«لو بريستول» يعود بعد سنتين من التجديد بتكلفة 40 مليون دولار

شاهد على تاريخ بيروت.. من نزلائه شاه إيران والإمبراطور هيلا سيلاسي

جانب من البهو الرئيسي
جانب من البهو الرئيسي
TT

«لو بريستول» يعود بعد سنتين من التجديد بتكلفة 40 مليون دولار

جانب من البهو الرئيسي
جانب من البهو الرئيسي

عاد فندق «لو بريستول» في شارع الحمراء لينافس في أصالته ومكانته المعروفتين، أهم المرافق الخدماتية السياحية في لبنان، فشرع أبوابه من جديد أمام زبائنه بعد غياب عن القطاع الفندقي لسنتين، وهو الوقت الذي استغرقته ورشته الهندسية الداخلية التي وقعها له المهندس جلال محمود.
بحلة جديدة جمع فيها بين الحداثة والعراقة، وفي إطلالة أعادت بريقه كأيقونة من لبنان، أعلن فندق «لو بريستول» افتتاحه رسميا، حيث أصبحت خدماته المنتسبة لفنادق الخمس نجوم بمتناول الجميع.
فهذا الفندق الذي شكل على مدى تاريخه الطويل، الذي يفوق النصف قرن (62 عاما)، علامة فارقة للبنان السياحة والرفاهية، أراد القائمون عليه أن يعيش لخمسين سنة جديدة، في قالب حديث مع الأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على تصميمه الحقيقي الذي شهد أحداثا سياسية واجتماعية جمة.

لغة الألوان تحاكي العين وتمتع النظر في «لو بريستول»

لغة الألوان استحوذت على المساحة الكبرى من جدران وأثاث وديكورات الفندق بحلته الجديدة.. فهي، حسب المهندس جلال محمود، تضفي الشخصية والنزعة المطلوبتين لأي شيء تلمسه حتى الجدران. ولذلك حين تطأ قدماك بهو الفندق (lobby)، تطالعك لوحات وزوايا تجذبك للاستراحة في ظلها دون تردد، فتجلس على مقاعد وثيرة، تراوحت ألوانها بين الأزرق البترولي وخشب الورد، الموزعة بطريقة متناسقة لتنقل إليك طاقة إيجابية تزودك بالهدوء والسكينة.

7 صالات لمناسبات مختلفة تتعانق فيها الحداثة مع الأصالة
لا يمكنك أن تحصي جمال الهندسة الداخلية في جميع أقسام الفندق من الزيارة الأولى له؛ فقد تفوتك تفاصيل عدة في غرفة الاستقبال الشرقية أو في صالتي الـ«ball room»، وتلك المخصصة للاجتماعات (convention room). وستحفر في ذاكرتك لوحات زيتية مرسومة منذ أكثر من 60 عاما تزين الصالة الذهبية أو الـ«غولدن روم» كما هي معروفة في الفندق.
ففي هذه الصالة الضخمة ذات السقف المرتفع والمؤلفة من طابقين، أبقى المهندس الداخلي على الدمغة العريقة المميزة لها، فلم تلمس التغييرات أيا من جدرانها العريضة وأسقفها الشاهقة وشرفاتها الداخلية، فبقيت أنيقة برسومات للوحات زيتية يزيد حجمها على 4 أمتار، تحمل في طياتها صورا لفتيات يرقصن الباليه، كما لمع درابزين الشرفات الداخلية فيها المطلي بالذهب الخالص، لتضفي على الصالة جوا ملوكيا بامتياز.
أما صالة الـ«بال روم» فتعد واحدة من أهم الصالات الموجودة في الفندق؛ فلقد قسمت أرجاؤها، حيث تضمنت، إضافة إلى صالة «روز روم»، صالة أخرى تعرف بالـ«كوبول». هذه الصالات مجتمعة يمكن استخدامها كل على حدة، وقد زودت بتقنية عازلة للصوت، كما يمكن فتحها بعضها على بعض لتؤلف صالة ضخمة يمكنها مع صالة الـ«غولدن روم» أن تستقبل ما يفوق ألف شخص. وهي تستخدم للمحاضرات والمعارض وحفلات الإفطار والزفاف وغيرها من المناسبات الخاصة. الزهري البنفسجي هو اللون الأساسي المستعمل في مختلف أقسام الفندق. وكذلك الأمر بالنسبة للأزرق، فنراه يحتضن بتدرجاته المختلفة مقاعد من هنا، وأرضية خشبية وموكيتًا من هناك. أما جدران تلك الصالات، فستشعر أنها تقف منتصبة وكأنها تستقبلك شخصيا، بإنارتها الخفيفة تارة من خلال حاملات مصابيح أنيقة على شكل أغصان الورد، ومن خلال أضواء ثرياتها الساطعة تارة أخرى. وتتزين تلك الجدران المطلية بالـ«بيج» في غالبيتها بأدوات من الماضي الحافل للفندق.. فتشاهد هنا بساط حائط من نوع الأوبيسون (tapisserie) يعود عمره لمائتي عام، كما تلفتك تلك الثريات الضخمة الحجم، والمتدلية من أسقف مزخرفة بالرسوم مرة وبالجص مرة أخرى. هذه الثريات التي حافظ عليها أصحاب الفندق حتى خلال أيام الحرب (تمت تخبئتها مع الأغراض الثمينة في الفندق ضمن جدران مزدوجة على طريقة المتاحف)، يوزن كريستالها بالأطنان، وقد تم تجديد مظهرها من خلال تغطيتها بقبعات من الشبك الأبيض الناعم، ليضفي الحداثة على تحفة يعود عمرها لنصف قرن. وتتدلى أغصانها المذهبة في كل الوجهات، فيما زنرت دموعها الزجاجية المصنوعة من الكريستال البوهيمي بحافة ذهبية مشغولة باليد.

