أميركيتان تديران حسابات البابا في {التواصل الاجتماعي}

فرنسيس: شبكة الإنترنت «هبة من الله»

احتفاء وترحيب بالبابا خارج الفاتيكان بعد جولته الأميركية (إ.ب.أ)
احتفاء وترحيب بالبابا خارج الفاتيكان بعد جولته الأميركية (إ.ب.أ)
TT

أميركيتان تديران حسابات البابا في {التواصل الاجتماعي}

احتفاء وترحيب بالبابا خارج الفاتيكان بعد جولته الأميركية (إ.ب.أ)
احتفاء وترحيب بالبابا خارج الفاتيكان بعد جولته الأميركية (إ.ب.أ)

سافرت طالبتان من جامعة فيلانوفا إلى مدينة روما بداية هذا العام لتولي أمر إدارة صفحات التواصل الاجتماعي لأحد أهم أشهر الوجوه في العالم وهو البابا فرنسيس. بيد أن البابا قرر الحضور إليهما هذه المرة.
ميليسا كانولي وتاتوم موراي، كلتاهما 21 عاما وفي السنوات الأخيرة بالجامعة، قضيتا فصل الربيع في العمل لدى «مجلس الفاتيكان البابوي للتواصل الاجتماعي» وموقعه الإلكتروني «News.va»، وهو الموقع الذي يشمل صحيفة «الفاتيكان»، ومحطتي الإذاعة والتلفزيون، والإعلام الإلكتروني.
وتقول كانولي: «ساعدنا في إدارة الموقع، ونشرنا على (فيسبوك)، و(إنستغرام)، و(تويتر)، وقمنا بنشر الردود في مواقع التواصل الاجتماعي، وحضرنا احتفالات بابوية كونها جزءا من الأنشطة الإعلامية».
وتتولى جامعة فيلانوفا، وهي جامعة كاثوليكية تقع بالقرب من فيلادلفيا، إيفاد نحو 10 طلاب كل عام للانخراط في مهام تدريبية مختلفة بالفاتيكان وفي غيرها من وسائل الإعلام في روما.
وحسب براين كرابل، البروفسور بجامعة فيلانوفا ومدير البرنامج: «تساعدنا تلك الفترات التدريبية على صقل الطلاب كي يصبحوا مصادر حقيقية للكنيسة بعد الدخول في نقاشات مع مختلف دول العالم عن العدالة الاجتماعية، وعن طبيعة المبادئ، ونوع المجتمعات التي يجب أن نحيا فيها، وكل ذلك من خلال النقاشات عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
وتقول موراي، التي نشأت في عائلة غير كاثوليكية، إنها «رغبت في الحصول على منحة تدريبية في الفاتيكان منذ اليوم الأول لها بجامعة فيلانوفا».
كما تقول: «أنا مهتمة بمواقع التواصل الاجتماعي، والسفر، والكاثوليكية، وأشعر أنني أحسنت الاختيار».
وتعد تلك الفترة التدريبية بمثابة فرصة للدراسة بالخارج بجامعة أريكيديا، وهي الجامعة الشريكة في روما، حيث يتلقى الطلاب محاضراتهم ويعيشون في شقق مع عائلات إيطالية.
وتقول موراي إن «أصعب ما في تلك الفترة هو إنتاج محتوى التواصل الاجتماعي لمؤسسة دينية لا لفرد. كان من المثير محاولة إيجاد طرق مناسبة تساعد المتابعين على الانخراط من خلال أساليب تختلف عن تلك التي أستخدمها لنفسي في حياتي اليومية»، وأضافت: «أردنا حثهم على الانخراط، لكن من دون أن نبتعد كثيرا عن الشكل الرسمي، غير أن المحافظة على التوازن كان أمرا صعبا».
وقال كريستوفر بيليتو، خبير في التاريخ الكاثوليكي بجامعة كيان: «يستخدم البابا فرنسيس مواقع التواصل الاجتماعي أفضل من كل سابقيه، غير أن ذلك النمط من التواصل الاجتماعي لا يزال يافعا وليس هناك في الماضي كثير مما يمكن أن نقارن به». وأضاف بيليتو: «الأمر يشبه القول بأن نوحا بنى أفضل سفينة».
