قذائف الحوثيين تطال مسجد السعيد ومحطة توليد الكهرباء في تعز

أهالي المدينة يطلبون من التحالف مساعدتهم على حسم المعركة وعدم تركهم فريسة أمام قصف الميليشيات

مقاتل موالٍ للجيش الوطني والمقاومة يحمل رشاشه على متن دراجة نارية في تعز أمس (رويترز)
مقاتل موالٍ للجيش الوطني والمقاومة يحمل رشاشه على متن دراجة نارية في تعز أمس (رويترز)
TT

قذائف الحوثيين تطال مسجد السعيد ومحطة توليد الكهرباء في تعز

مقاتل موالٍ للجيش الوطني والمقاومة يحمل رشاشه على متن دراجة نارية في تعز أمس (رويترز)
مقاتل موالٍ للجيش الوطني والمقاومة يحمل رشاشه على متن دراجة نارية في تعز أمس (رويترز)

طالب أهالي مدينة تعز، الواقعة وسط اليمن، قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، ورئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي والحكومة اليمنية، بإعطاء الأولوية للحسم العسكري في مدينتهم عبر تحريرها من الميليشيات الحوثية وأتباع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، كما حصل في عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى. وجاء هذا تزامنا مع مواصلة الميليشيات ارتكابها جرائم ضد الإنسانية حيث لا تزال تقتل العشرات من الأبرياء من خلال قصفها العشوائي بصواريخ الكاتيوشا والهاوزر للأحياء المكتظة بالسكان في مدينة تعز.
وجاءت مطالبة أهالي تعز بسرعة دحر الميليشيات بعدما تمكنت قوات الجيش اليمني المدعومة من قوات التحالف العربي تحقيق تقدم كبيرة في مواجهاتها مع ميليشيات الحوثي وصالح في جبهات القتال في محافظة مأرب، وسط البلاد، وتطهير منطقة سد مأرب من الميليشيات والتقدم في عدد من المواقع الهامة.
وتواصل عناصر الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، عملياتها في جبهات القتل بشرق وغرب تعز، ضد ميليشيات الحوثي وصالح التي تواصل قصفها للأحياء السكنية بمدينة تعز الذي وصل أيضا إلى قصفها للمساجد وقصفها للمرة الرابعة مسجد السعيد ومحطة توليد كهرباء عصيفرة، ما تسبب في اندلاع حريق في المحطة.
وأكد سكان في مدينة الوازعية، في غرب تعز، شن الميليشيات الحوثية هجومًا حاولوا عبره اقتحام المديرية بعدما حشدت آلياتها العسكرية والدبابات في محاولة منها، أيضا، قطع الخط الساحلي الذي يربط مدينة تعز بمدينة لحج وعدن، بل إنها تعتبر بوابة محافظة لحج الجنوبية، وهو الهجوم الذي وصف بأنه غير متكافئ بين عناصر المقاومة الشعبية والجيش، من جهة، وبين ميليشيات الحوثي وصالح، من جهة أخرى، لامتلاك الأخيرة كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وقتل ما لا يقل عن 10 من المقاومة الشعبية وجرح ما لا يقل عن 23 آخرين، كما فجرت ميليشيات الحوثي وصالح 6 منازل لقيادة المقاومة، بعد أن مهد الطريق للميليشيات للدخول إلى المديرية بمساعدة عدد من مشايخ المنطقة، بحسب شهود عيان لـ«الشرق الأوسط».
وقال مختار القدسي، وهو أحد أعيان مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط» إن «عناصر الجيش الوطني والمقاومة صامدة وتحقق نجاحات وتقدما في معاركها مع ميليشيات الحوثي وصالح رغم حصارها على المدينة ومنع دخول الأدوية والغذاء ومستلزمات العيش، وقد كبدت الميليشيات الخسائر الفادحة بجانب طيران التحالف العربي الذي ينفذ غاراته الجوية والمباشرة ضد تجمعاتهم ومواقعهم العسكرية، ومع ذلك تروج الميليشيات أكاذيب بأنها تسيطر على المدينة وتحقق تقدما من أجل خلق الهلع والخوف عند الأهالي ولا يعرفون أننا في تعز صامدون أيضا بجانب المقاومة والجيش». وأضاف: «رغم التقدم الذي تحققه