في رسالة للعبادي.. إقليم كردستان والتيار الصدري: لسنا ملزمين بحلفكم الرباعي

البرلمان العراقي يحذر الحكومة من عواقب تشكيل التحالف مع روسيا وإيران وسوريا

في رسالة للعبادي.. إقليم كردستان والتيار الصدري: لسنا ملزمين بحلفكم الرباعي
TT

في رسالة للعبادي.. إقليم كردستان والتيار الصدري: لسنا ملزمين بحلفكم الرباعي

في رسالة للعبادي.. إقليم كردستان والتيار الصدري: لسنا ملزمين بحلفكم الرباعي

أعلن أمس إقليم كردستان والتيار الصدر أنهم غير معنيين بالتحالف الرباعي الذي تم بين روسيا والعراق وإيران وسوريا والذي أعلن عنه الأسبوع الماضي، فيما حذر البرلمان العراقي رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي من هذا الاتفاق، منتقدًا الحكومة بعدم عرض تفاصيل هذا التحالف الرباعي الذي يقال إنه يهدف إلى جمع المعلومات الاستخبارية لمحاربة «داعش».
وقال الأمين العام لوزارة البيشمركة الفريق جبار ياور في تصريحات صحافية أمس إن إقليم كردستان ليس جزءًا من ذلك التحالف الرباعي بين العراق وروسيا وإيران وسوريا لمحاربة تنظيم داعش، مبينًا أنه «لم يتمّ اطلاعنا عليه مسبقًا وأخذ رأينا فيه». وأضاف ياور أنه «كان هناك تعاون وتنسيق مسبق على الأرض بين روسيا والحكومة السورية وإيران بالعمليات العسكرية الموجودة بسوريا»، مشيرًا إلى أن «المعلومات التي سرّبت حتى الآن من القنوات الإعلامية هي أن التحالف يبدأ بتبادل المعلومات العسكرية والمعلومات الاستخبارية».
وفي السياق ذاته، كانت ردود الفعل من مختلف القوى العراقية بانتقاد ذلك التحالف، إلا أن الموقف الذي عبر عنه نائب رئيس الوزراء المستقيل والقيادي في التيار الصدري بهاء الأعرجي أكثرها وضوحا من الطرف الشيعي المؤيد بشكل عام للاتفاق، إذ شدد الأعرجي أمس أن «التحالف الجديد الذي تقوده روسيا الاتحادية سيكون ندًا محوريًا للتحالف الذي تقوده أميركا، مما سيجعل المنطقة عامة والعراق بشكل خاص ساحة لتصفية حسابات المحورين من ثم إعادة رسم الخارطة الإقليمية من جديد»، مبينًا أن «هذا التحالف هو تحالف شكلي غرضه إيجاد حرب محورية ستدفع دول المنطقة ثمنها غاليًا وفي مقدمتها العراق».
وأضاف الأعرجي، أن «هذا التحالف الجديد وإن كان يعمل تحت عنوان التعاون المعلوماتي والاستخباراتي، إلا أن أبعاده وأهدافه ونتائجه ستكون أكبر من ذلك بكثير» مبينًا أن «حرب المحاور التي تسعى إليها الدول الكبرى والمتحالفين معها لا بد للعراق أن يواكبها بحذر باحثًا عن صيغ الاتفاقات الأمنية الثنائية التي تضمن له أمنه وسيادته ووحدته».
إلى ذلك قال النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي همام حمودي في بيان له أمس الأربعاء إنه «يدعو الحكومة الاتحادية باطلاع مجلس النواب بتفاصيل مضمون الاتفاق المعلوماتي الاستخباراتي بين بغداد وموسكو وطهران ودمشق»، معربًا عن أمله بأن «يساهم في توحيد كل الجهود لمحاربة (داعش) بشكل أكثر فاعلية وجدية».
وأعلن حمودي ترحيبه «بجميع الجهود الدولية التي تقدم تعاونها وإسنادها للعراق بشكل فعلي وجاد لمحاربة (داعش) لا سيما وأنه بات يهدد الأمن العالمي لجميع الدول فضلاً عن المصالح الاستراتيجية والاقتصادية لها خصوصًا»، مبينا أن «السياسة العامة للعراق هي الانفتاح على جميع الدول دون أن يكون في أي محور مقابل المحاور الأخرى».
إلى ذلك، حذر العرب السنة في العراق من كونهم الطرف الخاسر في معادلة هذا التحالف طبقًا لما أكده عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن العراق وإن كان معنيًا بالحرب ضد «داعش» بالدرجة الأولى لكنه ليس معنيًا بترتيبات أخرى في المنطقة تبدو كل من إيران وسوريا وروسيا أطراف رئيسية فيه وبالتالي فإن زج العراق في تحالف باسم الحرب ضد «داعش» سيجعله في الموقع الأضعف، وقال الكربولي إن العرب السنة الذين تحتل «داعش» محافظاتهم سيدفعون الثمن الأكبر لأنهم لا صلة لهم بصناعة القرار السياسي في البلاد.
إلى ذلك قال الخبير الأمني المتخصص هشام الهاشمي في حديث إن مكان المركز سوف يكون في بغداد أول الأمر ومن ثم ينتقل إلى موسكو أو ربما طهران، مبينًا أن «العراق معني الآن بالدرجة الأساس بمحاربة (داعش) وبات يملك خزينًا من المعلومات بخصوص هذا التنظيم يضاف إلى ذلك نقطة مهمة هي أن هذا التحالف ليس جديدا في الواقع، بل كان موجودًا من قبل في سوريا وكان للعراق وجود غير رسمي فيه، وبالتالي فإن مشاركة العراق الرسمية الآن هي الأمر الجديد فيه، خصوصا بعد التفاهم الأميركي، الروسي الجديد بخصوص الأوضاع في المنطقة».
وتأتي تلك التصريحات بعد أن أعلن مسؤول روسي أن بلاده أرسلت خبراء عسكريين إلى مركز التنسيق في العاصمة العراقية بغداد.
في السياق نفسه، أعلنت شركة روسية إنها «تلقت طلبًا من العراق لشراء 500 عجلة مشاة قتالية طراز BMP – 3».
وقال النائب الأول للشركة البيرت ياكوف إن «مرحلة تسليم الطلبات ستبدأ خلال عام 2016 بنقل الملكية والتصنيع لتلبية جميع الطلبات في الوقت المحدد»، مؤكدا أن «ذلك سيستدعي بذل الكثير من العمل لتجهيز وتجميع أجزاء العجلات». وأكد باكوف «عدم وجود أية مشكلات بخصوص الطلبيات ولكن يجب تحقيق موازنة بين تلك المعدة للتصدير والعجلات الأخرى الخاصة لتلبية السوق المحلية».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.