قلق إسرائيلي من وصول السلاح الروسي إلى حلفاء طهران في سوريا

توسع نفوذ موسكو يخدم التقارب الإيراني - الأميركي

مقاتلان من حزب الله اللبناني على سفح احد جبال القلمون السورية على الحدود مع لبنان (غيتي)
مقاتلان من حزب الله اللبناني على سفح احد جبال القلمون السورية على الحدود مع لبنان (غيتي)
TT

قلق إسرائيلي من وصول السلاح الروسي إلى حلفاء طهران في سوريا

مقاتلان من حزب الله اللبناني على سفح احد جبال القلمون السورية على الحدود مع لبنان (غيتي)
مقاتلان من حزب الله اللبناني على سفح احد جبال القلمون السورية على الحدود مع لبنان (غيتي)

بعد أكثر من أربع سنوات على النزاع السوري الداخلي، فرضت روسيا نفسها بصفة لاعب رئيس على الساحة السورية. فأثار وجودها شكوك الغرب ومخاوفه من أهداف الرئيس فلاديمير بوتين الذي يسعى لإيجاد قواعد عسكرية في المياه الدافئة.
وبعد تعثر جميع المحاولات لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية والإخفاق في القضاء على «داعش»، قرّر بوتين منفردًا خوض حرب ضدّ التنظيم.وسارعت روسيا إلى تسليم الأسلحة لسوريا. وشهد مضيق البوسفور مرور سفن حربية روسية إلى ميناء طرطوس.
كل هذه التطورات دفعت بنيامين نتنياهو ، رئيس وزراء إسرائيل ، إلى زيارة موسكو، الأسبوع الماضي، بحثا عن اتفاق مع الدب الأبيض.. إذ يرى مراقبون، أنّ مخاوف إسرائيل هي من كم الأسلحة ونوعيتها في حال وصلت إلى حزب الله اللبناني وإلى الحرس الثوري الإيراني في سوريا..
أماّ روسيا فنقطتها الحيوية هي ألا تصطدم الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق مناطق الجولان والقنيطرة ومناطق درعا بالطلعات السورية الروسية علما بأن موسكو سلّمت دمشق منظومة دفاع جوّي، وبالتالي فأن هذه المنظومة تتصدى لأي طيران معاد.
وبإمكان الجيش السوري استخدام الطائرات لشن ضربات جوية في منطقتي القنيطرة ودرعا القريبتين من دمشق، وتجنبا للتضارب بين الطرفين فلا بدّ من التنسيق.
والتنسيق هنا غير مباشر، تمامًا كالذي يجري حاليًا لدى قصف الرقة. والاتفاق هنا حصل عن طريق وسيط عراقي ومنذ زمن، لذلك قال الأميركيون إنهم لا ينسقون مع السوريين.
وسيجري بشكل أو بآخر، نوع من التفاهم السوري الإسرائيلي، خصوصًا في مناطق القنيطرة والجولان ودرعا وجنوب سوريا، عن طريق الوسيط الروسي. و الهيئة الإسرائيلية الروسية التي شُكّلت، ستلعب هذا الدور تجنّبًا لأي صدام مباشر.
ويتحدث خبراء عن أهمية الأسلحة الروسية وعن مخاوف إسرائيل التي تحرص ألا تصل إلى حلفاء الأسد، لأنّها متطورة جدّا وبإمكانها أن تكسر التوازنات القائمة. فما ترسله روسيا يسمى بـ«الأسلحة الكاسرة للتوازن». وتحرص تل أبيب أن يكون التعامل مع هذه الأسلحة مباشرة بين الجيشين الروسي والسوري.
وهذا التنسيق الإسرائيلي الروسي يشير إلى جدّية موسكو في الدفاع عن الحكومة السورية وعن الانتقال إلى مرحلة استرجاع أو تثبيت مواقع على الأرض. وأنّ أي عمل عسكري سيحدث لا بدّ أن يأخذ بعين الاعتبار، استرجاع بعض المناطق كجسر الشغور وتدمر وريف اللاذقية الشمالي، تعزيزًا لموقع السلطة، ودعم خطوط التماس في مناطق كدير الزور وحلب. لذلك لوحظ خلال الأيام الماضية طلعات جوية سورية قوية فوق الرقة وتدمر، والمنطقتان قد يطالهما تغيير ميداني.
ويتحدث مراقبون عن القرار الأوروبي والعالمي الذي صدر أخيرا، بتحييد موضوع رحيل الأسد، وهذا ما عبرّت عنه دول أوروبية بالتتابع رغم رفضها لبقاء الأسد. كما يرجّح مراقبون أنّ الإبقاء على الأسد جزء من الصورة، ويرجعون صموده وسيطرته على مساحات تصل إلى 70 في المائة، حسبما يدّعي مؤيدوه، إلى حلفائه إيران وحزب الله وروسيا، الذين لم يتخلوا عنه. كما أظهرت أزمة المهاجرين أنّ المعارك دفعت بالسوريين لدخول أوروبا عنوة. وجميع هذه الأمور جعلت أوروبا تدعو إلى إشراك الأسد لحل الأزمة.
وقد يكون سبب أزمة اللاجئين بسيطًا، لأن تركيا حرّضت وفتحت الباب، محاولة تحقيق منطقة عازلة والضغط على أوروبا لتأييدها بقرارها، ولكنّها أخطأت الحسابات. لأن أوروبا أدركت أنّ هذا المد البشري لا يُعالج إلا بحل سياسي يكون الأسد شريكًا فيه.
من هنا يحاول الأوروبيون وروسيا التي عرضت على أميركا، الاتحاد لضرب «داعش». وتدعو موسكو للعمل مع «أحرار الشام» في إدلب وحلب، رغم تحالفهم مع جبهة النصرة. لكنّهم مستقلون عنها، وكثيرون يتعاملون معهم كطرف سياسي مفاوض. فيما يرى آخرون الأمور بوجهة مختلفة، ويعتقدون أنّها تبدُل في موازين القوى الداعمة للنظام، فالدور الإيراني بدأ ينكفئ. ولروسيا حاليًا مصلحة في بقاء النظام أقله باللاذقية، حيث تملك قاعدتين عسكريتين وتطلب من الأسد أن تكونا ثابتتين.
وحسب المراقبين ، فأن روسيا ستصبح الآن مالكة للورقة الأولى على صعيد الحل. وهذا ما يفسر اندفاع الغرب للتحاور معها والقبول بوجودها. فالحل أصبح بيدها. وقد تقبل موسكو بالضغط على الأسد وبمرحلة انتقالية يكون فيها رئيسا على حكومة وطنية تمثّل الجميع، إلى أن تستتّب الأمور.
كما تسعى روسيا إلى تأمين شرعنة وجودها في قاعدتي اللاذقية وطرطوس.
وهكذا أصبح الأسد في حضن روسيا، التي تحاول كسب الامتيازات في إطلاق يدها وثقلها بالشرق الأوسط. ويتوقع مراقبون تحسن العلاقات بين طهران والغرب. خصوصا أميركا. لذا تحوّلت إيران إلى لاعب ثانوي. والعبء ألقي على روسيا ليريح إيران، ولكن ذلك سيكون على حساب استقلالية النظام بقرار التسوية النهائي. فروسيا تتشبث بالورقة الأولى. لذا بات الغرب يسعى للقبول بروسيا وهذا ما سعى له بوتين منذ سنين.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.