أعاصير التجاريب الفنية تعصف بالمنطقة العربية

نسيج صديق للبيئة من تصميم راهيل غيراغوسيان مستوحى من أعمال جدها بول ووالدها الرسام إيمانويل، و من أعمال جوزف كفوري
نسيج صديق للبيئة من تصميم راهيل غيراغوسيان مستوحى من أعمال جدها بول ووالدها الرسام إيمانويل، و من أعمال جوزف كفوري
TT

أعاصير التجاريب الفنية تعصف بالمنطقة العربية

نسيج صديق للبيئة من تصميم راهيل غيراغوسيان مستوحى من أعمال جدها بول ووالدها الرسام إيمانويل، و من أعمال جوزف كفوري
نسيج صديق للبيئة من تصميم راهيل غيراغوسيان مستوحى من أعمال جدها بول ووالدها الرسام إيمانويل، و من أعمال جوزف كفوري

يبقى التسويق حاجة للفنانين التشكيليين كي يكملوا مشوارهم، ولذلك يحاول كل منهم أن يقدم لجمهور الناس ما يلفت نظرهم ويشد انتباههم. ومع دخول التقنيات الحديثة والتكنولوجيا عالم التشكيل الذي صار يمتد إلى التجهيز والتصميم ويختلط بالتصوير، فإن المنافسة تزداد شراسة والانتقال من فن إلى آخر أو الخلط بين الفنون، أصبح قدرًا لا بد منه لكثيرين.
وفي «بيروت آرت فير» الذي أنهى دورته السادسة الأسبوع الماضي، لم يكن عصيًا على المراقب ملاحظة هذه التحولات التي تزداد حدة وفتنة في وقت واحد.
المصمم اللبناني جوزف كفوري، على سبيل المثال، الآتي من تصميم السيارات، لا يخفي أنه بسبب الأزمة الاقتصادية عاد إلى لبنان من باريس ليجد لنفسه مكانًا في مجال الهندسة الداخلية، ومنها انتقل إلى تصميم قطع فنية تصلح لتكون جزءًا من صالونات وفترينات عرض أنيقة. تركيز جوزف على عالم الإضاءة لم يمنعه من استعمال أدوات قديمة، منها خزان مياه صغير، مثلاً، ركب عليه مصابيح عتيقة، ليبدو تحفة مبتكرة وجذابة. ومن معدن جديد، وبخطوط شديدة الحداثة، صنع جوزف كفوري ريشة عملاقة مغمسة بالحبر ليركز في خلفيتها ضوءًا متطاولا يمكن إنارته باللمس والتحكم بقوة إشعاعه. وكذلك استوحى من الكاميرا الأولى بأرجلها الثلاث، ليصنع نوعًا آخر من المصابيح اللافتة التي لا تشبه تلك التجارية الموجودة في الأسواق. جوزف لا يرى حدودًا فاصلة بين تصميم السيارات أو أدوات الإضاءة، والتحف التي تستحق أن تعرض في صالون أنيق، أو حتى العمل اليدوي الذي يحتاج مهارات أصحابه لإنجاز تصاميمه.
الفنانون باتوا، يحاولون باستمرار التوفيق بين مزاجهم الشخصي ومتطلبات السوق، وهناك من يبذل جهدًا فنيًا كبيرًا ليجعل ابتكاراته جزءًا من حياة الناس، واحتياجاتهم اليومية.
كل فنان، يحاول أن يريك أن مبتكراته تجعلك تعيش أجواء مختلفة لا تشبه غيرها، وبالتالي يصير قادرًا على البيع والتسويق والمنافسة. الفنانة اللبنانية هانية فاريل انتقلت بتجهيزاتها في الفترة الأخيرة، بين شنغهاي ولندن وبيروت، ولها تجهيز هو عبارة عن حوض سباحة، وقد ترافقت صور أجساد الأطفال الذين يسبحون فيه، والمياه النقية مع صوت صيحاتهم وضحكاتهم التي ترن في المكان. فيديو ظريف جدًا لأطفال يقفزون في الماء، هو نتيجة عمل دؤوب، دام أربع ساعات، للحصول على أفضل اللقطات وعرضها مركبة وبوتيرة بطيئة تظهر مغناطيسية قفز هؤلاء الأطفال. مناخات طفولية بريئة مائلة دائمًا إلى الزرقة، عملت عليها مؤخرًا هانية المقيمة في لندن، وهي برسم البيع بالتأكيد. لكن هذا الصنف من الأعمال يمكن أن يسوق لصاحبه في مجالات كثيرة، قد لا تخطر على بال. فهانية من الفنانين الذين اختيروا لوضع بصماتهم، الفنية على الهاتف الجوال المصنوع يدويًا «فيرتو استر» الذي يتراوح سعره بين 10 آلاف و100 