تدهور السياحة يدفع الاقتصاد التونسي نحو الانكماش

{فيتش} حذرت من عدم الاستقرار الأمني والسياسي

تدهور السياحة يدفع الاقتصاد التونسي نحو الانكماش
TT

تدهور السياحة يدفع الاقتصاد التونسي نحو الانكماش

تدهور السياحة يدفع الاقتصاد التونسي نحو الانكماش

رغم الاستقرار النسبي الذي تشهده الحياة السياسية في تونس، إلا أن النمو الاقتصادي ما زال بعيدًا عن المعدلات التي تُمكن البلاد من مواجهة القضايا المُلحة كالبطالة المُرتفعة والفقر والفوارق الاجتماعية الكبيرة، الأمر الذي جعل النظام يلجأ إلى سياسة الصفح عن رجال الأعمال الذين سبق اتهامهم بالفساد، من أجل تنشيط معدلات الاستثمار لدعم النمو المُتباطئ، مما أثار الجدل والغضب الشعبي في تونس.
ووفقًا لأرقام نشرها المعهد التونسي للإحصاء، بداية سبتمبر (أيلول) الماضي، لم تتجاوز نسبة النمو في النصف الأول من العام الحالي 1.2 في المائة، مما جعل البنك المركزي يحذر من دخول الاقتصاد في مرحلة انكماش غير مسبوقة.
وتقترب هذه النسبة من تقديرات الحكومة في قانون الموازنة التكميلي للعام الحالي، حيث لا تتوقع أن تتجاوز نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي 1 في المائة وهي نسبة يراها خبراء عاجزة تمامًا عن حل مشكلة البطالة والفقر والفوارق الاجتماعية. وسبق أن راهنت الحكومة والبنك المركزي التونسي على تحقيق نمو بنسبة 3 في المائة إلا أن ضربتي باردو وسوسة الإرهابيتين أديا إلى انكماش للاقتصاد نحو النمو المتباطئ.
ومن بين المشكلات الأساسية التي يعاني منها الاقتصاد التونسي تراجع نمو الصادرات والاستثمار وعائدات السياحة وانخفاض قيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية وارتفاع نفقات الديون وتدهور القوة الشرائية وارتفاع معدلات البطالة والفقر. وتقدّر نسبة العاطلين عن العمل في تونس حاليًا بنحو 600 ألف، تعادل 15.2 في المائة من إجمالي القادرين على العمل، وترتفع نسبة بطالة حاملي الشهادات العليا إلى 31 في المائة، ليبلغ عددهم نحو 241.3 ألفًا، وفق بيانات رسمية.
وكان البنك المركزي التونسي قد كشف مؤخرًا عن تراجع الدينار التونسي خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي بنسبة 5.6 في المائة مقابل الدولار وبنسبة 1.4 في المائة مقابل الين الياباني.
وبلغ حجم الدين العام التونسي 53 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 38 في المائة خلال عام 2010، ويُمثل الدين الخارجي نحو 61 في المائة من الدين العام، بما يُعادل 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
واعتبرت وكالة التصنيف الأوروبية «فيتش»، أن مستوى الدين العام في تونس مرتفع مقارنة باقتصادات مماثلة، وهو ما يشكل ضغوطًا على احتياطي تونس من العملة الأجنبية.
وحذرت وكالة التصنيف، من تداعيات عدم الاستقرار السياسي والأمني على اقتصاد تونس بالإضافة إلى استمرار الإضرابات بسبب عدم الرضا الشعبي عن قانون المصالحة الاقتصادية.
ويثير قانون المصالحة الاقتصادية الذي طرحه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في يوليو (تموز) الماضي، كثيرًا من الجدل في الأوساط السياسية والاجتماعية في البلاد لدرجة أنه أصبح نقطة اشتعال لمخاوف اقتصادية ومخاوف من أن البلاد تتراجع عن التقدم الديمقراطي.
يقول مؤيدو مشروع القانون إنه من الضروري تعزيز الاقتصاد التونسي ودفع البلاد إلى الأمام بعد أربع سنوات طويلة من المرحلة الانتقالية. لكن المنتقدين يرون أنه سيؤدي إلى إلغاء عملية العدالة الانتقالية وسيُمكن الحكومة من العفو عن المسؤولين الفاسدين ورجال الأعمال الذين لديهم علاقات مع نظام زين العابدين بن علي، الذي أطيح به بعد انتفاضة شعبية نهاية عام 2010.
ورجحت الوكالة، في تقرير أصدرته في السادس والعشرين من الشهر الحالي، ارتفاع عجز الموازنة في تونس إلى ما يعادل 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام الحالي.
