مجلس الوزراء يبرئ ذمته من قانون الأحوال الشخصية الجعفري ويحيله إلى البرلمان

المرجعية الشيعية لم توافق عليه.. ونشطاء عراقيون يعدونه خطرا على المجتمع

عراقية في مكتب تابع لمفوضية الانتخابات المستقلة للحصول على البطاقة الاليكترونية للتمكن من التصويت في الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)
عراقية في مكتب تابع لمفوضية الانتخابات المستقلة للحصول على البطاقة الاليكترونية للتمكن من التصويت في الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)
TT

مجلس الوزراء يبرئ ذمته من قانون الأحوال الشخصية الجعفري ويحيله إلى البرلمان

عراقية في مكتب تابع لمفوضية الانتخابات المستقلة للحصول على البطاقة الاليكترونية للتمكن من التصويت في الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)
عراقية في مكتب تابع لمفوضية الانتخابات المستقلة للحصول على البطاقة الاليكترونية للتمكن من التصويت في الانتخابات المقبلة (أ.ف.ب)

في وقت لا يزال فيه البرلمان العراقي عاجزا عن إقرار الموازنة العامة للدولة التي تتوقف عليها رواتب واستحقاقات ملايين العراقيين فضلا عن عدم قدرته على إقرار نحو 12 مشروع قانون ينتظر بعضها منذ سنوات إقراره من أبرزها النفط والغاز ومجلس الاتحاد والأحزاب والمحكمة الدستورية، صادق مجلس الوزراء على قانون الأحوال الشخصية الجعفرية المثير للجدل حتى داخل المرجعيات الدينية الشيعية وأحاله إلى البرلمان للمصادقة عليه. البرلمان الذي لم يتبق من دورته سوى شهرين لا يملك سوى أن يضيف مشروع قانون خلافي جديد آخر إلى مجموعة القوانين التي سوف ترحل للمرة الثانية إلى الدورة البرلمانية المقبلة بعد أن عجزت دورتان برلمانيتان (2006 - 2010) و(2010 - 2014) عن إقرارها والمصادقة عليها.
وكان مجلس الوزراء العراقي صادق الأسبوع الماضي على مشروع القانون وأحاله إلى البرلمان. وقال بيان نشر على موقع الأمانة العامة لمجلس الوزراء إنه «جرت الموافقة على مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفرية، المدقق من قبل مجلس شورى الدولة، وإحالته إلى مجلس النواب مع التوجيه بتشكيل لجنة من علماء الدين تشكلها المرجعية الدينية العليا لمواكبة تشريع القانون في مجلس النواب استنادا إلى الدستور بعد تدقيقه بالتنسيق بين وزارة العدل والدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء». وكان مشروع هذا القانون لا يزال يثير جدلا سياسيا وفقهيا بين مختلف الأوساط بينما دافع عنه بشدة وزير العدل حسن الشمري وحزب الفضيلة الذي ينتمي إليه.
وكان الشمري قد انتقد قرار مجلس الوزراء بتأجيل مشروعي قانوني الأحوال الشخصية الجعفري والقضاء الجعفري وتعليقهما على موافقة المرجعيات الدينية العليا، عادا أن «ذلك هو إلغاء ومنع تشريعهما من الناحية العملية»، مضيفا أن «التعصب الفكري والطائفي وحسابات التنافس السياسي والانتخابي، كانت وراء إحباط تشريع هذين القانونين». وكان النائب المستقل عبد الهادي الحكيم المقرب من المرجعية قد أوضح موقف المرجعية الدينية من مسودتي قانوني الأحوال الشخصية الجعفرية والمحاكم الجعفرية، متهما وزير العدل حسن الشمري وحزب الفضيلة الذي ينتمي إليه بإثارة زوبعة حول هذا القانون ضمن دعاية انتخابية من جهة ومحاولة للإساءة إلى موقع المرجع الأعلى من جهة أخرى.
