ذلك، وفي وقت رحبت فيه الكثير من الفصائل المسلحة، وفي المقدمة منها العصائب ومنظمة بدر، بـ«التحالف الرباعي»، فإن وفدًا عراقيًا يجري مباحثات في موسكو لوضع اللمسات الأخيرة على «تحالف ثنائي» بين العراق وروسيا سيتم الإعلان عنه قريبا. هذا التحالف الذي يجري العمل عليه إلى جانب «الرباعي»، مع كل من سوريا وإيران، سيفتح الباب أمام روسيا لتوجيه ضربات ضد «داعش» في الأنبار والموصل.
وكانت كتلة صادقون في البرلمان العراقي التابعة لـ«عصائب أهل الحق» طالبت باستخدام القوة الجوية للتحالف الرباعي في قصف «داعش» في العراق وعدم الاكتفاء بالتعاون الاستخباري، واتهمت المعترضين على التحالف الرباعي بأنهم «جزء من المشروع الأميركي لتقسيم المنطقة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».