برلمان ليبيا يستعد لإعلان موقفه النهائي من حوار الأمم المتحدة

لوح بدراسة «خريطة طريق».. والجيش يعلن مقتل العشرات من «داعش» في بنغازي

ليبيون يتظاهرون احتجاجا على صياغة مسودة الأمم المتحدة للاتفاق بين الأطراف الليبية (رويترز)
ليبيون يتظاهرون احتجاجا على صياغة مسودة الأمم المتحدة للاتفاق بين الأطراف الليبية (رويترز)
TT

برلمان ليبيا يستعد لإعلان موقفه النهائي من حوار الأمم المتحدة

ليبيون يتظاهرون احتجاجا على صياغة مسودة الأمم المتحدة للاتفاق بين الأطراف الليبية (رويترز)
ليبيون يتظاهرون احتجاجا على صياغة مسودة الأمم المتحدة للاتفاق بين الأطراف الليبية (رويترز)

نفى البرلمان الليبي، أمس، أي نية لديه في التمديد بعد انتهاء فترة ولايته في العشرين من الشهر المقبل، وتعهد رسميا بأنه سيُحدد من سيتولى أمور الدولة الليبية، حسب ما وصفه بـ«رغبة الشعب وبما يكفل عدم وجود فراغ سياسي». جاء هذا الإعلان عقب تسلم مجلس النواب المعترف به دوليا النسخة الجديدة من مسودة مشروع الاتفاق الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة لإنهاء الصراع على السلطة في البلاد.
وقال فرج بوهاشم، الناطق الرسمي باسم البرلمان الليبي، لـ«الشرق الأوسط»، إن النسخة النهائية للاتفاق السياسي وصلت بالفعل إلى البرلمان مساء أول من أمس، مشيرا إلى أن البرلمان سيجتمع اليوم بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي لإعلان موقفه الرسمي والنهائي بشأن ما تضمنته هذه النسخة. لكن أعضاء آخرين في البرلمان قالوا في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن المسودة تعتبر مخالفة للمسودة التي سبق للبرلمان أن وقع عليها بالأحرف الأولى في المغرب.
وكان المكتب الإعلامي لمجلس النواب قد أعلن أن الإعلان عن خريطة طريق ترسم معالم المرحلة المقبلة سيجري قبل الـ20 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وشكل المجلس مؤخرا لجنة لإعداد خريطة طريق لفترة ما بعد انتهاء ولايته، في حالة إخفاق الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة بمنتجع الصخيرات في المغرب، علما بأن اللجنة تضم 33 نائبا.
عسكريا، أعلنت قيادة الجيش الليبي أن طائرات سلاح الجو وقوات المدفعية الثقيلة قصفت أمس تجمعا للجماعات الإرهابية بالقرب من المنارة بمحور الصابري في مدينة بنغازي شرق البلاد، مما أسفر عن سقوط العديد من القتلى وتدمير عدد من العربات والآليات العسكرية التي كانت تستخدمها هذه الجماعات.
من جهتها، طالبت وزارة الداخلية الليبية المواطنين في المدينة بالابتعاد عن الأماكن العامة خلال هذه الفترة التي يضيّق فيها الخناق على الجماعات المتطرفة بعد عمليات الجيش والشرطة والمساندين لهما من شباب الأحياء في جميع محاور القتال بالمدينة. وأعرب الناطق باسم الوزارة، في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية، عن تخوفه من استهداف المتطرفين المعتاد للمدنيين لإرغام قوات الجيش على تخفيف الحصار عنهم.
إلى ذلك، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه كان على المجتمع الدولي فعل المزيد لتجنب حدوث فراغ في القيادة في ليبيا التي تعيش حالة من الفوضى منذ سقوط معمر القذافي قبل أربع سنوات. ويأتي اعتراف أوباما النادر بالخطأ في تحقيق انتقال سلمي في ليبيا، بينما تحاول الأمم المتحدة قيادة مفاوضات لإنهاء القتال بين حكومتين تتنازعان السلطة ومن وراء كل منهما أطراف مسلحة في نزاع وضع البلاد على شفا الانهيار.
وقال أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: «حتى ونحن نساعد الشعب الليبي على إنهاء حكم طاغية كان بوسع تحالفنا - وكان لزاما عليه - فعل المزيد لملء الفراغ الذي تركه. نحن ممتنون للأمم المتحدة على كل جهودها لتشكيل حكومة وحدة». وأضاف: «سنساعد أي حكومة ليبية شرعية تعمل على لم شمل الشعب.. لكن علينا أيضا كمجتمع دولي أن ندرك أننا مطالبون بفعل المزيد وبشكل فعال في المستقبل لبناء قدرات الدول التي تعاني الضغط قبل انهيارها».
كما ألقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باللوم في الفوضى في بعض دول المنطقة - ومن بينها ليبيا - على الاستبعاد المفاجئ لزعماء قدامى. وقال إن هذا يوجد الكثير من المجندين لتنظيم داعش المتشدد. وقال بوتين في كلمته بالجمعية العامة: «من الواضح الآن أن الفراغ في السلطة الذي نشأ في بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدى إلى بروز مناطق للفوضى. تلك المناطق بدأت تمتلئ على الفور بمتطرفين وإرهابيين». وقال بوتين إن مجندين كثيرين جاءوا من ليبيا وهي «بلد دمرت فيه مؤسسات الدولة نتيجة انتهاك صارخ» لقرار لمجلس الأمن الدولي بمقتضاه تم تنفيذ العمل الذي قام به حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وقادت الولايات المتحدة ضربات جوية ضد قوات القذافي في 2011، ثم سلمت العمليات إلى حلف الأطلسي لفرض منطقة لحظر الطيران.
واتهمت روسيا الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين بخداع أعضاء مجلس الأمن الآخرين واستخدام تفويض لحماية المدنيين كستار لتقديم دعم للمعارضين الليبيين المسلحين والإطاحة بالقذافي الذي قتل أثناء القلاقل التي أعقبت انهيار حكمه.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.