مصر: الحكومة الجديدة تستبق مواجهة مرتقبة مع البرلمان بإعداد برنامج عمل

قائد القيادة المركزية الأميركية يؤكد دعم بلاده للقاهرة في حربها ضد الإرهاب

مصر: الحكومة الجديدة تستبق مواجهة مرتقبة مع البرلمان بإعداد برنامج عمل
TT

مصر: الحكومة الجديدة تستبق مواجهة مرتقبة مع البرلمان بإعداد برنامج عمل

مصر: الحكومة الجديدة تستبق مواجهة مرتقبة مع البرلمان بإعداد برنامج عمل

بينما أكد لويد أوستن، قائد القيادة المركزية الأميركية، خلال لقائه أمس الفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع المصري، بالقاهرة، دعم بلاده لمصر في حربها ضد الإرهاب، عقدت الحكومة المصرية اجتماعها أول من أمس بتشكيلها الجديد برئاسة شريف إسماعيل. وقال رئيس الوزراء عقب الاجتماع إنه يعمل حاليا على وضع برنامج عمل على المديين القصير والمتوسط.
وأوضحت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة التي تم تشكيها قبل نحو أسبوعين فقط تستعد عبر إعداد برنامج محكم لمواجهة محتملة ومرتقبة مع مجلس النواب (البرلمان) المقبل، من أجل كسب ثقته وضمان بقائها فترة كافية».
وأدت حكومة إسماعيل اليمين الدستورية أمام الرئيس السيسي في 19 سبتمبر (أيلول) الماضي، قبل أسابيع فقط من إجراء الانتخابات البرلمانية، المقرر انطلاقها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
وتنص المادة 146 من الدستور على أن يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا للوزراء بتشكيل الحكومة، وعرض برنامجه على مجلس النواب، وإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية الأعضاء خلال ثلاثين يوما على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا آخر لمجلس الوزراء، بترشيح من الائتلاف الحائز لأكثرية في البرلمان، لكن إذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية الأعضاء خلال ثلاثين يوما، عُد المجلس منحلا، وبناء عليه يدعو رئيس الجمهورية إلى انتخاب مجلس جديد خلال ستين يوما.
ورجحت المصادر أن يكون هدف التغيير المفاجئ في الحكومة السابقة، وقبيل أسابيع من انتخابات البرلمان، هو أن تكون الفترة ما بين تشكيل حكومة إسماعيل وانتخاب البرلمان فترة اختبار عملي لأداء الحكومة الجديدة، فإذا أثبتت كفاءتها أعيد تكليفها، إضافة إلى أن تكون لديها فرصة كافية من أجل إعداد برنامج مُحكم ينال ثقة مجلس النواب المنتخب، دون أن يتم تكليف رئيس وزراء جديد.
وقال رئيس الوزراء الجديد أمس إن المجلس استعرض في اجتماعه خطاب التكليف للحكومة من الرئيس السيسي، الذي يمثل المحاور الرئيسية لعمل الحكومة، مشيرا إلى أن الوزراء استعرضوا خلال الاجتماع خططهم في ضوء خطاب التكليف، وأن وزارة التخطيط ستعد الإطار العام للبرنامج، حيث سيكون للحكومة برنامج عمل على المديين القصير والمتوسط.
وردا على سؤال حول دمج عدد من الوزارات ومتابعة المشروعات القومية، قال إسماعيل في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع، إنه يسعى لأن تكون هناك سرعة في الأداء والإنجاز، خاصة أن بعض الكيانات التي تم إنشاؤها لم تكن لها موازنات ولذلك جاءت عملية الدمج، مشيرا إلى أنه للتغلب على هذا الأمر سيكون هناك نواب للوزراء معنيون بقطاعات محددة. أما بخصوص المشروعات فقد أكد إسماعيل أن «كل مشروع سيكون له برنامج زمني، ونحن ملتزمون بهذه البرامج، ونحاول تدارك التأخير في بعض المشروعات».
وأضاف إسماعيل أن الحكومة الحالية ستعمل وفق برنامج عمل متوازن بين المكتبي والميداني، حيث ستكون موجودة في الشارع ومواقع العمل، وفي المكاتب في الوقت نفسه، بما يحقق مصالح مصر وشعبها.
من جهته، قال وزير التخطيط الدكتور أشرف العربي، إن اجتماع مجلس الوزراء ناقش عددا من الموضوعات المهمة، وكان على رأسها تكليف وزارة التخطيط بالتنسيق مع باقي الوزارات لإعداد برنامج عمل للحكومة، ستطرح تفاصيله خلال الفترة المقبلة، بحيث يكون أول مرتكز له هو خطاب التكليف من طرف رئيس الجمهورية، وترجمته إلى برنامج عمل في إطار رؤية تنموية طويلة الأجل، بهدف وضع استراتيجية التنمية المستدامة لمصر 2020 - 2030. وأضاف العربي أنه سيتم إطلاق تفاصيل استراتيجية مصر المستدامة، التي تأتي متزامنة مع إطلاق الأمم المتحدة لاستراتيجيتها التنموية، موضحًا أنه تم خلال اجتماع مجلس الوزراء التأكيد على فكرة العمل المؤسسي، وتتويج الجهود التي بذلت خلال الفترة الماضية.
وفي السياق نفسه، أشار المستشار مجدي العجاتي، وزير مجلس النواب والشؤون القانونية، إلى أن الحكومة كلفت وزارات التنمية المحلية والعدل والداخلية ومجلس النواب بالتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات لمراجعة الاستعدادات الخاصة بتنظيم العملية الانتخابية وتأمين اللجان الانتخابية، إلى جانب التغطيات الإعلامية. وأضاف العجاتي أن التكليف يشمل كل ما يتعلق بالانتخابات من جداول انتخابية ومراجعتها، والإشراف القضائي، وأن موقف الحكومة حيادي تجاه العملية الانتخابية بكاملها. وقال إنها تترك الأمر بالكامل للجنة العليا للانتخابات بهدف إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، واستكمال الاستحقاق الأخير من خارطة الطريق.
وأبدى وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية إعجابه بتجهيزات قاعة مجلس النواب، لا سيما بعد إدخال تقنية التصويت الإلكتروني إليها.
من جهة أخرى، التقى أمس الفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، لويد أوستن، قائد القيادة المركزية الأميركية، والوفد المرافق له الذي يزور مصر حاليا.
وتناول اللقاء عددا من الملفات والموضوعات المتعلقة بمجالات الشراكة والتعاون العسكري والأمني بين القوات المسلحة لكلا البلدين، في ضوء تنامي العلاقات العسكرية المصرية الأميركية، وكذلك الجهود والمواقف الإقليمية والدولية تجاه الحرب على الإرهاب، وتطورات الأوضاع التي تشهدها المنطقة.
وأعرب أوستن عن تقديره لمصر ودورها المحوري في الحفاظ على الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، بما تمثله من ثقل استراتيجي في المنطقة، مؤكدا دعم بلاده لمصر في حربها ضد الإرهاب، وتطلعها نحو البناء والاستقرار والتنمية. ومن جانبه، أكد صبحي اعتزازه بعمق العلاقات العسكرية المصرية - الأميركية التي تمتد عبر عقود من التعاون المشترك في العديد من المجالات، وتفهم الولايات المتحدة الجيد لما تقوم به مصر لإرساء دعائم الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.