بعد 28 يومًا.. إخلاء سبيل العمال الأتراك في بغداد

«داعش» يخلي مقاره في وادي حوران ومكر الذيب والصحراء الغربية في الأنبار

السفير التركي في بغداد فاروق قايمقجي مع العمال الاتراك الستة عشر الذين تم الافراج عنهم أمس في منطقة المسيب جنوب العاصمة العراقية (إ ب أ)
السفير التركي في بغداد فاروق قايمقجي مع العمال الاتراك الستة عشر الذين تم الافراج عنهم أمس في منطقة المسيب جنوب العاصمة العراقية (إ ب أ)
TT

بعد 28 يومًا.. إخلاء سبيل العمال الأتراك في بغداد

السفير التركي في بغداد فاروق قايمقجي مع العمال الاتراك الستة عشر الذين تم الافراج عنهم أمس في منطقة المسيب جنوب العاصمة العراقية (إ ب أ)
السفير التركي في بغداد فاروق قايمقجي مع العمال الاتراك الستة عشر الذين تم الافراج عنهم أمس في منطقة المسيب جنوب العاصمة العراقية (إ ب أ)

أعلن في بغداد أمس عن إخلاء سبيل العمال الأتراك المختطفين في العراق 16 والذين تم اختطافهم منذ الثاني من الشهر الحالي.
واستلم بغداد فاروق قايمقجي سفير تركيا لدى العراق العمال الـ16 المختطفين بعد الإفراج عنهم، وقال إن «تركيا بذلت قصارى جهدها من أجل إطلاق سبيل المختطفين ونجحت في ذلك»، مضيفا أنه تحدث مع البعض من المختطفين، وشدد على أن كل الإجراءات تتم من أجل إعادتهم إلى الوطن في أسرع وقت ممكن.
وأوضح السفير التركي، أن جنديين عراقيين قُتلا خلال العملية، التي بدأتها قيادة عمليات بغداد، من أجل إنقاذ العمال، ووجه شكره وتقديره لأهالي الجنديين، مضيفا أن بلاده بذلت جهودًا على كل المستويات، من أجل الإفراج عن العمال، أن الأجهزة التركية بذلت جهودا كبيرة ضمن المحاولات التي بذلت طوال الأيام الماضية من أجل إنقاذ العمال، مضيفا أن الأطراف العراقية التي تواصلوا معها، ساعدتهم بهذا الخصوص.
من جانبه، أكد «أحمد أولغون أحد العمال المخطوفين والمفرج عنهم، أنهم لم يستسلموا لليأس أبدًا»، وقال «اخُتطفنا ليلة الثاني من سبتمبر (أيلول)، واليوم نحن هنا بفضل جهود دولتنا وسفارتنا تم إخراجنا وإنقاذنا». وتعمل طائرة خاصة على نقلهم من بغداد إلى تركيا.
وكانت مجموعة من عمال البناء الأتراك قوامها 18 عاملاً، تعرضت للخطف مطلع سبتمبر الحالي، من موقع بناء أحد الملاعب الرياضية شمال العاصمة العراقية بغداد، من قبل مسلحين يرتدون ملابس عسكرية، اقتادوهم لاحقًا إلى جهة مجهولة.
من جانبهِ قال المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد العميد سعد معن إن «العمال الأتراك المختطفين من مشروع ملعب أولمبي في منطقة الحبيبية شرقي بغداد، تم العثور عليهم قرب قضاء المسيب في محافظة بابل»، وأضاف بقوله «لقد تم اتخاذ الإجراءات اللازمة ونقلهم إلى بغداد وتسليمهم إلى السفارة التركية ببغداد».
على صعيد آخر وفي محافظة الأنبار أعلن قائد القطاع الشرقي لمدينة الرمادي التابعة لقوات العشائر في محافظة الأنبار غسان العيثاوي أن تنظيم داعش، ترك مقاره في وادي حوران وصحراء الأنبار وبدأ بالتمركز داخل مدن المحافظة مركزها مدينة الرمادي.
وقال العيثاوي إن «مسلحي تنظيم داعش ترك مقاره في وادي حوران ومكر الذيب والصحراء الغربية في الأنبار وتمركز داخل مدن المحافظة التي سيطر عليها منذ عام وتسعة أشهر».
وأضاف العيثاوي، أن «عناصر التنظيم كانوا يتمركزون في مناطق صحراوية ولهم مقار سرية في وادي حوران، غرب الأنبار، وفي حوض الثرثار ومناطق أخرى، لكنهم الآن هم داخل الرمادي والفلوجة وهيت والقائم ولهم معسكرات تدريب وسجون ومواقع واسعة».
وشدد العيثاوي، على ضرورة أن «يكون لطيران التحالف والقوات الأمنية، خلال المدة المقبلة دور مهم في تدمير معسكرات ومخابئ التنظيم لمنع تقدمه إلى مناطق أخرى في الأنبار وتشتيت جهدهم وقطع خطوط تمويلهم وحركتهم».
من جانب آخر أحبط طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية هجومًا لمسلحي تنظيم داعش على مدينة حديثة غربي الأنبار، وقال مصدر أمني في قيادة عمليات الأنبار إن «طيران التحالف الدولي تمكن من استهداف رتل كبير لتنظيم داعش من خلال ضربة جوية مركزة وتمّ تدميره بالكامل مما خلف خسائر كبيرة في اأرواح والمعدات في صفوف التنظيم».
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إن «هذا الرتل كان ينوي الهجوم على مدينة حديثة. متوجها من قرية جبه التابعة إلى ناحية البغدادي غرب اأنبار ومنها إلى منطقة مشطور المجاورة لناحية بروانة التابعة أيضا إلى قضاء حديثة».
من جهته أعلن مجلس محافظة الأنبار، أن تحرير مدن العراق من سيطرة تنظيم داعش غير ممكن دون غلق الحدود العراقية السورية، مجددًا مطالبته للتحالف الدولي بمسك تلك الحدود لعدم إمكانية القوات العراقية على ذلك.
وقال المتحدث باسم المجلس عيد عماش إن «عملية حسم معركة تحرير الأنبار وباقي مدن العراق من سيطرة تنظيم داعش لن تتم دون إغلاق الحدود العراقية السورية»، وأضاف بقوله «القوات العراقية إذا قتلت ألف مسلح من (داعش) سوف يأتي التنظيم بألفين من سوريا ليقاتلوا في مدن العراق».
وبين عماش أن «الحدود بين العراق وسوريا أصبحت عبارة عن أرض مفتوحة بعد إزالة تنظيم داعش الساتر الترابي والحواجز الكونكريتية»، لافتا إلى أن التنظيم قام بتبليط طريق رئيسي بين القائم والبوكمال السورية وأصبحت المدينتين حالة واحدة.
وتابع عماش «نحن طالبنا التحالف الدولي بمسك الحدود عبر الطيران الحربي أو وجود قوات عسكرية على الأرض لأن قوات حرس الحدود العراقية انسحبت أمام تنظيم داعش».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.