وقال الحكيم في صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن «بعض وسائل الإعلام تناولت أخبارا غير دقيقة عن موقف المرجع الأعلى السيد علي السيستاني من مسودتي قانوني الأحوال الشخصية الجعفرية، والمحاكم الجعفرية، وفي ما يأتي توضيح للموقف.. إن وزير العدل حسن الشمري طلب موعدا للقاء السيد السيستاني قبل أن تطرح المسودتان للتصويت في مجلس الوزراء ولكن رفض طلبه جريا على نهج السيد في السنوات الأخيرة من عدم استقبال أعضاء الحكومة وﻻ سيما الوزير الذي شهد عهده فرار المئات من الإرهابيين من السجون التي هي تحت إدارته، وعلى الرغم من ذلك فقد التقى بالشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل السيد السيستاني في كربلاء المقدسة وسمع وجهة نظره في الموضوع». وبين أن «وزيرة الدولة لشؤون المرأة لم يكن لها أي اتصال بمكتب السيد السيستاني قبل تصويت (الوزراء) على تأجيل القانونين إلى ما بعد اﻻنتخابات، ولم يكن لتصويتهم بالأغلبية لصالح قرار التأجيل علاقة بالسيد السيستاني، فإن جميع المقترحات التي عرضت للتصويت كانت تتضمن ضرورة استحصال موافقة المرجع الأعلى ولكنهم لم يوافقوا على الإسراع في إقرار القانونين، ولكل سببه».
من جهتهم، عبر ناشطون ومثقفون عراقيون عن أسفهم لما عدوه تراجعا في بناء منظومة الدولة المدنية التي تعزز فكرة المواطنة. وقالت الناشطة المدنية هناء أدور رئيس جمعية الأمل التي تعنى بحقوق المرأة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوزراء الذين وافقوا على إحالة مشروع القانون إلى البرلمان يعرفون جيدا أن المادة 41 من الدستور العراقي المعنية بالأحوال الشخصية مجمدة حاليا بانتظار التعديل وبالتالي فإن الإحالة بحد ذاتها مخالفة دستورية، يضاف إلى ذلك نقطة في غاية الأهمية وهي أن لدينا في العراق أفضل قانون للأحوال الشخصية في المنطقة وهو القانون رقم 88 لسنة 1959»، مشيرة إلى أن «المفارقة اللافتة للنظر أن ما نسبته 80 في المائة من مواد ذلك القانون مستمدة من المذهب الجعفري وبالتالي لا توجد حاجة إلى تشريع قانون جديد من شأنه أن يعيدنا إلى ما قبل دولة المواطنة». وعدت أدور أن «السبب الحقيقي لإحالة مشروع القانون الآن إلى البرلمان على الرغم من إدراكهم أن فرص إقراره الآن مستحيلة، إنما هي لأغراض الدعاية الانتخابية والكسب الحزبي وذلك بإيهام فقراء الشيعة بأنهم حققوا شيئا مهما لهم».
وأوضحت أدور أن «تفاصيل مشروع القانون مرعبة لأنه يسحق المرأة تماما حيث يجيز تطليقها وهي دون سن الزواج كما يحول العلاقة الأسرية إلى مجرد علاقة جنسية كما أنه يسحق مبدأ المواطنة ويفتت وحدة النسيج المجتمعي ويحول العراق إلى دولة مكونات وكانتونات».
في السياق نفسه، دعا الناشط والمثقف العراقي حميد قاسم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «وقفة احتجاج جادة من قبل الجميع للحد من هذا الاستهتار بمشاعر وعواطف العراقيين تحت ذرائع مختلفة على أن تكون هذه الوقفة ذات همة عالية بحيث تتمكن من إيقاف هذا التدهور الذي بات يطال أسس الدولة المدنية المنشودة». وأضاف قاسم أن «قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959 قانون متطور ولا غبار عليه وبالتالي لا داعي لأي قانون جديد فضلا عن أنه يدخلنا بمشاكل وإشكالات مجتمعية نحن في غنى عنها»، مؤكدا أن «القضية فقهية وبالتالي فإن الإشكالية تبقى قائمة بين دور البرلمان كجهة تشريع وبين دور المرجعية الدينية التي يراد لها أن توافق على القانون كجهة فقهية، والأهم أنه يتناقض مع الدستور الذي يقر مبدأ المواطنة بعيدا عن الجنس والعرق والطائفة».



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».