وكشفت فيتش عن أن القروض المتعثرة تبلغ 23.9 في المائة من إجمالي القروض في البنوك العامة، نتيجة التراجع الكبير في قطاع السياحة. ورغم التقلص الطفيف في عجز الموازنة في تونس، سجل قطاع السياحة تراجعًا بنسبة 35.6 في المائة في إشغال الفنادق، مما انعكس سلبًا على دخل الدولة من السياحة التي تراجعت بنهاية أغسطس (آب) الماضي بنحو 23 في المائة مقارنةً بالعام الماضي. وقالت وزيرة السياحة التونسية سلمى اللومي، في لقاء صحافي خلال سبتمبر الحالي، إن عدد السياح تراجع إلى نحو 4 ملايين سائح منذ بداية العام وحتى الشهر الحالي مقارنة بنحو 5 ملايين أجنبي زاروا تونس في نفس الفترة من العام الماضي.
وأضافت الوزيرة، أن السياح الغربيين تراجع عددهم بنحو 50 في المائة بسبب الهجمات، ومنعت عدة دول غربية مواطنيها من السفر إلى تونس متوجسة من إمكانية شن مزيد من الهجمات.
وتعد السياحة إحدى أعمدة الاقتصاد التونسي، إذ تدر ما بين 18 و20 في المائة من تدفقات النقد الأجنبي السنوية لتونس.
كذلك كشفت بيانات البنك المركزي التونسي عن تراجع الصناعات الموجهة للتصدير بنسبة تجاوزت 7 في المائة، مما أدى إلى تسجيل نسبة عجز في ميزان المدفوعات تجاوزت المليون دولار.
وفي ظل فشل الخطط السابقة، التي تم وضعها خلال الأربع سنوات التالية للثورة في تونس، والتي اعتمدت على التداين الداخلي والخارجي لتعبئة موارد تمكن الدولة من تمويل الموازنة من أجل تعزيز النمو الاقتصادي في البلاد، تسعى الحكومة الراهنة لوضع خطة تنمية للبلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، للخروج بتونس من الأزمات المالية والاقتصادية التي انزلقت إليها.
وتشرع الحكومة التونسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل للدخول في جولة مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي، بشأن برنامج ائتمان جديد تصل قيمته لنحو 1.7 مليار دولار.
وكان صندوق النقد قد منح تونس مهلة حتى ديسمبر (كانون الأول) المُقبل، لاستكمال الإصلاحات الاقتصادية التي يحتاجها الاقتصاد قبل الحصول على القسط الأخير من القرض الائتماني المقدر بنحو 600 مليون دينار (315 مليون دولار)، من جملة 1.75 مليار دولار منحها الصندوق لتونس منذ 7 يونيو (حزيران) 2013.
وتحتاج تونس في النصف الثاني من عام 2015 إلى 1.3 مليار دولار لسد العجز في موازنتها العامة، في ظل ضعف النمو نتيجة تراجع إيرادات البلاد من النقد الأجنبي في كثير من القطاعات الحيوية، مثل الفوسفات والسياحة.
وتراهن الحكومة التونسية على منوال التنمية الجديد لتحقيق نسب نمو تتراوح بين 5 و6 في المائة خلال السنوات الخمس القادمة في حالة تمكنها من القيام بكثير من الإصلاحات الهيكلية التي يتطلبها الاقتصاد التونسي على غرار الإصلاح الإداري وإصلاح أنظمة الجباية وإعادة هيكلة القطاع المالي إلى جانب إصدار قوانين الاستثمار الجديدة.
ورغم تباطؤ النمو في تونس، يظل صندوق النقد الدولي متفائلاً بشأن استرجاع الاقتصاد التونسي عافيته وتحسن الأوضاع خلال الفترة القادمة.
واعتبرت كريستين لاجارد أن الظروف الاقتصادية العالمية الراهنة ولا سيما تراجع نسب النمو في الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري الأول لتونس يستحوذ على 70 في المائة من المبادلات التجارية لتونس، ساهم إلى حد كبير في تواضع النمو في تونس.
وقالت لاجارد، مديرة الصندوق، خلال لقاء حواري مع ممثلي المجتمع المدني وأصحاب الأعمال والجامعيين بمقر البنك المركزي التونسي بداية سبتمبر الماضي، إن توقعات النمو في منطقة اليورو والولايات المتحدة الأميركية فضلاً عن تراجع أسعار المواد الأولية المحتمل خلال العام المقبل واستمرار هبوط أسعار النفط كلها عوامل من شأنها أن تنعكس إيجابا على الاقتصاد التونسي.

