باريس: لا نضع حدودا لنوعية الأسلحة التي يريدها لبنان

قالت لـ («الشرق الأوسط») إن هدف مؤتمر دعم لبنان ضمان عدم انزلاقه في الأزمة السورية

باريس: لا نضع حدودا لنوعية الأسلحة التي يريدها لبنان
TT

باريس: لا نضع حدودا لنوعية الأسلحة التي يريدها لبنان

باريس: لا نضع حدودا لنوعية الأسلحة التي يريدها لبنان

في حين تكثف المشاورات الفرنسية - اللبنانية تمهيدا لمؤتمر مجموعة الدعم للبنان الذي سينعقد في باريس بدعوة من فرنسا وتحت رعاية الأمم المتحدة الثلاثاء المقبل، تتسارع الاتصالات بين بيروت وباريس حول برنامج تزويد الجيش اللبناني بأسلحة وأعتدة فرنسية عملا بالهبة السعودية للبنان التي تقدر قيمتها بثلاثة مليارات دولار.
وقالت مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس «جاهزة لتلبية احتياجات الجيش اللبناني» وهي تنتظر من السلطات اللبنانية أن تبلغها بحاجاتها، مضيفة أن فرنسا «لا تضع حدودا أو ضوابط تكنولوجية لنوعية الأسلحة التي يريدها لبنان».
وبانتظار أن يتوصل الطرفان إلى تفاهم نهائي حول ما يريده لبنان واستعداد فرنسا لتلبيته، رأت المصادر الفرنسية أن حاجات الجيش اللبناني يمكن أن تدرج في ثلاث خانات: توفير الحركية، وقوة النيران، والتأهيل. ويفهم بالحركية تمكين الجيش اللبناني من نقل قواته بسرعة من مكان لمكان استجابة للمتطلبات الأمنية بحيث يمكنه الحصول على طوافات لنقل الجنود، وعلى عربات مدرعة، وعلى الوسائل المصاحبة، مع الأخذ بعين الاعتبار جغرافية لبنان وتضاريسه. أما مطلب زيادة القوة النارية فيعني تزويد وحدات الجيش بمدفعية إضافية وطائرات هليكوبتر قتالية مجهزة بصواريخ «هوت» وأنظمة صاروخية أخرى. لكنها استبعدت أن يطلب لبنان أنظمة دفاع جوي متطورة.
وتريد باريس أن تلبي الحاجات اللبنانية سريعا، الأمر الذي تعكسه الزيارات المتبادلة بين بيروت وباريس والتواصل المستمر مع الرياض. وترى فرنسا أن مبلغ المليارات الثلاثة «واف» للاستجابة للحاجات اللبنانية اليوم، ولتمكين الجيش اللبناني من أن «تكون له أسنان» وأن يتمتع بـ«صدقية عالية» وأن يكون قادرا على المحافظة على الاستقرار والأمن.
وتربط باريس بين سرعة الاستجابة وتوافر الأسلحة التي سيطلبها لبنان في المخازن. فضلا عن ذلك، فإنها تفضل أن يحصل لبنان على أنظمة سلاح «لا تحتاج أشهرا للتدرب على استخدامها» رغبة في تسريع الدعم للجيش.
ويأتي تشكيل الحكومة اللبنانية، وفق باريس، ليسهل الجهود الثلاثية اللبنانية - السعودية - الفرنسية ويساعد على تحقيق الهدف «المشترك» وهو «إعطاء مصداقية للجيش اللبناني»، خصوصا أنه «الجهة الوحيدة» القادرة على المحافظة على السلم الأهلي ووحدة لبنان ولأنه «مؤهل ليلعب دورا أكبر في المستقبل».
وتتداخل المساعي الثلاثية مع أحد الأهداف المرجوة من مؤتمر مجموعة الدعم للبنان الذي دعت إليه وتستضيفه باريس، برعاية الأمم المتحدة الأسبوع المقبل. وبحسب الخارجية الفرنسية، فإن المؤتمر سيشكل فرصة «لتأكيد الإجماع الدولي لصالح الاستقرار في لبنان» من خلال ثلاثة أوجه وهي: متابعة توفير المساعدات للبنان لمواجهة تدفق اللاجئين السوريين، والمساندة للقوات اللبنانية المسلحة، وأخيرا مساعدة لبنان ماليا واقتصاديا. وقالت الخارجية الفرنسية إنه «من الأساسي المحافظة على لبنان وحماية استقراره من تداعيات الأزمة السورية».
وسيشارك الرئيس اللبناني ميشال سليمان في المؤتمر إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، والممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية كاترين آشتون، ووزراء خارجية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ونظرائهم من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والسعودية وآخرين.
وقالت المصادر الرسمية الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن الهدف «السياسي» من المؤتمر «تأكيد أننا لن نترك لبنان وحيدا أو معزولا في هذه المعمعة، ولن نسمح بإغراقه في الأزمة السورية»، مضيفة أن المجتمعين بما يمثلون من الأسرة الدولية «عازمون على إعادة تأكيد التزاماتهم تجاه لبنان».
وترى باريس أن الوضع في لبنان اليوم أفضل بأشواط مما كان عليه قبل أسابيع؛ «حيث إن الفراغ الحكومي سد، وزادت المؤشرات على احتمال نجاح مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد مع نهاية ولاية الرئيس ميشال سليمان».
أما في السياق العسكري، فإن المصادر الفرنسية تستبعد حصول مواجهة واسعة حاليا بين إسرائيل وحزب الله رغم التطورات الأخيرة ومهاجمة الطيران الإسرائيلي أهدافا تابعة لحزب الله قبل يومين. ووفق ما تراه، فإن حزب الله منشغل في جبهتين: الجبهة السورية من جانب، وجبهة مواجهة التفجيرات الإرهابية من جانب آخر، وبالتالي فإنه «يصعب عليه فتح جبهة ثالثة» على الحدود مع إسرائيل.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.