بغداد: 6 حالات اختطاف في المتوسط يوميًا وأصابع الاتهام تتجه للميليشيات

ضابط رفيع في الداخلية: لا نستطيع ملاحقة المسؤولين خوفًا من التصفية

بغداد: 6 حالات اختطاف في المتوسط يوميًا وأصابع الاتهام تتجه للميليشيات
TT

بغداد: 6 حالات اختطاف في المتوسط يوميًا وأصابع الاتهام تتجه للميليشيات

بغداد: 6 حالات اختطاف في المتوسط يوميًا وأصابع الاتهام تتجه للميليشيات

شهدت بغداد في الآونة الأخيرة تصاعدًا في عمليات الخطف على أيدي ميليشيات مسلحة مجهولة تجوب شوارع العاصمة العراقية وبقية مدن البلاد بلا أي رادع، وطالت عمليات الخطف مسؤولين كبارا وشيوخ عشائر ورجال أعمال ورجال دين ومواطنين وأجانب على حد سواء، ووقع أغلبها أمام أنظار قوات الجيش والشرطة أو قرب نقاط التفتيش التابعة لها، فيما تقف أجهزة الأمن عاجزة عن وضع حد لتلك العمليات.
وشكلت عمليات الخطف التي كان أبرزها اختطاف وكيل وزارة العدل عبد الكريم فارس السعدي، واختطاف مجموعة كبيرة من العمال الأتراك وسط العاصمة بغداد، إحراجًا كبيرًا لرئيس الوزراء حيدر العبادي وحكومته.
وطالت أحدث عمليتي خطف في اليومين الماضيين ناشطا مدنيا بارزا في المظاهرات التي تشهدها مدن العراق وأحد مستشاري محافظ الأنبار صهيب الراوي.
وقال صباح كرحوت، رئيس مجلس محافظة الأنبار، إن «مجاميع ميليشياوية أقدمت على اختطاف مستشار محافظ الأنبار للشؤون الإدارية علي الدرب في إحدى مناطق بغداد ولا يزال مصيره مجهولا ولم يتم كشف الجهات الخاطفة». وأضاف: «نطالب الأجهزة الأمنية العراقية بالكشف عن مصير الدرب من أجل إطلاق سراحه والقبض على الخاطفين».
بدوره، أوضح الشيخ مزهر الملا خضر، عضو مجلس محافظة الأنبار السابق ورئيس لجنة الاستثمار في المحافظة، أن المستشار الإداري لمحافظ الأنبار «اختطف بعد خروجه من منزله في منطقة الأعظمية».
من جانب آخر، أفاد شهود عيان أن مسلحين مجهولين يستقلون ثلاث عجلات اقتحموا مطعما شعبيا في منطقة الوزيرية وسط بغداد واختطفوا تحت تهديد السلاح الناشط المدني جلال الشحماني. وأضافوا أن «المختطفين اقتادوا الشحماني وصاحب المطعم إلى جهة مجهولة».
يشار إلى أن ناشطين من منظمي المظاهرات في البصرة وذي قار كانا قد اغتيلا في وقت سابق برصاص مجهولين، وهما كل من مسلّم هيثم الركابي ووليد سعيد الطائي، في الناصرية مركز محافظة ذي قار، فيما توفي الشيخ صباح الكرموشي، وهو من أبرز منظمي الاعتصامات في محافظة البصرة، متأثرا بجراحه جراء تفجير عبوة داخل سيارته.
وبالنسبة للعمال الأتراك الـ18 الذين اخطفوا في وقت سابق الشهر الحالي من موقع مشروع في بغداد فإن مصير 16 منهم لا يزال مجهولا بعد إطلاق الخاطفين سراح اثنين منهم في البصرة. ولا تستبعد مصادر أمنية أن يكون الرهائن المتبقون قد نقلوا إلى خارج العراق.
ووفقًا لتقارير أمنية عراقية صادرة عن وزارة الداخلية، فإن ما لا يقل عن 6 أشخاص في المتوسط يتم اختطافهم يوميًا في بغداد، وقد ارتفعت عمليات الخطف منذ مطلع أغسطس (آب) الماضي وبلغ عدد المخطوفين 127 مواطنًا ومسؤولاً.
وحسب الخبير الأمني صادق الحسيني فإن أكثر من 30 ميليشيا مسلحة تتجوّل في العاصمة بغداد، ولديها مقرات معروفة، وتسيطر على مناطق بأكملها، وتنصب حواجز تفتيش وهمية للخطف بدوافع سياسية أو طائفية. وأضاف الحسيني أن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي رسّخ نفوذ الميليشيات في بغداد وأطلق يدها ودعمها بشكل كبير، وما اختطاف وكيل وزير العدل إلّا محاولة لضرب آخر محاولة لإصلاح العملية السياسية من قبل العبادي.
بدوره، قال ضابط رفيع في وزارة الداخلية إن «عملية ملاحقة ميليشيات وعصابات الخطف في بغداد وبقية المدن العراقية تفوق قدرة أي ضابط في الجيش أو الشرطة خشية التصفية الجسدية، فتلك الميليشيات تلقى دعمًا من أحزاب وكتل سياسية كبيرة في الحكومة، والأخطر أنها مدعومة من جهات خارجية، وكل من يعترض على نهجها وتصرفاتها يواجه القتل»، مبيّنًا أن «رئيس الوزراء حيدر العبادي نفسه غير قادر على ردع تلك الميليشيات أو على الأقل الحد من نفوذها في الشارع وحصر السلاح بيد الدولة». وأضاف الضابط الذي طلب عدم الكشف عن اسمه خشية التصفية أن «القوات الأمنية اضطرت لتكثيف عدد الحراس المكلفين بحماية المصارف، وشركات التحويل المالي، ومحال الذهب والأسواق، للحد من حالات السلب التي تتم في وضح النهار».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.