تفرغ السعوديين لخدمة الحجاج يفقد القطاع العقاري الجزء الأكبر من حركته

البيع والشراء شبه متوقف.. والبناء يسجل أدنى حركة له

جانب من العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)
جانب من العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

تفرغ السعوديين لخدمة الحجاج يفقد القطاع العقاري الجزء الأكبر من حركته

جانب من العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)
جانب من العاصمة السعودية الرياض («الشرق الأوسط»)

يكاد يشتهر موسم الحج في السعودية بأنه من أكثر الفترات التي تشهد فيها القطاعات العقارية ركودًا كبيرًا في الحركة العقارية العامة، بالنسبة إلى عمليات البيع والشراء، بعيدًا عن التأجير في الأماكن المقدسة التي تشهد حركة نشطة إلى أبعد مدى. ورغم الهبوط الكبير في حركة المؤشر العقاري وتسجيله أرقامًا منخفضة في الفترة التي سبقت حلول موسم الحج، فإن القطاع في هذه الفترة يسجل أرقامًا جديدة في أدائه تستمر حتى مطلع العام الهجري المقبل (بعد أقل من 20 يوما)، تشهد فيها السوق تجمدًا كبيرًا في أدائها بمختلف فروعها.
وتعدد أسباب هذا التقلص ما بين توجه بعض المتعاملين إلى المشاعر المقدسة لأداء فريضة الحج، وبين من فضل تعليق نشاطاته وإراحة الموظفين في هذه الفترة استعدادا للعام الهجري الجديد، كما أن بعض المستثمرين فضل التوقف إلى حين بدء الدوام الرسمي، إلى جانب أمور أخرى جميعها اتحدت وشكلت الوضع الحالي للقطاع، الذي يعيش حالة خاصة من الضمور، التي لم تنعكس بدورها مطلقا على الأسعار، ويذكر أن نسبة هدوء الحركة تلامس 80 في المائة من مجمل الحركة قبل الحج.
وكشف إبراهيم العبيد، الذي يمتلك شركة العبيد العقارية القابضة، عن أن موسم الحج في السعودية يعد مقدسًا إلى أبعد مدى، حيث ينشغل معظم المواطنين في خدمة ضيوف الرحمن بمختلف أعمالهم وتوجهاتهم، مما يجعل الإقبال على العمليات التجارية ككل محدودة لأبعد مدى، خصوصًا العمليات العقارية التي تعرف بأنها تتوقف إلى حد كبير خلال هذه الفترة من كل عام، كما أن كثيرا من الشركات والمؤسسات العقارية تعلق أنشطتها إلى حين انتهاء الشعيرة، وذلك لإراحة موظفيها ووضع خطط جديدة تطبق مع بدء السنة الهجرية الجديدة، خصوصا أن السوق العقارية قطاع متقلب يحتاج من فترة لأخرى إلى تعديلات استراتيجية بشكل مستمر للحاق بالمتغيرات التي تطرأ عليه ما بين فترة وأخرى، وبالتحديد على نوع النشاط التجاري المراد تنفيذه وإقامته.
وحول أكثر القطاعات العقارية تضررا، أكد العبيد أن الحركة تكون شبه مشلولة في أغلبها، إلا أن بعض عمليات التنقل والإيجار تكون المنقذ في تحصيل الإيرادات، خصوصا أن البعض يستغل وجود الإجازة للتنقل من منزل إلى آخر، أما العمليات الكبرى مثل البيع والشراء، فإنها تبقى متوقفة إلى حين انتهاء موسم الحج، الذي يحجم وبشكل ملحوظ العمليات التجارية ذات الصلة.