المقاومة والجيش وسيطرتها على مناطق كثيرة في تعز وتكبيد الميليشيات الخسائر الفادحة بالأرواح والعتاد، فإننا نطلب من الرئيس هادي وحكومته والتحالف العربي إعطاء الأولوية القصوى وبدرجة رئيسية لمدينة تعز وحسم المعركة سريعا وطرد الميليشيات كما حصل مع الجنوب من خلال دعمهم للمقاومة والجيش بالأسلحة النوعية، فأهالي مدينة تعز يتعرضون يوميا للموت بآلة الميليشيات العسكرية القاتلة التي تواصل قصفها للأحياء السكنية منذ أكثر من خمسة أشهر ويموتون جوعا وبسبب المرض مع انتشار الأوبئة القاتلة ومنع الميليشيات دخول الغذاء والدواء ومياه الشرب وكل مستلزمات العيش».
ميدانيا، حققت عناصر الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تقدما وانتصارات كبيرة في جبهات القتال، الشرقية والغربية، بمساعدة غارات التحالف التي ساعدت على إنهاك ميليشيات الحوثي وصالح من خلال غاراتها التي استهدفت مواقعهم العسكرية وتجمعاتهم ما كبدهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد؛ الأمر الذي جعل الميليشيات الانقلابية ترد بذلك بانتقامها من أهالي تعز وشن قصفها العنيف بكافة أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة من أماكن تمركزها من الحوبان وجبل أومان والقصر الجمهورية ومفرق الذكرة ومن جامعة تعز بمنطقة الحبيل، ومعارك عنيفة شهدتها جبهة الضباب ومنطقة ثعبات والجحملية.
وقال مصدر من المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن «ميليشيات الحوثي وصالح أقدمت (أمس) على تنفيذ عمليات تفجير لمنازل قيادات في المقاومة الشعبية في مديرية الوازعية وقصف عشوائي وعنيف على قراها، لكن مهما ارتكبوا أو استمروا في ارتكابهم للجرائم فساعة الحسم تقترب كثير وسيتم دحر الميليشيات الانقلابية بفضل صمود أبطال المقاومة والجيش وضربات طيران التحالف العربي، وهذا ما جعل الميليشيات تكثف من قصفها الهمجي والوحشي على الأحياء السكنية وقتلها للمواطنين العُزل وتشديدها للخناق المطبق على المدينة من خلال منعها دخول الغداء والدواء وكل مستلزمات العيش وحتى قاطرات الإغاثة، كانتقام منها جراء ما حصل لها على أيدي المقاومة والجيش والتحالف العربي». وأضاف: «هناك كر وفر في بعض الجبهات مثلما حدث في جبهة وادي الضباب وذلك لأن الميليشيات تمتلك أسلحة لا تمتلكها المقاومة والجيش، وقد يكون وقت الفر ليس هروبا أو تسليما لهم ولكن هناك تنسيق مع طيران التحالف العربي لتنفيذ غاراتها عليهم، كما أن هناك تقدما للمقاومة والجيش في عدد من المواقع ومنها تقدم في الجحملية، جبهة الجنوب الشرقي للمدينة».
وفند مصدر المقاومة «ما تروج له وسائل الإعلام الخاصة بميليشيات الحوثي وصالح» تقدمهم أو استعادتهم بعض المواقع، «فهم لم يحققوا أي تقدم أو يستعيدوا مواقع سيطرت عليها المقاومة والجيش ولا تزال مداخل المدينة وعدد من المواقع الهامة بما فيها العسكرية تحت سيطرة الميليشيات، حتى القصر الجمهوري ومعسكر اللواء 35 مدرع، في الجبهة الغربية، واللواء 22 مشاه ميكا، في الجبهة الشرقية، ستتم السيطرة عليها قريبا».
وفي نفس السياق، لا تزال المقاومة الشعبية والجيش المؤيد للشرعية تحافظ على مواقعها التي سيطرت عليها، خلال اليومين السابقين، في عدد من جبهات القتال في الجحملية والضباب والكمب وكلابة وثعبات، واستمرت المواجهات بين المقاومة والجيش، من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح، من جهة أخرى، وقتل قيادي حوثي يدعى أبو زيد في الاشتباكات التي دارت في جبهة الجحملية.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.