هل استغل بوتين انهيار الأسد ليحقق الحلم السوفياتي القديم؟

هل استغل بوتين انهيار الأسد ليحقق الحلم السوفياتي القديم؟
TT

هل استغل بوتين انهيار الأسد ليحقق الحلم السوفياتي القديم؟

هل استغل بوتين انهيار الأسد ليحقق الحلم السوفياتي القديم؟

في مرور مختصر على تاريخ المحادثات السوفياتية - السورية بخصوص قاعدة طرطوس، تجدر الإشارة إلى أن الاقتراح السوفياتي كان أساسا لإقامة قاعدة للأسطول الروسي في طرطوس، وقاعدة جوية في العمق السوري، وتحديدا «تي فور» (T4)، لحماية القاعدة البحرية في طرطوس. إلا أن موقف الرئيس السوري حافظ الأسد حينها، وعدم اتفاق الجانبين على استخدامات منظومات الدفاع الجوي التي سينشرها السوفيات في تلك المنطقة حول القاعدة الجوية، حالا دون تحقيق اتفاق إنشاء قاعدة للأسطول، واقتصر الأمر على قاعدة دعم تقني لا تقوم بأي مهام عسكرية، كخطوة أولية لاستكمال المحادثات. وجاءت تغيرات الوضع الدولي وعدم رغبة الأسد الأب في إثارة حفيظة الولايات المتحدة في تلك المرحلة، ليبقيا قاعدة طرطوس الروسية مجرد محطة صيانة وتزويد بالمؤن من ماء شرب وطعام للسفن السوفياتية العائمة في المتوسط.
عاد موضوع إقامة قاعدة بحرية في طرطوس إلى الواجهة منذ سنوات مع اقتراب انتهاء اتفاقية انتشار أسطول البحر الأسود الروسي في موانئ شبه جزيرة القرم، التي كانت حينها تابعة لأوكرانيا. ومن بين الاقتراحات التي جرى بحثها أن يتم نقل الأسطول عام 2017، أي عند انتهاء المدة التي نصت عليها الاتفاقية مع أوكرانيا، إما إلى مدينة نوفوروسيسك أو مدينة طرطوس، حيث كانت تجري أعمال لزيادة عمق الميناء في محيط قاعدة الدعم التقني الروسية. وتقول بعض المصادر إن محادثات جرت بين دمشق وموسكو بهذا الصدد، واجهت تعقيدات من الجانب السوري وحالت من جديد دون تحقيق الحلم الروسي.
الآن، وبينما بات واضحا أن النظام السوري سيسقط لا محال، إن لم يكن بعمل عسكري فعبر العملية السياسية التي انطلقت وغطى التحرك العسكري الروسي على مجرياتها، يبدو أن روسيا قد قررت الاستفادة من الأسد الابن قبل رحيله، واستغلال تقهقر قواته وإدراكه أن سقوط أركان حكمه بات أمرا محسوما، لتحقق حلمها بإقامة قاعدة بحرية مع قاعدة إسناد جوي لها. وربما يكون هناك اتفاق ما تم التوصل إليه بحيث تضمن له روسيا ولحاشيته مستقبلا آمنا، بينما يمنح هو روسيا فرصة لتنفيذ مشروعها، بأن يدعوها لإقامة قواعد عسكرية على الأراضي السورية لمساعدته. وحتى دون اتفاق كهذا، أدركت موسكو على ما يبدو أن الأسد مثل غريق سيتمسك بقشة، فكانت هذه القشة بأن قدمت له بعض الدعم العسكري وأقامت قاعدة جوية لها في سوريا، تحت غطاء شرعي بموجب طلب رسمي منه، أي من الأسد الذي ما زالت حكومته تمثل سوريا في المحافل الدولية.
ومع الإعلان عن إشراك سفن حربية روسية في العملية العسكرية في سوريا، لا يُستبعد أن تكون الخطوة التالية التي ستقوم بها موسكو تحويل القاعدة غير العسكرية في ميناء طرطوس إلى قاعدة قد تضم بداية بعض السفن الحربية، على أمل أن تجعل منها مع الوقت مقرا دائما لأسطول حربي روسي، وتقوم القاعدة الجوية الروسية في حميميم، وصواريخ ضمن منظومات الدفاع الجوي يُحتمل أنها نُشرت حول حميميم، بضمان أمن الأجواء في المنطقة لحماية القاعدة البحرية، فضلا عن إحداث تكامل في تنفيذ المهام العسكرية، استراتيجية أو تكتيكية الطابع، بين القاعدتين الجوية والبحرية مع القطع العسكرية في عرض المتوسط. وسيؤكد أي مطلع على الشؤون العسكرية أن مثل هذه القوات كافية من جانب روسيا لردع واحتواء الأسطول السادس الأميركي في البحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي تسعى موسكو إلى تحقيقه منذ العهد السوفياتي، ناهيك عن الدور الذي ستلعبه هذه القوة العسكرية الروسية في تثبيت النفوذ الروسي في المنطقة، وتمكينها من لعب دور أكثر فعالية في شؤونها.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».