وفي ذات الاتجاه، قدر محمد القحطاني، الذي يمتلك مؤسسته الخاصة التي تعمل في قطاع الإنشاءات، نسبة تقلص الأداء العام للسوق خلال هذه الأيام التي تتزامن مع توقيت شعيرة الحج، إلى ما يزيد على 80 في المائة بوصفه تقديرا متوسطا، لافتا إلى أن هذا العجز المسجل يشكل عائقا يتكرر بشكل دوري، وموضحا أن عليهم التزامات واتفاقيات يجب أن تتم في موعدها، إلا أن العزوف يكون محبطا لهم، خصوصا أن عددا كبيرا من عمالته يحرصون على أداء فريضة الحج التي أكد أن التوقف عن العمل فيها يعد أمرا اعتياديا يجب أخذه عند وضع الفرضيات، خصوصا أنه يحدث سنويا، ويشكل هذا الأمر ضغطا إضافيا على العمالة عند عودتهم من المشاعر المقدسة، لتعويض الوقت الذي أهدروه بعيدا عن العمل عند توقفهم من أجل أداء المناسك.
وأشار القحطاني إلى أن السعوديين يرتبطون روحيا وفكريا بالحجاج وموسم الحج، مما يجعل التوقف عن العمل اضطراريا، لعدم توفر العملاء الذين تتبدل اهتماماتهم فور دخول الموسم، مبينا أنه من الملاحظ توقف عدد من المشاريع الإنشائية خلال هذه الأيام، وذلك لانتهاز العمالة الوافدة وجودهم في السعودية لأداء الشعيرة المباركة، وأن المشكلة التي تواجهه هي صرف رواتب من لم يحج منهم، ولم يتمكنوا من العمل بسبب ذهاب عدد من العمالة التي تشكل فريق عمل يصعب تجزئته.
تجدر الإشارة إلى أن السوق العقارية السعودية تتعرض مثل غيرها من القطاعات الأخرى لانخفاض في الطلب، رغم وفرة العرض، وأن التوقيت والمواسم تعد لاعبا أساسيا تعتمد عليه الشركات العقارية والمؤسسات عند طرحها المخططات وإطلاقها العروض، ومن أهم هذه المواسم المخفضة إجازة الصيف وشهر رمضان، حيث يخفضان مؤشر السوق إلى مستويات كبيرة، لكنها لا تقاس إطلاقا بموسم الحج الذي يخسف بأداء السوق إلى مستويات متدنية للغاية.
وحول ذات الموضوع، قال عبد الرحمن الطوالة، الذي يمتلك مكتبا للاستشارات العقارية: «بشكل سنوي يتكرر سيناريو تعليق السوق لنشاطاتها خلال موسم الحج، في الوقت الذي يحقق فيه القطاع أدنى أداء له على الإطلاق في مختلف فروعه»، لافتا إلى أن المشكلة تكمن في توسع أيام الحج لتشمل أكثر من 3 أسابيع، وهي المدة التي تحتاجها السوق للتشافي والعودة إلى وضعها الطبيعي، وهي فترة وصفها بالطويلة، خصوصا أنهم يتوقفون تقريبا عن تحقيق الإيرادات، بل وحتى عن إجراء بعض العمليات والمشاريع الاستثمارية، التي تبقى حبيسة إلى حين انتهاء الشعيرة المباركة.
وأضاف الطوالة أن «القطاع العقاري مثل غيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى، التي تشهد مواسم إقبال ومواسم انخفاض في ميزان الطلب، وهناك كثير من المواسم التي ينخفض الطلب فيها إلى مستويات كبيرة، إلا أن الحج يتربع على تلك المواسم، التي يهوي فيها المؤشر إلى مستويات متدنية، وذلك لتعدد المسببات التي اجتمعت، رغم اختلافها، على إيجاد نتيجة واحدة وهي تقليص أداء السوق»، وأوضح أن السوق لا تحتمل أساسا مزيدا من التذبذب والعزوف، خصوصا أنها تشهد ضمورا في أدائها خلال الأيام الاعتيادية.
يذكر أن تركيز المواطنين خلال فترة الحج يكون منصبا نحو المشاعر المقدسة وخدمة ضيوف الرحمن القادمين لأداء الحج، خصوصا أن الحكومة السعودية تسخر أعدادا كبيرة من أبنائها لخدمة الحجاج، الأمر الذي يقلص اهتمام المواطنين في هذه الفترة تجاه السوق العقارية، التي تشهد تجاهلا من قبل شريحة كبيرة من المهتمين خلال هذا الموسم الذي يبلغ فيه الكساد ذروته.



السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
TT

السعودية: توقع «طفرة سكنية» يصحبها تراجع جديد في أسعار العقارات

تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة
تمكنت وزارة الإسكان من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة

بعد سلسلة من المتغيرات التي شهدها قطاع الإسكان السعودي، يتجه القطاع إلى التوازن مع انخفاض التضخم الحاصل في الأسعار بمختلف فروع القطاع العقاري، وسط مبادرات سعت إليها وزارة الإسكان السعودية؛ الأمر الذي قلص الفجوة بين العرض والطلب خلال السنوات الماضية، حيث حققت الوزارة القيمة المضافة من خلال تلك المبادرات في رفع نسب التملك بالبلاد.
وتوقع مختصان أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من النجاح الحكومي في مجال الإسكان، مشيرين إلى أن المواطن سيجني ثمار ذلك على مستوى الأسعار وتوافر المنتجات، التي تلبي مطالب جميع الفئات. ويمثل هذا النجاح امتداداً لإنجازات الحكومة، في طريق حل مشكلة الإسكان، عبر تنويع المنتجات العقارية وإتاحتها في جميع المناطق، مع توفير الحلول التمويلية الميسرة، والاستفادة بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار المختصان إلى أن أداء الحكومة، ممثلة في وزارة الإسكان، كان وراء خفض أسعار المساكن بشكل كبير، وذلك بعد أن وفرت للمواطنين منتجات عقارية متنوعة تلبي أذواق جميع المستفيدين من برامج الدعم السكني. وقال الخبير العقاري خالد المبيض إن «وزارة الإسكان تمكنت من إيجاد حلول عقارية ناجعة ومتنوعة، أدت إلى تراجع الأسعار بنسب تشجع جميع المواطنين بمختلف مستوياتهم المادية، على تملك العقارات»، مضيفاً أن «الفترة المقبلة ستشهد مزيداً من النجاح في هذا الجانب».
وتابع: «أتذكر أن أول مشروع تسلمته وزارة الإسكان، كان يتعلق ببناء 500 ألف وحدة سكنية، بقيمة 250 مليار ريال (133.3 مليار دولار)، ما يعني أن قيمة الوحدة السكنية 500 ألف ريال (133.3 ألف دولار). أما اليوم، فقد تمكنت الوزارة من إيجاد وحدات جاهزة بقيمة تصل إلى نصف هذا المبلغ وهو 250 ألف ريال (66.6 ألف دولار)»، لافتاً إلى أن «الفرد يستطيع الحصول على هذه الوحدات بالتقسيط، مما يؤكد حرص البلاد على إيجاد مساكن لجميع فئات المجتمع السعودي».
وأضاف المبيض: «تفاوت أسعار المنتجات العقارية يمثل استراتيجية اتبعتها الوزارة في السنوات الأخيرة، ونجحت فيها بشكل كبير جداً». وقال: «أثمرت هذه السياسة زيادة إقبال محدودي الدخل على تملك المساكن، بجانب متوسطي وميسوري الدخل الذين يقبلون على تملك مساكن ومنازل وفيلات تناسب قدراتهم المادية، وهذا يُحسب لوزارة الإسكان ويمهد لإنهاء مشكلة السكن التي لطالما أرقت المجتمع في سنوات ماضية».
وتوقع الخبير العقاري أن تشهد المرحلة المقبلة طفرة في قطاع الإسكان. وقال: «يجب أن نضع في الاعتبار أن منتجات الوزارة التي تعلن عنها تباعاً، تحظى بإقبال الأفراد كافة، لا سيما أنها تراعي خصوصية الأسرة السعودية، كما أنها تلبي احتياجاتها في الشكل والمساحات».
وأضاف: «تمكنت الوزارة من تلبية مطالب مختلف الفئات بإنتاج وحدات سكنية جاهزة، ومنازل مستقلة، وفيلات، ومنح أراضٍ وقروض لمن يرغبون في البناء بأنفسهم». وتابع «كل هذه الخيارات وفرتها الوزارة في صورة مبادرات متعددة، موجودة في برنامج (سكني)، وروجت لها بشكل جيد، ووصلت بها إلى المواطنين».