الصالة الدمشقية لوحة «أرابيسك» رسمتها أنامل سورية

الدقة في نثر التفاصيل في كل ركن من أركان الفندق، تلاحظها أيضا في «الصالون الشرقي» المعروف بالدمشقي.. فهذه الصالة التي تقع يسار مطعم الفندق (لي غورمانديز)، حملت جدرانها عبق الماضي الجميل بالزخرفة العربية (أرابيسك)، التي وقعتها أنامل فنان من مدينة حلب. أزيلت من هذه الغرفة نافورة المياه التي كانت تشغلها في الماضي وترطب المكان، وبذلك صارت أكثر اتساعا. وفرشت مقاعدها العربية المصنوعة من الرخام الإيطالي بمساند بنفسجية تستريح عليها فرش زهرية فاقعة (فوشيا)، وقد وزعت عليها وسادات صفراء وزرقاء وأحاطت بها مقاعد مودرن من لون المساند. واتسمت إضاءة هذه الغرفة بقناديل عصرية، إضافة إلى ثريا كريستالية تتدلى من وسط سقفها المزخرف لتتسم الجلسة فيها بالدفء والحميمية.
مهما كان نوع اجتماعك أو طابع محاضرتك أو طبيعة الحفل الذي تنوي إقامته في فندق «لو بريستول»، فأنت دون شك ستجد في أحضانه المكان المناسب للوقت المناسب.

سر «لو بريستول» يكمن في حضنه الدافئ

عندما أصر عروسان يستقران في لندن، في يونيو (حزيران) الماضي، على أن يقيما حفل زواجهما في الفندق، ورغم عدم جهوزيته التامة يومها لاستقبال المدعوين في غرف المنامة، فإن إدارته لم تتوان عن تلبية رغبتهما بعد أن تمسكا بقرارهما هذا للرمزية التي يحملها لهما فندق «لو بريستول» منذ صغرهما ولتفاؤلهما به؛ فاستحدثت لهما خصيصا ومع المدعوين غرفا للنوم في الطابق الأول من الفندق، وأقيم حفل الزفاف في صالة الـ«بال روم»، فكانت مناسبة للإعلان عن انطلاقة الفندق في موسمه الجديد. وهذا ليس بالغريب على صرح سياحي معروف بأصالته وخدمته للزبون الذي يرتاده. فحسب ما يقول صاحبه بيار ضومط، فإن «الناس لا تحب الأماكن التي تشبه الصناديق المقفلة، بل يفضلون الطابع العريق». ويضيف: «الزبون الذي يصل إلينا ضيف عزيز، يغادرنا وكأنه واحد من أفراد عائلتنا، وهنا يكمن سر فندق (لو بريستول)».
أما مهندسه جلال محمود، فيؤكد أن نيته منذ البداية كانت ابتكار خط هندسي داخلي يجذب شريحة جديدة من الزبائن، على أن لا يفقد الفندق أي تفصيل يصب في أصالته التي عرفها عنه زبائنه القدامى.
وما يقوله المهندس جلال محمود نلمسه مباشرة على الأرض من خلال تركه بعض الخطوط الهندسية الداخلية العريقة للفندق، التي سبق أن وضعها له منذ 60 عاما المهندس الفرنسي جان دي روايير، حيث تم الحفاظ عليها تماما في «الصالة الذهبية» (في الأرضية الخشبية)، وفي الصالون الشرقي المعروف بـ«الصالون الدمشقي» (في الجدران المزخرفة)، فبقيت كما هي مع إجراء تعديلات صغيرة جدا عليها.

