بدء سريان مفعول العقوبات الأميركية ضد بغداد في معركة الأنبار

ردًا على «التحالف الرباعي».. واشنطن أوقفت تعاونها الاستخباراتي مع القوات العراقية

عناصر أمن عراقيون خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في الضواحي الشرقية لمدينة الرمادي (أ.ب)
عناصر أمن عراقيون خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في الضواحي الشرقية لمدينة الرمادي (أ.ب)
TT

بدء سريان مفعول العقوبات الأميركية ضد بغداد في معركة الأنبار

عناصر أمن عراقيون خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في الضواحي الشرقية لمدينة الرمادي (أ.ب)
عناصر أمن عراقيون خلال مواجهة مع مسلحي «داعش» في الضواحي الشرقية لمدينة الرمادي (أ.ب)

تأكيدًا للمعلومات التي كشفتها «الشرق الأوسط»، أول من أمس، بشأن العقوبات التي بدأت الولايات المتحدة الأميركية بفرضها على العراق بعد انضمامه إلى تحالف مع روسيا وإيران وسوريا، المتمثلة بإيقاف عمليات التصوير الجوي في الرمادي، أكد مجلس محافظة الأنبار أن التحالف الدولي أوقف تزويد القطعات الأمنية العراقية في المحافظة بمعلومات استخباراتية.
وقال عيد عماش المتحدث باسم مجلس محافظة الأنبار، في بيان أمس إن «التحالف الدولي أوقف تزويد القطعات الأمنية في المحافظة بمعلومات استخباراتية»، مبينا أن «أسباب ذلك لم تعرف لغاية الآن». وأضاف عماش أن «قصف التحالف الدولي في المحافظة مستمر»، مشيرا إلى أن «القصف يبدأ من مدينة القائم الحدودية وحتى مدينة الرمادي».
وفيما استبعد المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء حيدر العبادي تأثير انضمام العراق إلى التحالف الرباعي على العلاقة بين بغداد وواشنطن، فإنه وطبقًا للمعلومات التي أعلنها لـ«الشرق الأوسط» سياسي مطلع «ذهبت الولايات المتحدة الأميركية على صعيد علاقتها مع بغداد في ضوء الإعلان عن التحالف الرباعي إلى ما هو أبعد من ذلك، وذلك بالكف عن اختيار نوعية من المقاتلين العراقيين من كل فوج بواقع 50 إلى 60 جنديًا تقوم بتدريبهم وتسليحهم وتجهيزهم على الطريقة الأميركية، ويكون وجودهم مع القوات الأميركية في العراق وإيقاف تسليحهم وتجهيزهم على أثر شعورها بأن العراق اتجه نحو الحلف الجديد بطريقة تستدعي اتخاذ موقف قوي».
وأضاف السياسي المطلع، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، أنه «بالإضافة إلى هذا الإجراء فإن واشنطن استبدلت أعدادًا كبيرة من المستشارين الاستخباراتيين الأميركيين ممن كان لديهم تواصل فعلي مع القيادات الأمنية والاستخبارية العراقية، وجاءت بمستشارين جدد لا صلات لهم، وهو ما يعني تصاعد حدة عدم الرضا الأميركي مما أقدم عليه رئيس الوزراء حيدر العبادي».
وردا على سؤال بشأن المدى الذي يمكن أن يصل إليه الموقف الأميركي مع استمرار الضربات الجوية، قال السياسي العراقي إن «الضربات الجوية ستستمر كجزء من التحالف الدولي ضد الإرهاب و(داعش)، لكن الأميركيين يريدون من العبادي في النهاية أن يحدد موقفا فيما إذا كان معهم أم مع الروس».
وكان المتحدث الإعلامي باسم مكتب رئيس الوزراء أعلن أن «العراق يسعى للتنسيق مع معظم دول العالم التي لديها الاستعداد لمساعدة العراق ودعمه عسكريا»، لافتا إلى أن «العراق رحب بالدعم الأميركي واليوم هناك دول أخرى لديها الاستعداد لدعمنا، وهو يحاول أن يؤسس لعلاقة توازن في المنطقة». وأضاف الحديثي: «لا نريد أن تنعكس الخلافات الدولية على مصالح العراق»، مشيرا إلى أن «مواجهة الإرهاب ليست التزاما قانونيا على العراق فقط وإنما تشمل جميع دول العالم».
وبسؤاله عن إمكانية تأثير تشكيل التحالف الرباعي على العلاقة بين بغداد وواشنطن قال الحديثي: «كلا، على الإطلاق، نحن نعتقد أن هناك ضرورة للتنسيق بين جهود التعاون الإقليمي والدولي»، مرجحا إمكانية «تبديد التحفظات بشأن هذا التحالف عندما يتم إيصال وجهة نظر العراق».
من جانبه، عد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية السابق عن التحالف الكردستاني شوان محمد طه، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «المؤشرات كلها تؤكد أن السياسة المتبعة حاليا في العراق حيال الموقف من المصالح الدولية غير حكيمة وغير مدروسة، رغم أن العراق في النهاية لا يمكنه أن يعيش بمعزل عن الآخرين، لكنه يتوجب عليه التفكير بمصالحه الوطنية لا مصالح الآخرين». وأضاف أن «العراق أو أي دولة لا يمكنها أن تكون حليفا لدولتين في آن واحد، فكيف إذا كانت هاتان الدولتان هما الأعظم في العالم، وهو ما يعني أنه سيضيع المشيتين مثلما يقال». وأشار إلى أن «السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما الذي يمكن أن يقدمه العراق لهذا الحلف بالقياس إلى ما يمكن أن تقدمه روسيا أو إيران، إذ إنه لدى فحص المعطيات فإنه ليس بمقدور العراق تقديم سوى سيادته أي الأرض والسماء، وبالتالي تتحول الأرض العراقية وسماء العراق إلى ساحة صراع».
وردًا على سؤال بشأن ما تقوله الحكومة العراقية عن حاجتها إلى مساعدات لمحاربة «داعش»، قال طه إن «هذا المنطق مقبول، ونحن بالفعل بحاجة إلى مثل هذه المساعدات، لكن كلها يمكن أن تتحقق في ضوء ضوابط العلاقات الدولية من دون أن يتم ذلك عبر تحالفات ليس فيها أي تكافؤ في موازين القوى». وأوضح طه أن «هناك ضغوطًا مورست على الحكومة العراقية للدخول في تحالف سيكون بالضرورة بصبغة طائفية يضاف إلى ذلك أنه عقوبة إيرانية للولايات المتحدة الأميركية التي اندفعت كثيرًا خلال الفترة الأخيرة باتجاه القبائل السنية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».