من جانبه، رأى المحلل الاقتصادي علي الجعفري أن شراكة الوزارة مع شركات العقار السعودية تمثل خطوة استراتيجية تُحسب للحكومة في السنوات الأخيرة. وقال: «إحقاقاً للحق؛ أضاعت الوزارة عقب تأسيسها، بعض الوقت والجهد للبحث عن آليات تمكنها من بناء 500 ألف وحدة سكنية، لكنها عوضت ذلك بالشراكة مع القطاع الخاص».
وأضاف الجعفري: «الوزارة في بداية عهدها لم تتعاون مع شركات التطوير العقاري السعودية لتنفيذ مشاريع السكن، ولو أنها سارعت بهذا التعاون، لكان لدينا اليوم عدد كبير من المنتجات العقارية التي تساهم في حل مشكلة السكن».
واستطرد: «الوزارة تداركت في السنوات الأخيرة هذا الأمر، واعتمدت على شركات التطوير السعودية، التي أصبحت بمثابة الذراع التنفيذية لتصورات الحكومة وتوجهاتها لحل مشكلة السكن»، مضيفاً: «اليوم الوزارة ترتكن إلى حزمة من المبادرات النوعية، التي وفرت كثيراً من التنوع في المنتجات العقارية، وهو ما أشاع جواً من التفاؤل بإمكانية حل مشكلة السكن في المملكة في وقت وجيز».
وأكد الجعفري ثقته باستمرار نجاح البلاد في إدارة ملف الإسكان. وقال: «أنا واثق بأن مؤشرات السكن اليوم أفضل بكثير منها قبل 8 سنوات مضت، بعد طرح الوزارة آلاف المنتجات العقارية وتسليمها إلى مستحقيها، بل ودخول عدد كبير منها إلى حيز الاستخدام».
وختم الجعفري: «نجاحات وزارة الإسكان تحقق مستهدفات (رؤية المملكة 2030)، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى نسبة تمليك بين المواطنين تصل إلى 70 في المائة» على حد وصفه.
وكانت «مؤسسة النقد السعودي (ساما)» أشارت إلى أن عقود التمويل العقاري السكني الجديدة للأفراد واصلت صعودها لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي، مسجلة أعلى معدلات إقراض في تاريخ البنوك السعودية من حيث عدد العقود ومبالغ التمويل بنحو 23 ألفاً و668 عقداً مقارنة بنحو 9 آلاف و578 عقداً في يناير 2019، من إجمالي القروض العقارية السكنية المُقدمة من جميع الممولين العقاريين من بنوك وشركات التمويل.
وأوضح التقرير الخاص بـ«ساما» أن النمو في عدد عقود التمويل العقاري السكني وصل لنحو 147 في المائة مقارنة مع يناير 2019، فيما سجل حجم التمويل العقاري السكني الجديد في يناير 2020، نمواً بمقدار 112 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، والذي سجل نحو 4.766 مليار ريال (1.270 مليار دولار)، كما سجلت قروض يناير السكنية ارتفاعاً بنسبة اثنين في المائة عن الشهر السابق ديسمبر (كانون الأول) 2019، والذي وصل حجم التمويل خلاله إلى نحو 9.86 مليار ريال (2.6 مليار دولار)، فيما ارتفع عدد العقود بنسبة 1.5 في المائة عن شهر ديسمبر 2019، والذي شهد توقيع نحو 23 ألفاً و324 عقداً.
وأشار التقرير إلى أنه تم إبرام 94 في المائة من قيمة هذه العقود عن طريق البنوك التجارية، بينما أبرمت 6 في المائة منها عن طريق شركات التمويل العقاري، فيما بلغ عدد عقود المنتجات المدعومة من خلال برامج الإسكان في شهر يناير 2020 عن طريق الممولين العقاريين 22 ألفاً و432 عقداً وبقيمة إجمالية بلغت 9.4 مليار ريال (2.5 مليار دولار).