* «لو بريستول».. نغمات صامتة لحركة حرة جديدة

الهدوء التام والسكينة الكاملة عنوانان يلازمان طوابق غرف النوم في الفندق، التي يبلغ عددها 151، فأثناء تجولك في أروقة وردهات تلك الغرف، فإن سمك سجاد الموكيت الملون بالبنفسجي والبيج الزهري والممتد على طول الممرات، سيجعلك تشعر كأنك تطفو على سطح الأرض، بفعل النغمات الصامتة التي تحدثها خطواتك؛ فلقد آثر جلال محمود أن يحمل كل ركن من أركان الفندق، جدارا وأرضية عازلين للصوت؛ الأمر الذي يؤمن للزبون حرية في تنقلاته في غرفة نومه من جهة، وحرية التصرف والتحدث في غرف الاجتماعات والمناسبات الأخرى الموجودة في الفندق من جهة ثانية.

الـ«كلاسيك» والـ«ديلوكس» عنوانان أساسيان لـ151 غرفة نوم ترتكز على الرفاهية والفخامة

اعتمد الفندق عدة أنواع للغرف في طوابقه الخمسة، ويمكن تقسيمها إلى غرف من نوع الـ«كلاسيك» والـ«ديلوكس». فالجناح الدبلوماسي (كلاسيك ديبلوماتيك سويت) عبارة عن جناح فخم يتضمن غرفتي نوم وتوابعهما، وقد تم فرش الأثاث بشكل مختلف للفصل بين الغرفتين. فاختلفت أغطية الأسرة لتتنوع بين البيج والبوردو والأزرق، وكذلك الأمر بالنسبة للستائر التي اتخذت الشكل الحديث في واحدة من الغرف، فيما أبقي على الكلاسيكي منها في الغرفة الثانية من الجناح. أما «الغرفة الشرقية» التي تدخل في خانة غرف الـ«ديلوكس»، فقد تم تبطين قسم من جدرانها (فوق السرير مباشرة) بعازل للصوت، وتتضمن أيضا مقعدا جلديا لونه بيج مريح، وزين بوسادات مقلمة بألوان دافئة تسمح لنازل الغرفة بأن يتناول فطوره أو يشاهد التلفزيون وهو يستريح عليها. جميع غرف الفندق تتمتع بالمساحات والأحجام نفسها، فقط غرف الجناح تتبدل مقاييسها.
وتعد غرفة الـ«كلاسيك جونيور سويت» المائلة إلى الذهبية بفعل استخدام هذا اللون في معظم أرجائها، من الغرف المطلوبة جدا في الفندق نظرا لتقسيمها بشكل مدروس. كما أن أثاثها اختير ليكون عمليا، وقد وزع في أرجاء الغرف التابعة لهذه الخانة بشكل مريح، حتى لا يولد الملل لدى ساكنها. وتكر سبحة الغرف لتشمل الـ«كلاسيك روم» والـ«مودرن روم» والـ«سيكستيز روم» و«دولوكس أكسيكوتيف» و«ديلوكس روم» وغيرها لتلبي رغبات الزبون كافة وفترة الإقامة التي ينوي تمضيتها في الفندق.
وتلاحقك أنامل المهندس جلال محمود أينما حللت في أرجاء الفندق، فقد ترك لمخيلته العنان في خطوطه المعتمدة في تصاميمه الهندسية. فاستحدث فسحات عدة في الطوابق ليستفيد منها النازل في الفندق، مثل الـ«كورت يارد» في الطابق الأول، وهي حديقة غناء صغيرة، تسمح لمن يقصدها بأن يرتشف فنجان قهوة بالصباح وهو يقرأ صحيفته أو بريده الإلكتروني، أو يشرب كوبا من الشاي في المساء في جلسة سمر مسلية مع أصدقائه. كما عمد أيضا إلى ابتكار مساحات داخلية أخرى، يمكن أن تستخدم للانتظار أو لتغيير الأجواء.
لا يمكنك أن تزور أي صالة أو غرفة في هذا الصرح السياحي دون أن ينتابك شعور بالراحة من ناحية، والحنين للعودة إليها من ناحية ثانية. فقد عمل جلال محمود مع ندى دبس وآليس مغبغب اللتين اهتمتا بصناعة بعض قطع الأثاث وبرسم بعض اللوحات المعلقة في أنحاء الفندق، على أن يولدوا لديك، بصورة لا شعورية، علاقة وطيدة بهذا المكان الأسطوري.

