استطلاع للرأي: 69 % من الروس يعارضون تقديم دعم عسكري للأسد

تحذيرات من التحول إلى طرف في النزاع السوري

استطلاع للرأي: 69 % من الروس يعارضون تقديم دعم عسكري للأسد
TT

استطلاع للرأي: 69 % من الروس يعارضون تقديم دعم عسكري للأسد

استطلاع للرأي: 69 % من الروس يعارضون تقديم دعم عسكري للأسد

لم تأت تغطية الصحف الصادرة في روسيا أمس للعملية العسكرية الروسية في سوريا مشابهة لتلك الحملة الإعلامية الواسعة على شاشات معظم قنوات التلفزة، التي انبرت في تلميع الدور العسكري الروسي في الأزمة السورية، وعرض وجهات نظر تساهم في حشد تأييد واسع لدى الرأي العام في البلاد لعمليات القوات الروسية على الأراضي السورية، مع حرصها على تأكيد عدم وجود نية أو خطط لإشراك قوات برية في تل العمليات.
ولعل أبرز ما جاء في هذا السياق استطلاع للرأي العام الروسي أجراه مركز «نيفادا»، أظهرت نتائجه معارضة 69 في المائة من المواطنين الروس لتقديم روسيا الدعم المباشر (إرسال قوات) لنظام بشار الأسد.
وتظهر هذه النتيجة مخاوف لدى الرأي العام الروسي، انعكست في أسلوب تناول الصحف الروسية للحدث. وفي هذا السياق تناولت صحيفة «كوميرسانت» المخاوف من رد فعل المسلمين الروس على ما يجري، ونشرت مقتطفات من كلمة وجهها راويل عين الدين، رئيس مجلس الإفتاء الروسي للمسلمين دعاهم فيها إلى «تقييم صحيح لقرار العملية العسكرية في سوريا». ورأت الصحيفة أن الشيخ راويل اضطر على ما يبدو لتوجيه هذه الكلمة ربما لإدراكه أن «أعدادا كبيرة من المسلمين الروس لا ينظرون إلى نظام بشار الأسد بطريقة أفضل من نظرتهم إلى (داعش)».
وأظهرت دراسة أجرتها صحيفة «كوميرسانت» الحاجة إلى أن يضاعف رجال الدين من جهودهم في أوساط المسلمين الروس «للحد من الاستياء الآخذ بالتنامي بينهم على خلفية التدخل العسكري الروسي في سوريا» ويرجع ذلك، حسب رأي الناشط الخبير في تشريعات الهجرة روستام قاسيموف، إلى حقيقة «أن هناك توافقا دائما في الآراء بين المسلمين المعتدلين والمتطرفين بأن بشار الأسد طاغية».
علي تشارينيسكي، ناشط مسلم آخر نقلت الصحيفة رأيه، يؤكد أن «غالبية من يعرفهم، الذين يعادون داعش شعروا بخيبة أمل معتبرين أن روسيا بتحركها هذا إنما تريد دعم الأسد، العدو الشرير للمسلمين».
لهذا يرى الباحث السياسي الروسي غيورغي ميرسكي الخبير بشؤون الشرق الأوسط ضرورة أن توضح السلطات الروسية «أنه لا أحد يعتبر بشار الأسد بريئا دون ذنوب، لكنه أفضل الشرين مقارنة بـ(داعش)».
صحيفة «نيزافيسمايا غازيتا» تساءلت من جانبها «هل ستتمكن روسيا من عدم الانجرار إلى حرب»، وحذرت في هذا السياق من أنه «إذا كانت الأهداف الحقيقية للتدخل مساعدة الأسد للصمود، ولتعزيز الوجود الروسي على ساحل المتوسط فإن هذا سيثير حفيظة الغرب، إلا أن القيادة الروسية تستعرض عدم رغبتها بالاهتمام بالغرب، بينما لا يرى المواطنون فرقا بين (داعش) وجبهة النصرة، وكل ما يعرفونه من الإعلام أن بشار الأسد حليف روسيا وأن الولايات المتحدة تحرض الإرهابيين ضده». رغم هذا ترى الصحيفة أنه سيكون من الصعب أن تتفادى روسيا التورط في النزاع السوري، وتلفت إلى أن «جزءا كبيرًا من الشعب السوري يحارب ضد الأسد، بينما يحارب هو من أجل السلطة»، مؤكدة أنه «من الصعب خوض حرب حاليا ضد (داعش) وخلايا القاعدة في سوريا دون أن يمس هذا الحرب الأهلية في سوريا، ويؤثر على ميزان القوى في النزاع الداخلي». لذلك تضيف «نيزافيسمايا» أنه «لا يمكن حل مشكلة (داعش) قبل وضع حد للحرب الأهلية في سوريا. كما ويبدو غير واقعي أيضًا وضع حد لتلك الحرب من خلال الدعم الفعلي للأسد واحتفاظه بكرسي الرئاسة. وفقط في حال كان تعزيز موقف الأسد وسيلة للحصول على شروط ملائمة لخروجه، عندها فقد توجد فرصة أمام روسيا لتفادي الانخراط في حرب طويلة الأمد ومعدومة الآفاق».
أما صحيفة «آر بي كا - ديلي» فقد حذرت من احتمال نشوب مواجهة مع التحالف الغربي ضد تنظيم داعش «في حال اتضح أن الضربات الجوية الروسية لا تستهدف (داعش)، وإنما فصائل المعارضة السورية». وتشير الصحيفة في مقالها إلى أن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يؤكد للعالم بأسره بأن روسيا تقف على الحياد، ودورها يقتصر على تصدير السلاح وتقديم المشورة. إلا أنها تقف الآن على الخطوط الأمامية، وتتحول إلى طرف مشارك في الحرب». في هذا السياق تعتبر الصحيفة أن «السؤال الأهم اليوم: هل ستقتصر ضربات الطائرات والمدرعات الروسية على (داعش)، أم أنها ستبدأ (عن طريق الخطأ) توجيه ضربات في الوقت ذاته ضد المتمردين؟».
من ثم تلفت «آر بي كا ديلي» الانتباه إلى أن الموقف الرسمي الروسي يعتبر كل من يقف بوجه الأسد في سوريا «إرهابيا وعدوا شريرا»، لتوضح بعد ذلك أن فصائل المعارضة السورية هي مجموعات وقفت ضد الأسد منذ البداية بينما ظهر «داعش» في وقت متأخر من الأزمة السورية. وعليه ترى الصحيفة أن الأزمة السورية تختلف في هذا الجانب عن الوضع في أفغانستان وفيتنام، حيث كان هناك العدو واضحا بدقة، بينما تتشابك خطوط المواجهات في سوريا بين قوات النظام وقوات المعارضة و«داعش». لذلك تعتبر الصحيفة أن «الكرملين اختار طريقا غاية في الخطورة لإنقاذ ما يعتبرها مصالحه، حين ربط هذا الأمر بشكل وثيق بشخصية الأسد». وتحذر الصحيفة من أن روسيا قد تجد نفسها متورطة في مواجهات على أكثر من اتجاه، داعية في الوقت ذاته إلى التريث بانتظار اتضاح المشهد بصورة أدق.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».