وكانت متدربتا جامعة فيلانوفا وراء كثير من إنجازات التطوير التكنولوجي بالفاتيكان مثل إنشاء قناة «يوتيوب» وحساب «تويتر» الخاص بالبابا.
وقالت موراي إن «حساب التواصل الاجتماعي يعد جزءا هاما وضروريا لإيصال رسالة البابا والفاتيكان». وقالت أيضا: «تعطي حسابات التواصل الاجتماعي البابا الفرصة للاشتراك في حوار مع أجيال مختلفة، وتسهل التواصل مع الناس من مختلف أنحاء العالم».
ويتفق كانولي في الرأي في أهمية وجود البابا في مواقع التواصل الاجتماعي، ويقول: «عندما ترى رد البابا على صفحة (تويتر) الخاصة بك، سوف تشعر وكأن البابا أحد أصدقائك».
وأقبل البابا فرانسيس على التقنيات الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي منذ اعتلائه كرسي البابوية عام 2013 لإيمانه بأن شبكة الإنترنت «هبة من الله» وأداة لنشر كلمته. وحاليًا، وصل عدد متابعي حساب البابا عبر موقع «تويتر» إلى 23 مليون شخص.
والملاحظ أن هالة النجومية غير المتوقعة التي اكتسبها البابا عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصابت ثقافة التواصل العتيقة المترسخة داخل الفاتيكان بصدمة ودفعتها دفعًا دخول العالم الرقمي الحديث.
ويثير نجاحه عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعض التساؤلات العميقة، مثل ما هي الشخصية الرقمية المناسبة لأحد أحفاد القديس بطرس، وهل ينبغي أن يصبح البابا بمكانته الرفيعة متابعًا لحساب آخرين، وهل ينبغي عليه التواصل مباشرة مع رعيته؟
الواضح أن البابا فضل تجاهل هذه التساؤلات في الوقت الراهن. أما الفاتيكان، فقد أقر سريعًا بعض القواعد العامة لتنظيم نشاط البابا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منها:
- ينبغي الحرص على الترويج دائمًا للرب، وليس لشخص البابا.
- تجنب «فيسبوك» باعتباره وسيلة اتصال اجتماعية على نحو مفرط لا تليق بقائد الكنيسة الأكبر عالميًا.
- الحرص على عدم الإفراط في التركيز على الولايات المتحدة، قوة عظمى أعرب البابا بوضوح عن اعتقاده بأنها تحظى بالفعل باهتمام كاف. ومن المحتمل أن تتجلى هذه الاستراتيجية هذا الأسبوع عندما يقوم البابا فرانسيس بأول زيارة له للولايات المتحدة. من جهته، أوضح بريان كاربل، بورفسور الاتصالات بجامعة فيلانوفا أنه «مؤخرًا فقط بدأ الناس يفكرون في التأثير المحتمل لهذا الوضع على الكنيسة». وأشار إلى أن المجلس الأسقفي للاتصالات الاجتماعية، والذي يعمل بمثابة منظمة فكرية تابعة للبابا والذراع التدريبية المعنية بالاتصالات، أنشئ منذ عدة عقود ماضية لتحديد الأفلام التي ينبغي أن يشاهدها الكاثوليك والأخرى التي ينبغي عليهم تجنبها.
وقال: «أعتقد أنهم ينتقلون من توجه ينظر إلى وسائل الإعلام الحديثة باعتبارها مصدرا للتلوث نحو إدراك أن هناك سبلاً يمكن لتقنيات الاتصال الحديثة من خلالها السماح بالتواصل مع المؤمنين، داخل وخارج الكنيسة الكاثوليكية، عبر سبيل مختلف».



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».