تاريخ فندق «لو بريستول» شاهد عيان للبنان السياحة والسياسة

وفي لمحة سريعة عن «لو بريستول» يمكن أن نتحدث بصورة أساسية عن آل ضومط مؤسسي هذا الفندق؛ فلقد افتتحه الأخوان ميشال وجوزيف ضومط عام 1951، فكان منارة لبنان السياحية دون منازع. وأكمل مشوارهما أولادهما الذين يتداولون حاليا على إدارته وهم بيار ضومط (رئيس مجلس الإدارة) وإيزابيل ومارك ضومط اللذان يعملان في مجال إدارته.
أقفل الفندق أبوابه في شهر يونيو من عام 2013 ليعود ويفتتح أبوابه في شهر مارس (آذار) من عام 2015. عرف فندق «لو بريستول» بلقمته الطيبة التي ذاع صيتها في لبنان والمهجر، فصار أبناؤه يقصدونه لتذوق أطباق الشيف جورج الريس، الذي لعب دورا كبيرا في شهرة مطبخه. وكان هذا الأخير يقدم كتابه لتعلم أصول الطبخ هدية لنزلاء الفندق.
في الفندق اليوم مطعم «لي غورمانديز» الذي يقدم أشهى المأكولات اللبنانية والعالمية وأصناف الحلويات. كما يستعد لافتتاح مطعم جديد يحمل اسم «le salon bleu» والذي سيشرف عليه الشيف الفرنسي فرنك باج.
وتشير نظيرة الأطرش (مدير عام الفندق)، إلى أن «البريستول» بمثابة رمز لاستمرارية لبنان. وتتابع في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لقد شهد هذا الصرح إقامة أهم شخصيات العالم؛ مثل جاك شيراك، وأمير موناكو رينيه الثالث، وشاه إيران وزوجته فرح ديبا، والإمبراطور هيلا سيلاسي، ونزار قباني.. وغيرهم. حتى إن بعضهم اتخذ منه إقامة دائمة مثل الشيخ ميشال الخوري وآل الفرزلي وآل الفرح». وتتابع: «لقد تمسك آل ضومط بهوية الفندق اللبنانية، فحرصوا على أن يكون بمثابة البيت الذي يفتقده اللبناني في الخارج. وإضافة إلى الخدمات الأساسية في الفندق، فقد اهتموا بمستوى الطعام المقدم فيه، وتعاونوا مع الشيف جورج الريس أحد أهم الطهاة في لبنان، الذي عزز موقع اللقمة اللبنانية في لبنان والعالم أجمع».
اجتمعت تحت سقف «البريستول» أحزاب لبنانية عدة، فإضافة إلى اجتماعات فريقي «8» و«14» آذار، التي كانت تدور في ردهات هذا الفندق، انعقدت فيه مؤتمرات سياسية عدة، مثل «مؤتمر الحوار الوطني»، فحيكت في كواليسه الخطوط السياسية للبنان وفي حقبات مختلفة، كما شهد مؤتمرات عالمية استشفائية وهندسية وتجميلية وغيرها، كل ذلك مجتمعا جعل من الفندق منبرا للخطابين السياسي والاجتماعي اللبنانيين معا.
حفظ اللبنانيون على مر الأيام اسم «البريستول» عن ظهر قلب، فسموا الحي الملاصق لمبناه «حي البريستول»، وكذلك النزلة التي بمحاذاته، والصيدلية التي في واجهته. وكانوا يذكرونه في أحاديثهم اليومية، فيسمونه كلما لفتهم معلم أو صرح راق، أو مشهد رايات عالمية ترفرف من على سطح أحد المباني، فيقولون: «مثل البريستول»؛ إذ عرف وما زال بالأعلام المرفرفة على مدخله.
151 غرفة و7 صالات موزعة على 5 طوابق، وروف في طور البناء سيتضمن بركة سباحة وغرفة لممارسة الرياضة وأخرى لجلسات التدليك، هي مجمل أقسام فندق «لو بريستول» الممتد على مساحة قدرها 2600 متر مربع.
أما المطابخ فيه التي تشغل مساحة 1600 متر مربع، فقد تم تحديثها لتصبح من نوع الـ«ساتيلايت كيتشن»، حيث تقدم بأسلوب جديد يعرف بالأفقي، أشهى المأكولات في مطاعم الفندق كافة.
اليوم يحتضن لبنان فندق «لو بريستول» من جديد، وكأنه استعاد من خلاله فلذة كبده. وتشكل عودته هذه دلالة إيجابية على القطاع السياحي عامة، تماما كالحمامة البيضاء التي عندما تغط بأجنحتها في مكان ما، تكون بمثابة بشرى خير.



