تحرير تعز والحديدة يلوح في الأفق.. وقطع خطوط إمداد الحوثيين المقبلة من صنعاء

الميليشيات تقصف الأحياء السكنية.. وتفخخ منازل المواطنين قبل مغادرتها

مقاتل يقف برشاشه على متن عربة تجوب شارعًا في مدينة تعز (رويترز)
مقاتل يقف برشاشه على متن عربة تجوب شارعًا في مدينة تعز (رويترز)
TT

تحرير تعز والحديدة يلوح في الأفق.. وقطع خطوط إمداد الحوثيين المقبلة من صنعاء

مقاتل يقف برشاشه على متن عربة تجوب شارعًا في مدينة تعز (رويترز)
مقاتل يقف برشاشه على متن عربة تجوب شارعًا في مدينة تعز (رويترز)

تحدثت مصادر عسكرية في اليمن عن ظهور ملامح تحرير مرتقب لمحافظتي تعز (وسط) والحديدة (غرب) من ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بعد الإنجازات الأخيرة التي حققتها قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بدعم من التحالف العربي، في المحافظات الجنوبية ومضيق باب المندب وجزيرة ميون الاستراتيجية في البحر الأحمر.
ووصلت تعزيزات عسكرية كبيرة من التحالف العربي إلى جبهات القتال في تعز، خصوصًا إلى مديرية الوازعية التي تشهد منذ أيام مواجهات عنيفة بين الجيش الوطني المقاومة من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح، من جهة أخرى.
وتأتي عملية تحرير باب المندب وجزيرة ميون وتطهير مقر قيادة اللواء 17 مشاة من الميليشيات الانقلابية، في الوقت الذي لا تزال فيه الميليشيات الانقلابية تواصل عمليات قصفها الهمجي بكل أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة للأحياء السكنية بمدينة تعز وسقوط قتلى وجرحى من المدنيين العُزّل، وتواصل حصارها الخانق على مداخل تعز لتمنع بذلك دخول الغذاء والأدوية ومياه الشرب وكل مستلزمات العيش، بالإضافة إلى استمرارها في عمليات الملاحقات والاعتقالات لجميع المناوئين لها بمدينة الحديدة الساحلية، غرب اليمن، واعتقال جميع من تشتبه في انتمائهم للمقاومة الشعبية بإقليم تهامة التي كبدتهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد من خلال تصعيد عملياتها النوعية في جميع مدن ومحافظات إقليم تهامة.
وقال مصدر عسكري من المجلس العسكري في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «وحدات الجيش والمقاومة، تعمل على قطع خطوط الإمداد عن ميليشيات الحوثي وصالح التي تصلهم من العاصمة صنعاء إلى تعز عن الطريق الساحلي أو غيرها من الخطوط، وعملية الحسم النهائي لتعز باتت قريبة جدًا». وأضاف: «ليس تعز فقط، وإنما حتى محافظة الحديدة الساحلية، باتت على وشك التحرير، لتتمكن بعدها قوات الجيش من التقدم نحو صنعاء بسهولة». وأضاف أن «الميليشيات الانقلابية باتت تعيش حالة تخبط كبيرة خاصة بعدما حررت قوات الجيش باب المندب وجزيرة ميون وصارت تعيق تقدمهم في بعض الجبهات خصوصا في جبهة الضباب». وتابع أن «وحدات الجيش وعناصر المقاومة مستمرة في ملاحقة الميليشيات الانقلابية في جميع جبهات القتال الشرقية والغربية بتعز، وبدعم من قوات التحالف العربي، التي تكثف من ضرباتها الجوية على تجمعات ومواقع الميليشيات كما شنت، أمس، غارات كثيفة ومباشرة على عدد من المواقع في تعز منها منازل قادة عسكريين وموالين لميليشيات الحوثي حولتها هذه الأخيرة إلى مخازن للأسلحة ومقرات لهم».
وأكد المصدر العسكري ذاته لـ«الشرق الأوسط»: «بعد تحرير مضيف باب المندب أصبح من السهل تعزيز المقاتلين في تعز بالأسلحة النوعية، فقد قدم التحالف العربي، أيضا، تعزيزات عسكرية للمشاركة بتحرير تعز من الميليشيات الانقلابية عن طريق الخط الساحلي، وخصوصا إلى مديرية الوازعية التي تشهد هي الأخرى مواجهات عنيفة مع الميليشيات الانقلابية منذ أيام، بعدما سيطرة الميليشيات على المديرية في محاولة منها الدخول إلى محافظة لحج الجنوبية، في حين كانت قد وصلت، قبل أيام، قوات عسكرية ومدرعات ودبابات من محور كرش إلى مدينة تعز»، مشيرا إلى أن «وحدات الجيش وعناصر المقاومة بكل قوة وصمود في معاركهم العنيفة والشرسة مع الميليشيات الانقلابية في جبهات القتال الشرقية والغربية وإحرازهم التقدم الكبير في مواقع القتال، ومنها نحو القصر الجمهوري، مما جعل الميليشيات تنتقم منهم بقصفها الهمجي وبشكل جنوني للأحياء السكنية».
