عمرو موسى لـ «الشرق الأوسط»: نزاعات السنة والشيعة والإرهاب أدوات وضعتها الدول الكبرى لإحداث التغيير الذي تريده

قال إن هناك ضرورة لمحور سعودي مصري يضبط الأمور في التوازن مع تركيا وإيران

عمرو موسى
عمرو موسى
TT

عمرو موسى لـ «الشرق الأوسط»: نزاعات السنة والشيعة والإرهاب أدوات وضعتها الدول الكبرى لإحداث التغيير الذي تريده

عمرو موسى
عمرو موسى

أكد السياسي المخضرم عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، أن «الدول العظمى وضعت آليات جديدة في المنطقة العربية تهدف لخلق حالة من الفوضى، على غرار الصراع بين السنة والشيعة، وإرهاب المنظمات المتطرفة، وذلك لشغل العالم العربي والإسلامي بمشكلات تستمر لعقود مقبلة».
وطرح موسى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» خلاصة رؤيته للأزمة والحل وآليات التنفيذ، والدور المهم لكل من مصر والسعودية في تشكيل أو تغيير جديد يتعلق بالعلاقات الإقليمية والدولية. واقترح موسى في حل القضية الفلسطينية «أمرين لا ثالث لهما؛ إما إقامة دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس، أو دولة مشتركة يهودية عربية وفقا لقرار التقسيم الذي أقر بالحقوق المتساوية تحت المتابعة الإلزامية لمجلس الأمن والفصل السابع».
وحول رؤيته للتطورات المتسارعة في المنطقة العربية، قال موسى إن «المنطقة العربية تعرضت في العقود والسنوات الأخيرة بصفة خاصة لهجمة من داخلها كما من خارجها، تبلورت فور نهاية الحرب الباردة. وأما هجمة الداخل، فموجزها سوء إدارة الحكم، وفساد الأولويات في كثير من دولها. وأما هجمة الخارج، فتقوم على استغلال الضعف الاستراتيجي الناجم عن سوء الحكم، في تسويق نظرية (الفوضى الخلاقة) الهادفة إلى تغيير الأوضاع في المنطقة تغييرًا جذريًا».
وأضاف أنه خلال المائة عام الماضية، أي منذ اتفاقية «سايكس بيكو» حتى الآن، «وجد نظام عربي تجمع منذ أربعينات القرن العشرين تحت مظلة جامعة الدول العربية، ومع نشوء دولة إسرائيل، وبزوغ القضية الفلسطينية، انشغل العالم العربي بها وبتداعياتها وأصبحت الحركة السياسية المتعلقة بها مرتبطة بتشكيل السياسات وفرض الأولويات وبديلاً أحيانا عن حركة التنمية والبناء.. ومن ثمّ بدأت الثورات تطالب بالتغيير».
وأشار الأمين العام السابق للجامعة العربية إلى أنه ظهر الآن، وبعد مائة عام، أن «الدول العظمى قامت بزيارة أخرى إلى خريطة العالم العربي من منطلق إحداث فوضى فيه ثم إعادة تشكيله من جديد، ربما كي يحقق فشلاً جديدًا، ويواجه مشكلات جديدة تشغل العالم العربي والإسلامي لعقود قادمة، عبر افتعال أزمات بدأت تنازع القضية الفلسطينية وأولويتها، وهو ما يتماشى مع المصلحة الإسرائيلية، بالإضافة إلى تغيير طرف الصراع ليكون إيران بدلاً من إسرائيل».
ولفت موسى إلى ما عده سمة للسياسة الأميركية في تعاملها مع دول المنطقة وجغرافيتها السياسية، وهي «عدم الانتباه إلى حساسيات المنطقة أو وضعها في الحساب، وهو ما ظهر على سبيل المثال في التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران دون تحوط أو رصانة، عبر اتفاقية تمت صياغتها بشكل عمومي ودون حسابات دقيقة».
وقال موسى إن «الدول العظمي تعمل كذلك على استمرار شغل واستضعاف العرب أو استغلال ضعفهم، للوصول إلى تشكيل جديد في المنطقة على حسابهم ودون التشاور معهم إلا شكليًا؛ هذا إن حدث تشاور. وبالطبع لم يأخذوا في اعتبارهم رد الفعل العنيف لهذه الدول التي استضعفت، وأنها تستطيع وظهرها للحائط أن ترد الصاع صاعين».
وتبع أن «النظام الإقليمي الجديد المتوقع للمنطقة لن يتبلور ونحن في القرن الحادي والعشرين بالسهولة التي تمت صياغته بها في القرن العشرين، لأن الظروف السياسية والاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والثقافية اختلفت، حيث الانفتاح وحرية حركة المعلومات والتواصل بين الشعوب ونخبها ونضوج الفكر الديمقراطي».
وحول الدور المصري على المستوى الإقليمي يرى موسى أنه يقع في لب النقاش الحالي في عدد من مراكز الفكر الاستراتيجي الغربي بهدف أن يتم فصل بلاده عن المشرق وأن تكون جزءا من شمال أفريقيا مع مجال حيوي ضيق ومحدود في القرن الأفريقي، مما قد تكون له تداعياته السلبية عليها أفريقيّا.
وأشار إلى أن «مصر هي واسطة العقد في العالم العربي بما فيه المشرق كله والمغرب كله والقرن الأفريقي، وبالتالي فالعمل على عزلها أو تحجيم دورها لن ينجح، لأنه مخالف ومعاكس للاستقرار الإقليمي وللجغرافيا السياسية والتاريخ في حركته الواضحة منذ قرون، وللثقافة التي تمثل قوة لا يمكن هزيمتها بهذه السهولة التي يعتقدها البعض، وأن لدى مصر قوة كامنة من المتعين أن نستثمرها مصريًا وعربيًا بسياسة مدروسة وكفاءة».
كما أكد موسى «ضرورة بناء محور سعودي مصري يضبط الأمور في التوازن مع إيران وتركيا، وهما دولتان عضوان في المنطقة ولا يمكن إنكار أنهما جزء من الشرق الأوسط»، مشددا على أنه «ينبغي على أنقرة وطهران ألا ينكرا أن العالم العربي هو أغلبية الشرق الأوسط، وأن له مصالح يجب إقرارها والتنسيق معها، بما في ذلك الدور المصري الذي لن يخرج ولن ينسحب من المشرق العربي كما ترسم بعض المدارس السياسية الدولية».
وأوضح موسى أن «الجامعة العربية يمكن أن تمهد لتواصل إقليمي وحوار مع تركيا وإيران، بالنظر إلى الوضع السياسي المضطرب الذي يفرض مسؤوليات على الجميع»، مؤكدا أن «الدورين المصري والسعودي مهمان جدًا في بلورة المواقف العربية إزاء هذه التطورات ومستقبل العلاقات الإقليمية وعلاقاتنا مع الوضع الدولي المتطور».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».