«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
TT

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)
من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد»، إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست»، يحتوي متحف بريطاني يعرض حيثيات أشهر الجرائم الأكثر إثارة للرعب على بعض من أكثر القطع الأثرية إزعاجاً والتي تعيد عقارب الساعة إلى الوراء وتشعرك بأحلك اللحظات في التاريخ.

ويعتبر «متحف الجريمة» (المتحف الأسود سابقاً) عبارة عن مجموعة من التذكارات المناطة بالجرائم المحفوظة في (نيو سكوتلاند يارد)، المقر الرئيسي لشرطة العاصمة في لندن، بإنجلترا.

مقتنيات استحوذ عليها المتحف من المزادات والتبرعات (متحف الجريمة)

وكان المتحف معروفاً باسم «المتحف الأسود» حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، وقد ظهر المتحف إلى حيز الوجود في سكوتلاند يارد في عام 1874. نتيجة لحفظ ممتلكات السجناء التي تم جمعها بعد إقرار قانون المصادرة لعام 1870 وكان المقصود منه مساعدة عناصر الشرطة في دراستهم للجريمة والمجرمين. كما كان المتحف في البداية غير رسمي، لكنه أصبح متحفاً رسمياً خاصاً بحلول عام 1875. لم يكن مفتوحاً أمام الزوار والعموم، واقتصر استخدامه كأداة تعليمية لمجندي الشرطة، ولم يكن متاحاً الوصول إليه إلا من قبل المشاركين في المسائل القانونية وأفراد العائلة المالكة وغيرهم من كبار الشخصيات، حسب موقع المتحف.

جانب من القاعة التي تعرض فيها أدوات القتل الحقيقية (متحف الجريمة)

ويعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة معروضة، كل منها في درجة حرارة ثابتة تبلغ 17 درجة مئوية. وتشمل هذه المجموعات التاريخية والمصنوعات اليدوية الحديثة، بما في ذلك مجموعة كبيرة من الأسلحة (بعضها علني، وبعضها مخفي، وجميعها استخدمت في جرائم القتل أو الاعتداءات الخطيرة في لندن)، وبنادق على شكل مظلات والعديد من السيوف والعصي.

مبنى سكوتلاند يارد في لندن (متحف الجريمة)

يحتوي المتحف أيضاً على مجموعة مختارة من المشانق بما في ذلك تلك المستخدمة لتنفيذ آخر عملية إعدام على الإطلاق في المملكة المتحدة، وأقنعة الموت المصنوعة للمجرمين الذين تم إعدامهم في سجن «نيوغيت» وتم الحصول عليها في عام 1902 عند إغلاق السجن.

وهناك أيضاً معروضات من الحالات الشهيرة التي تتضمن متعلقات تشارلي بيس ورسائل يُزعم أن جاك السفاح كتبها، رغم أن رسالة من الجحيم سيئة السمعة ليست جزءاً من المجموعة. وفي الداخل، يمكن للزوار رؤية الحمام الذي استخدمه القاتل المأجور جون تشايلدز لتمزيق أوصال ضحاياه، وجمجمة القاتل والمغتصب «لويس ليفيفر»، والحبل الذي استخدم لشنق المجرمين. وقال جويل غريغز مدير المتحف لـ«الشرق الأوسط» إن المتحف هو بمثابة واقع وجزء من التاريخ، مضيفاً: «لا أعتقد أنه يمكنك التغاضي عن الأمر والتظاهر بأن مثل هذه الأشياء لا تحدث. هناك أشخاص سيئون للغاية».