*الوحدة الاقتصادية
بـ«الشرق الأوسط»



ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)

يُرجئ دونالد ترمب فرض التعريفات الجمركية خلال يومه الأول ويراهن بشكل كبير على أن إجراءاته التنفيذية يمكن أن تخفض أسعار الطاقة وتروض التضخم. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت أوامره ستكون كافية لتحريك الاقتصاد الأميركي كما وعد.

فقد قال ترمب في خطاب تنصيبه إن «أزمة التضخم ناجمة عن الإفراط في الإنفاق الهائل»، كما أشار إلى أن زيادة إنتاج النفط ستؤدي إلى خفض الأسعار.

وتهدف الأوامر التي يصدرها يوم الاثنين، بما في ذلك أمر مرتبط بألاسكا، إلى تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. كما أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة على أمل إطلاق المزيد من إنتاج الكهرباء في إطار المنافسة مع الصين لبناء تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على مراكز البيانات التي تستخدم كميات هائلة من الطاقة.

ويعتزم ترمب التوقيع على مذكرة رئاسية تسعى إلى اتباع نهج حكومي واسع النطاق لخفض التضخم.

كل هذه التفاصيل وفقاً لمسؤول قادم من البيت الأبيض أصر على عدم الكشف عن هويته أثناء توضيحه لخطط ترمب خلال مكالمة مع الصحافيين، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وقال المسؤول إن الإدارة الجديدة، في أول يوم له في منصبه، ستنهي ما يسميه ترمب بشكل غير صحيح «تفويضاً» للسيارات الكهربائية. على الرغم من عدم وجود تفويض من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته لفرض شراء السيارات الكهربائية، فإن سياساته سعت إلى تشجيع الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية وشركات السيارات على التحول من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية.

هدّد ترمب، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، بفرض رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا ودول أخرى. ولكن يبدو أنه يتراجع حتى الآن عن فرض ضرائب أعلى على الواردات. وأشار المسؤول إلى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يقول إن ترمب سيوقع فقط على مذكرة تطلب من الوكالات الفيدرالية دراسة القضايا التجارية.

ومع ذلك، تعهد ترمب في خطاب تنصيبه بأن التعريفات الجمركية قادمة، وقال إن الدول الأجنبية ستدفع العقوبات التجارية، على الرغم من أن هذه الضرائب يدفعها المستوردون المحليون حالياً وغالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين.

لقد كان قرار التوقف ودراسة التعريفات الجمركية إشارة إلى الحكومة الكندية بأنه يجب أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات تقريباً بشأن اتجاه التجارة مع الولايات المتحدة.

«ربما يكون قد اتخذ قراراً بتعليق التهديد بالتعريفات الجمركية نوعاً ما على قائمة كاملة من الدول. سننتظر ونرى»، وفق ما قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلانك. أضاف: «لقد كان السيد ترمب في ولايته السابقة غير قابل للتنبؤ، لذا فإن مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون لأي سيناريو».

وبشكل عام، يواجه الرئيس الجمهوري مجموعة من التحديات في تحقيق طموحاته في خفض الأسعار. فقد نجح بايدن في خفض معدل التضخم على مدار عامين، إلا أنه سيغادر منصبه مع استمرار نمو الأسعار الذي فاق نمو الأجور على مدار السنوات الأربع الماضية.

ومن بين الدوافع الكبيرة للتضخم استمرار نقص المساكن، كما أن إنتاج النفط الأميركي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية، حيث يواجه المنتجون حالة من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي هذا العام.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من الناحية الفنية الهيئة الحكومية المكلفة الحفاظ على التضخم عند هدف سنوي يبلغ 2 في المائة تقريباً. وتتمثل أدواته المعتادة في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإقراض البنوك لبعضها البعض، بالإضافة إلى مشتريات السندات والاتصالات العامة.

وقال ترمب إن إنتاج الموارد الطبيعية هو المفتاح لخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، سواء في المضخة أو في فواتير الخدمات العامة.

تتخلل أسعار الطاقة كل جزء من الاقتصاد، لذا فإن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. وقد اشتكى ترمب، الذي تعهد باستعادة «هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة»، من أن إدارة بايدن حدّت من إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

ومع ذلك، ووفقاً للأوزان الترجيحية لمؤشر أسعار المستهلك، فإن الإنفاق على الطاقة يمثل في المتوسط 6 في المائة فقط من النفقات، أي أقل بكثير من الغذاء (13 في المائة) أو المأوى (37 في المائة).

عاد التضخم، الذي كان خامداً لعقود، إلى الظهور من جديد في أوائل عام 2021 مع تعافي الاقتصاد بقوة غير متوقعة من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19. طغت الطفرة في طلبات العملاء على سلاسل التوريد في أميركا، ما تسبب في حدوث تأخيرات ونقص وارتفاع الأسعار. وكافحت مصانع رقائق الحاسوب والأثاث وغيرها من المنتجات في جميع أنحاء العالم للانتعاش.

وقد سارع المشرعون الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في إغاثة إدارة بايدن من الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار، على الرغم من أن التضخم كان ظاهرة عالمية تشير إلى عوامل تتجاوز السياسة الأميركية. وازداد التضخم سوءاً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

ورداً على ذلك، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. انخفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022. لكن التضخم ارتفع منذ سبتمبر (أيلول) إلى معدل سنوي بلغ 2.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).

من المحتمل أن تحتاج العديد من الخطوات التي يتخذها ترمب إلى موافقة الكونغرس. تنتهي أجزاء من تخفيضاته الضريبية لعام 2017 بعد هذا العام، ويعتزم ترمب تمديدها وتوسيعها بتكلفة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات. ويرى ترمب أن التخلص من الدعم المالي للطاقة المتجددة في عهد بايدن هو وسيلة محتملة لتمويل تخفيضاته الضريبية.