في غضون ذلك، واصلت قوات الجيش والمقاومة عملياتها ضد المتمردين في مختلف جبهات القتال، الشرقية والغربية بمدينة تعز. وقال مصدر من المقاومة إن «عناصر الجيش والمقاومة حققت تقدما في جبهات القتال مع الميليشيات المتمردة وتمكنت من صد محاولات الميليشيات من التسلل إلى مواقع المقاومة والجيش ومنها باتجاه وادي الدحي، غرب المدينة، وكذا جبهة صالة التي تمكن فيها الأبطال من السيطرة على البنك المركزي، مقابل القصر الجمهوري ومدرسة صلاح الدين المطلة على القصر أيضًا، ولم تتمكن الميليشيات من تحقيق أي تقدم تجاهها، حيث تستمر، أيضًا، المواجهات العنيفة في جبهة ثعبات والوازعية». وأضاف المصدر أن «المواجهات في جبهات القتال (أمس) أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 70 من ميليشيات الحوثي وصالح وجرح ما لا يقل عن 35 آخرين، وفي المقابل فقدان المقاومة لثلاثة من عناصرها وإصابة 13 آخرين». وأكد المصدر أن الميليشيات الانقلابية كثفت قصف الأحياء السكنية بصواريخ الكاتيوشا ومدافع الهاوزر، واقتحامها لعدد من منازل المواطنين في قرى الضباب، ونهب محتوياتها ثم تفخيخها قبل المغادرة.
وشنت طائرات التحالف العربي، بقيادة السعودية، أمس، عدة غارات جوية على مواقع عسكرية وتجمعات لميليشيات الحوثي وصالح في تعز، وكبدتهم خسائر فادحة خصوصًا في آلياتهم العسكرية الثقيلة والمتوسطة التي كانت تتمركز في مواقع تسيطر عليها مثل الدفاع الجوي، ومنازل كانت تستخدم مخازن للأسلحة بما فيها منزل ر. العليمي، في منطقة الجحملية، ومنزل ع. الجنيد، ومنزل ن. مهيوب، ومنزل م. سيف المقاول، وتبة السلال، ومنطقة ثعبات، وشارع الستين، ومفرق الذكرة، وسد العامرة، ومخزن للأسلحة في الجحملية، والقصر الجمهوري والزنقل.
في المقابل، واصلت ميليشيات الحوثي وصالح أمس قصفها العنيف على الأحياء السكنية في تعز بمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من أماكن تمركزها بما فيها حي وادي المدام والمسبح والروضة.
كذلك، شهدت شوارع المدينة الرئيسية اختفاء بسيطًا لميليشيات الحوثي وصالح وبعض الأحياء السكنية، خاصة بعد التطورات الأخيرة في باب المندب، مما يشير إلى أن المقاومة الشعبية في إقليم تهامة ستحصل على دعم من الخط الساحلي.
وفي السياق ذاته، تواصل ميليشيات الحوثي وصالح عمليات اختطافها لجميع من تشتبه في انتمائهم للمقاومة الشعبية التي كبدت الميليشيات الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد من خلال استهداف تجمعاتهم ومواقعهم ودورياتهم العسكرية في جميع مدن ومحافظات إقليم تهامة. وقال شهود محليون لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي وصالح اختطفت 3 خطباء مساجد، بعد صلاة الجمعة، وعدد من الشباب من مديرية الصليف بالحديدة، متهمة إياهم بأنهم يدعمون المقاومة الشعبية واقتادهم إلى أماكن مجهولة». وأضاف شهود العيان «اقتحمت الميليشيات قرية المعروفية بمديرية الزيدية وقامت باختطاف إمام وخطيب الجامع الكبير وشقيقه، في حين تحاول فرض خطباء وأئمة جوامع من طرفها في محاولة منها لنشر أفكارهم المتطرفة».
وحذر شخصيات ومشايخ وأعيان في تهامة ميليشيات الحوثي وصالح من ارتكاب المزيد من الانتهاكات بحق المواطنين واقتحام منازلهم واعتقالهم دون أي أسباب، وأن ما يقومون به يؤكد حالة الهستيريا التي أصيبوا بها جراء فشلهم وتكبيدهم الخسائر الفادحة في جبهات القتال في المحافظات التي تسيطر عليها، وتخوفها من بدء الحسم النهائي لتحرير محافظة الحديدة منهم.
وعلى السياق نفسه، تستمر طائرات التحالف العربي بشن غاراتها الكثيفة على مواقع وتجمعات ميليشيات الحوثي وصالح في محافظة الحديدة الساحلية، حيث استهدفت تجمعات للميليشيات في مزرعة حسن دوبلة وسماع دويّ انفجارات يُعتقد أنها لأسلحة كانت مخزنة في المزرعة، كما قصفت مخزن أسلحة في منطقة البابلي.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.