البشير يرحب بمبادرة المهدي ويستجيب لمطالب المعارضة

زعيم «الأمة» طالب بميثاق لتحديد مصير السودان وتسوية لملف المحكمة الجنائية

البشير خلال إحدى المناسبات السياسية (أ.ف.ب)
البشير خلال إحدى المناسبات السياسية (أ.ف.ب)
TT

البشير يرحب بمبادرة المهدي ويستجيب لمطالب المعارضة

البشير خلال إحدى المناسبات السياسية (أ.ف.ب)
البشير خلال إحدى المناسبات السياسية (أ.ف.ب)

رحب الرئيس السوداني عمر البشير بالنداء الذي أطلقه رئيس حزب الأمة القومي المعارض الصادق المهدي ووجه فيه دعوة شخصية له للاستجابة لمطالب المعارضة والاتفاق على «ميثاق» يتحدد بموجبه مصير السودان وقضايا التحول السلمي الديمقراطي، ويتضمن تسوية سياسية لملف المحكمة الجنائية الدولية وإعفاء الديون، بما يوفق بين المساءلة والاستقرار في السودان.
ونقلت «سونا» عن مساعد الرئيس عبد الرحمن الصادق المهدي، قوله إن الرئيس يأمل في يعبر نداء المهدي عن موقف قوى المعارضة بالمشاركة في اللقاء الجامع الذي وعد بتوفير استحقاقاته كافة. وقال نجل المهدي الذي يشغل منصب مساعد الرئيس البشير عقب لقائه الرئيس البشير وفقًا للوكالة الرسمية أمس، إن اللقاء الذي ضمهما تناول مسيرة الحوار الوطني والمساعي الحالية لإنجاحه والمتمثلة في الاتصال بالأطراف كافة ليأتي حوارًا شاملاً.
ودعا المهدي الابن أطراف الحوار للالتزام بما سماه الثوابت الوطنية والمحافظة على وحدة البلاد والتزام الحوار الذي لا يستثني أحدًا ودون هيمنة من أحد، وينبذ العنف وتحقيق السلام العادل والشامل، وإقامة الحكم الراشد القائم على المشاركة والمساءلة وسيادة حكم القانون والعلاقة الفيدرالية بين المركز والولايات.
وأوضح مساعد الرئيس «المهدي الابن» أن إنجاح الحوار الوطني يتطلب إجراءات بناء الثقة بين كل الأطراف، التي تتضمن عقد لقاء مع المعارضة في الخارج بشقيها المدنية والمسلحة، على أن يعقد مؤتمر الحوار الوطني داخل البلاد، وأن يدار بحياد وتصدر قراراته بالتراضي، وبأغلبية لا تقل عن 90 في المائة، وإتاحة الحريات العامة للمشاركين فيه وللرأي العام، معربًا عن أمله في أن يجد الحوار السوداني دعمًا دوليًا وإقليميًا يخاطب قضايا الدين الخارجي ومخاطبة القرارات الدولية الصادرة بحق السودان.
ودعا الرئيس البشير في يناير (كانون الثاني) 2013 لعقد حوار وطني بين الحكومة السودانية ومعارضيها بشقيها المدني والمسلح، بيد أن الحوار الذي دعا له تعثر كثيرًا بعد خروج حزب المهدي منه، إثر اعتقال الأخير بسبب توجيهه اتهامات لقوات الدعم السريع، ومقاطعة قوى المعارضة الرئيسية له، بيد أن حزب الرئيس البشير وقوى سياسية صغيرة الحجم والتأثير واصلت حوارها، واتفقت على بدايته في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بمن حضر.
وتشترط المعارضة المنضوية تحت اسم «قوى نداء السودان»، وتضم قوى المعارضة السياسية والحركات المسلحة التي تقاتل حكومة الخرطوم، عقد لقاء تحضيري جامع خارج السودان للاتفاق على إجراءات بناء الثقة، وخريطة طريق، ثم ملتقى جامع داخل السودان، وهو ما يرفضه الرئيس البشير وحزبه، ويصر على عقد الحوار داخل البلاد، متعهدا بتوفير الضمانات الكافية للمعارضين بما فيهم قادة الحركات المسلحة للمشاركة في الحوار الوطني داخل البلاد.
وأصدر الرئيس البشير في خطابه بمناسبة عيد الأضحى الماضي وقفًا لإطلاق النار مع الحركات المسلحة وعفوًا عن قادتها الذين يواجه بعضهم أحكامًا بالإعدام، للمشاركة في الحوار الوطني، بيد أن قوى المعارضة لم تنظر إليه بشكل جدي، واعتبرته امتدادًا لدعوات مماثلة وجهها الرئيس البشير ولم توف بها حكومته، بيد أن المهدي في خطبته إلى أنصاره عيد الأضحى الماضي، رحب بالعفو الرئاسي، ودعا الرئيس البشير للدخول للتاريخ بأوسع أبوابه بالاستجابة لنداء الوطن وقبول خريطة طريق لسلام شامل وعادل وتحول ديمقراطي كامل بأسلوب لا يعزل أحدًا، وناشده قائلاً: «تجاوب أيها الأخ مع هذه الفرصة التاريخية، ونحن نضمن لك الوفاء بالتزاماتنا كاملة إن شاء الله».
وفي ذات الوقت انتقد المهدي الحوار المقرر بدايته الشهر الحالي، ووصفه بأنه يجعل من الرئيس البشير «عمدة» يستطيع إبرام اتفاقات ثنائية تحافظ على ثوابت حكمه رغم عزلته الوطنية والإقليمية والدولية، جدد العزم على العمل من أجل «ربيع سوداني» يحقق أهداف الشعب وينفذ الميثاق الوطني.
وألقى المهدي في خطبته تلك بـ«جزرة» لنظام حكم الرئيس البشير دعا فيه مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار جديد تحت عنوان «السلام العادل الشامل والاستقرار الديمقراطي في السودان»، يتضمن تقديم منافع للسودان، تشمل تسوية قضية المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس البشير وبعض معاونيه، بما يوفق بين المساءلة والاستقرار في السودان، والتوصية بإعفاء الدين الخارجي السوداني ضمن برنامج إلغاء ديون البلاد الفقيرة المدينة، ورفع العقوبات الاقتصادية، وفك تجميد الدعم التنموي.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.