ألف دولار. هذه الشركة الإنجليزية سعت إلى جعل التصميم الفريد والعمل اليدوي، ميزتها. أحد الموظفين في معمل الشركة يشرح لنا أن كل شيء يركب يدويًا، وأن له نحو 29 زميلاً، يعمل كل منهم خلال ساعات لإنتاج جهاز واحد، له ميزته الجمالية الخاصة، بسبب مواده المعدنية ذات القيمة، وتصميمه الفني الذي لا يشبه غيره. وبالتالي صار الجوال حين يجمع بين ابتكار فني تشكيلي كالذي تقدمه هانية، وعمل يدوي حرفي، إضافة إلى القطع الإلكترونية التي يمكن شراؤها من أي مصنع، تجعل الهاتف المنتج يرتفع سعره أضعافًا مضاعفة.
يدرك الفنانون أن هذا التمفصل بين التكنولوجيا والفن صار بابًا جديدًا للرزق يمكن طرقه والإفادة منه، وهذا ما يعمل عليه كثيرون، منهم المصورة الموهوبة سيسيل بليزانس، صاحبة العدسة السحرية، التي تخصصت بتصوير عروض الأزياء. وقد صورت لكارل لاغرفيلد، ايف سان لوران، كريستيان لاكروا، كريستيان لوبوتان، وغيرهم آخرين كبار وأغرمت بتصوير لعبة باربي وأرادت أن تضخ فيها الحياة. وتركب سيسيل مستفيدة من تقنية تكنولوجية، الصورة فوق الأخرى، فتجعلك ترى سيدة منتقبة حين تنظر إلى عملها من جهة، لتعود وتراها وقد صارت باربي خلعت عنها نقابها وكشفت عن جزء من جسدها حين تراها من جهة أخرى. لا بد أن الموجة الإسلامية دفعت هذه الفنانة التي عرضت أعمالها في «بيروت آرت فير»، لتركب عملاً آخر، بحيث ترى امرأة محجبة بعباءة سوداء حين تقف يمين اللوحة لتعود وتراها مكشوفة الشعر بفستان ديكولتيه، حين تنظر إليها من يسار الإطار.
باتت الأبواب مشرعة بين الفنون، بحيث يختلط الرسم بالتصوير مع التجهيز، ولا بأس من الاستفادة من التقنيات الحديثة، لدمج عالم النسيج أيضًا. فقد استفادت راهيل غيراغوسيان، وهي حفيدة الرسام اللبناني الشهير بول غيراغوسيان، من لوحات جدها، وكذلك والدها الرسام المعروف إيمانويل غيراغوسيان، لتصنع نسيجًا صديقًا للبيئة، عليه رسوم للوحات الجد والأب معًا، وصنعت منها فساتين للمساء، تليق بسيدة، تنزع لارتداء ثوب لا يشبه غيره، إن لرمزيته البيئية أو مكانته الإبداعية التي تجمع ثلاثة فنانين في رداء واحد. وكان من اللطيف أن ترى مصمم الأزياء اللبناني العالمي، إيلي صعب يلتقط الصور إلى جانب أحد هذه الفساتين، معترفًا أنه هو الآخر في تصاميمه وألوانه تأثر بلوحات بول غيراغوسيان، كما حفيدته الشابة الصغيرة راهيل.
نحن إذن، أمام ظواهر عدة، يجمعها سقوط الحواجز بين المجالات الإبداعية، فنانة تشكيلة مثل هانية فاريل تعمل مع شركة هواتف جوالة، ومصورة فوتوغرافية لامعه في مجال الموضة والجمال، كما سيسيل بليزانس، ترى باربي، على طريتها الخاصة، وتنتج أعمالاً فريدة، بعد أن تركب الصور فوق بعضها ليصل سعر العمل، إلى آلاف الدولارات، ومصمم سيارات يصبح مصمم ديكورات داخلية. وإلى كل هؤلاء يمكنك أن تضيف تصاميم ورسومات هادي مكتبي التي نقشت على سجاد عجمي منسوج يدويًا من أفخر وأجود المواد الأولية كالحرير، لتعرض كما أي لوحة فنية باهرة، وقد سلطت عليها الأضواء، فبدت متعة للناظر.
الفن التشكيلي لم يعد مجرد رسم بالألوان على القماش، لقد صار شيئا آخر بعد أن تداخلت الابتكارات، وهو ما يزيد من بلبلة وفوضى السوق الفنية، وخاصة في المنطقة العربية التي صارت عواصف التجاريب، تأتيها من كل حدب وصوب، حتى قبل أن يرسّخ فنانوها هويتهم الخاصة والمحلية، كي يتمكنوا من تلقي الوافد بصلابة وشهية وقدرة على الهضم.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.