وقال جويل إنه لا يريد الاستخفاف بالرعب، وقال إنهم حاولوا تقديم المعروضات بطريقة لطيفة، وأضاف: «عندما أنظر إلى مجلات الجريمة في المحلات التجارية، فإنها تبدو مثل مجلات المسلسلات ومجلات المشاهير، لذلك يُنظر إليها على أنها نوع من الترفيه بطريقة مماثلة».

وتُعرض البراميل الحمضية الأسيدية المستخدمة من قبل جون جورج هاي، والمعروف باسم قاتل الحمامات الحمضية، في كهف خافت الإضاءة. وهو قاتل إنجليزي أدين بقتل 6 أشخاص، رغم أنه ادعى أنه قتل 9. وفي مكان آخر، يمكن للزوار مشاهدة رسائل حب كان قد أرسلها القاتل الأميركي ريتشارد راميريز إلى مؤلفة بريطانية تدعى ريكي توماس، وكان يعرف راميريز باسم «المطارد الليلي»، لسكان كاليفورنيا بين عامي 1984 و1985 وأدين بـ13 جريمة قتل وسلسلة من اقتحام المنازل والتشويه والاغتصاب. وكشفت ريكي، التي كتبت عدداً من الكتب الأكثر مبيعاً عن القتلة المحترفين، أنها اتصلت بالقاتل في مرحلة صعبة من حياتها وشعرت بجاذبية جسدية قوية ناحيته. ووصفت رسالتها الأولى إلى راميريز بأنها «لحظة جنون». وقالت في حديثها إلى صحيفة «سوسكس بريس» المحلية: «كان رجلاً جيد المظهر، لكنني لم أشعر قط بأنني واحدة من معجباته». وقررت المؤلفة التبرع بالرسائل للمتحف عام 2017 لإعطاء فكرة عن عقلية الوحش.

من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يعرض متحف الجريمة أيضاً السراويل البيضاء التي كانت ترتديها القاتلة روز ويست، والتي تم شراؤها بمبلغ 2500 جنيه إسترليني في المزاد. وحصل على تلك السراويل ضابط سجن سابق كان يعمل في برونزفيلد، حيث سجنت ويست لمدة 4 سنوات حتى عام 2008. وقامت روزماري ويست وزوجها فريد بتعذيب وقتل ما لا يقل عن 10 فتيات بريطانيات بين عامي 1967 و1987 في غلوسترشير. واتهم فريد بارتكاب 12 جريمة قتل، لكنه انتحر في السجن عام 1995 عن عمر 53 عاماً قبل محاكمته. وقد أدينت روز بارتكاب 10 جرائم قتل في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995 وهي تقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة.

يعرض المتحف الآن أكثر من 500 قطعة (متحف الجريمة)

تم التبرع بمعظم القطع الأثرية للمتحف، وقام أيضاً جويل بشراء الكثير منها في مزادات علنية.

في مكان آخر في المتحف المخيف يمكن للزوار رؤية السرير الحقيقي للموت بالحقنة القاتلة والقراءة عن الضحايا والمشتبه بهم الذين لهم صلة بجاك السفاح بين عامي 1878 إلى 1898.

الأسلحة التي استخدمت في الجريمة (متحف الجريمة)

وفي الوقت نفسه، يضم المتحف قفازات الملاكمة التي تحمل توقيع رونالد وريجينالد كراي، والمعروفين أيضاً باسم «التوأم كراي». كان روني وريجي المخيفان يديران الجريمة المنظمة في منطقة إيست إند في لندن خلال الخمسينات والستينات قبل أن يسجن كل منهما على حدة في عام 1969 ثم انتقل كلاهما إلى سجن باركهرست شديد الحراسة في أوائل السبعينات. وتوفي روني في نهاية المطاف في برودمور عام 1995، عن عمر 62 عاماً. في أغسطس (آب) 2000. تم تشخيص ريجي بسرطان المثانة غير القابل للجراحة، وتوفي عن 66 عاماً بعد وقت قصير من الإفراج عنه من السجن لأسباب إنسانية.