فرنسا تفتح ملف «سيزار» عن جرائم الأسد بالاستناد إلى 55 ألف صورة أخرجت من سوريا

باريس تعمل على ثلاثة محاور وغرضها الأول إجهاض مساعي إعادة تأهيل الرئيس الأسد

فرنسا تفتح ملف «سيزار» عن جرائم الأسد بالاستناد إلى 55 ألف صورة أخرجت من سوريا
TT

فرنسا تفتح ملف «سيزار» عن جرائم الأسد بالاستناد إلى 55 ألف صورة أخرجت من سوريا

فرنسا تفتح ملف «سيزار» عن جرائم الأسد بالاستناد إلى 55 ألف صورة أخرجت من سوريا

اسمه المستعار «سيزار» أو «قيصر». والملف الذي يحمل اسمه، أصبح عنوانا للشكوى التي تقدمت بها وزارة الخارجية الفرنسية للادعاء العام في باريس ضد النظام السوري بتهمة «ارتكاب جرائم حرب» ضد الشعب السوري بين العامين 2011 و2013. وسارع الادعاء العام إلى فتح تحقيق أولي عهد به إلى قاض للتحقيق ستكون مهمته النظر في الدعوى المستندة إلى ملف يتضمن 55 ألف صورة التقطها مصور سابق ملحق بالمخابرات العسكرية الفرنسية في مستشفيين في دمشق: «المزة ومستشفى تشرين»، لجثث سجناء عذبوا وقتلوا على أيدي المخابرات السورية. ويبلغ عدد هؤلاء 11 ألف شخص.
«سيزار» هو إذن اسم المصور الذي هرب من سوريا صيف العام 2013. وشكلت الصور التي أخرجها بطريقة خفية المادة الأساسية لتقرير أعده خبراء قانونيون ومحققون بداية العام 2014. والصور عرض بعضها في باريس ولندن كما أن سيزار «شهد» أمام لجنة تابعة للكونغرس الأميركي العام الماضي. ومن جانبها سعت باريس، استنادا إلى الصور نفسها، أن تدفع مجلس الأمن الدولي بنقل المسألة إلى المحكمة الجنائية الدولية. لكن المساعي الفرنسية واجهها رفض روسيا القاطع التي دأبت منذ اندلاع الحرب في سوريا على توفير المظلة التي تحمي النظام في مجلس الأمن.
بيد أن باريس لم تلق السلاح. وقال وزير الخارجية لوران فابيوس، أمس، إن «المسؤولية الواقعة على عاتقنا إزاء الجرائم التي يندى لها ضمير الإنسانية، هي التحرك من أجل عدم بقاء هذه الجرائم دون عقاب». وتعبر باريس أن الأدلة التي توفرها صور الضحايا التي تظهر عليها آثار التعذيب والشهادات التي نقلها «سيزار»، تعني أنها: «جرائم حرب» و«جرائم ضد الإنسانية»، قد ارتكبت في الفترة التي تغطيها الصور التي أخرجت ليس فقط من داخل سوريا، وإنما من عقر دار المواقع الشاهدة على ممارسات أجهزة النظام الفظيعة. وجدير بالذكر أن تقارير الأمم المتحدة تفيد بأنه لا أقل من 250 ألف شخص قتلوا في سوريا منذ اندلاع المواجهات بين المعارضة والنظام.
لكن يبقى السؤال: لماذا اليوم وما هي الأهداف التي تسعى باريس لتحقيقها عبر الإفصاح عن إطلاق تحقيق أولي في الجرائم المنسوبة للنظام؟
الواقع أنه لا يمكن استيعاب البادرة الفرنسية بمعزل عما هو جار في الأمم المتحدة منذ نهاية الأسبوع الماضي، وعن المواقف الفرنسية «المتشددة» إزاء مساعي موسكو لإعادة تأهيل النظام وجعله جزءا فاعلا في منظومة محاربة الإرهاب ومن العملية السياسية الانتقالية، وهو ما ترفضه باريس وتسعى لتأليب واشنطن والرياض وأنقرة والدوحة من أجله.
وتعمل باريس على ثلاثة محاور متلازمة: الأول، عسكري وتمثل بالضربة الجوية التي وجهتها ست طائرات فرنسية من طراز رافال وميراج صباح الأحد الماضي ضد معسكر لـ«داعش» في منطقة دير الزور. والثاني سياسي وبرز من خلال مواقف باريس الرافضة ومن خلال ما طرحته من أفكار وأهمها دعوتها لإقامة مناطق آمنة شمال سوريا على الحدود مع تركيا، من أجل حماية اللاجئين ووقف تيار الهجرة المتدفق على الاتحاد الأوروبي، وتمكين المعارضة السياسية المتمثلة بالائتلاف الوطني السوري من إيجاد موقع قدم لها داخل الأراضي السورية. أما المحور الثالث فهو قضائي وأولى خطواته الدعوى المقامة وفتح التحقيق الأولي.
كل هذه الخطوات تصب في رغبة فرنسية إثبات الحضور والتمكن من التأثير على مسار الأحداث والتطورات وخصوصا «لجم» المسرعين للتعبير عن التساهل وقبول العروض الروسية من غير التأكد من العواقب السياسية المترتبة عليها لجهة دور الرئيس السوري في المرحلة القادمة. وبحسب المصادر الفرنسية، فإذا كانت باريس قابلة بأن يكون للأسد دور في مستهل المرحلة الانتقالية وإذا تخلت عن شرط خروجه المسبق من أجل السير في حل سياسي انتقالي، فإنها رافضة بقوة بقاءه في المشهد السوري لفترة طويلة تزيد على عدة أشهر بعد انطلاق المرحلة الانتقالية.
تقول أوساط سياسية في باريس إن فرنسا «تسعى لإعادة إنتاج الدور الذي لعبته خلال المفاوضات التي أفضت إلى الاتفاق النووي مع إيران، حيث التزمت مواقف متشددة وحسنت من بنود الاتفاق وشددت الإجراءات المفروضة على طهران، ومنها العودة الآلية إلى العقوبات في حال أخلت إيران بالتزاماتها والشفافية الكاملة في تنفيذ الاتفاق».
هل ستنجح هذه المرة؟ السؤال مطروح لكن اللاعبين كثر والمواقف قابلة للتبدل ولذا فالإجابة متروكة للقادم من الأيام.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».