الحوثيون يحوّلون صنعاء إلى ثكنات عسكرية.. والسكان إلى رهائن

الجيش الوطني يتقدم في مأرب.. وطيران التحالف يكثّف غاراته على قاعدة الديلمي بصنعاء

مقاتل من جماعة الحوثي يحرس احدى النقاط في صنعاء أمس (رويترز)
مقاتل من جماعة الحوثي يحرس احدى النقاط في صنعاء أمس (رويترز)
TT

الحوثيون يحوّلون صنعاء إلى ثكنات عسكرية.. والسكان إلى رهائن

مقاتل من جماعة الحوثي يحرس احدى النقاط في صنعاء أمس (رويترز)
مقاتل من جماعة الحوثي يحرس احدى النقاط في صنعاء أمس (رويترز)

فرضت ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح المزيد من الإجراءات الأمنية المشددة، بالتزامن مع الذكرى 53 لثورة 26 سبتمبر (أيلول) التي قضت على حكم أسرة حميد الدين عام 1962، والتي صادفت يوم أمس، فيما انتهز السياسيون والناشطون المناسبة في شن حملة انتقادات لجماعة الحوثي وصالح واتهامهم بمحاولة العودة باليمن إلى عصر الإمامة، من خلال فرض الوصاية على الشعب اليمني وتسليم بلادهم لإيران.
وشوهدت الإجراءات الأمنية في شوارع صنعاء، التي حولتها الميليشيات إلى ثكنات عسكرية، وقال سكان لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع في صنعاء أصبح لا يطاق، لكنهم لا يستطيعون مغادرة المدينة بسبب انعدام مشتقات الوقود، وهو ما أجبرهم على قضاء أيام عيد الأضحى المبارك في صنعاء، التي تعاني من شحة في الاحتياجات الأساسية بعد فشل الحوثيين وصالح في تأمينها منذ عدة أشهر.
وذكر سكان محليون أنهم شاهدوا العشرات من المسلحين الحوثيين ووحدات من الحرس الجمهوري تنتشر في شوارع ونقاط كثيرة في عدة أحياء بصنعاء، وتركزت في المناطق القريبة من مخازن السلاح والمعسكرات. وقال منذر عبد الله: «نعيش منذ شهور في رعب وخوف بسبب وجود هذه الميليشيات التي دمرت بلادنا». وأضاف: «لم نستطع الاحتفال بعيد الأضحى في قريتنا وأقاربنا بسبب انعدام الوقود وصعوبة الحصول على الاحتياجات الضرورية»، مضيفا: «لا نجد من نشتكي إلى أو نحمله المسؤولية بسبب الواقع الميليشياوي الذي فرضه الحوثيون وصالح على صنعاء»، معتبر أن الميليشيات وضعت سكان صنعاء رهائن لديها، في مواجهة قوات التحالف التي تستهدف مخازن السلاح المحيطة بالعاصمة صنعاء.
من جهة ثانية، أحرز الجيش الوطني مسنودا بالمقاومة الشعبية أمس، تقدما كبيرا في محافظة مأرب، في ظل غطاء جوي لطائرات التحالف، وذلك بعد السيطرة على مواقع استراتيجية في غرب المحافظة التي باتت بالكامل خارج سيطرة المتمردين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، فيما منعت الأوضاع الصعبة سكان صنعاء من قضاء إجازة عيد الأضحى في قراهم ومناطق.
وقالت مصادر محلية بمأرب لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش الوطني سيطرت على مناطق مهمة في (الدشوش، وايدات الراء غربا)، وشن الجيش فجر أمس، هجوما مباغتا تحت غطاء جوي من قوات التحالف العربي على مواقع الميليشيات. ولقي ما لا يقل عن 20 مسلحا حوثيا مصرعهم، وجرح آخرون وأحرقت عدد من الآليات والأطقم العسكرية التابعة للحوثيين، أمس، في القتال الدائر في الجهة الغربية لمدينة مأرب، بين القوات المشتركة، والمكونة من قوات التحالف وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، والميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، من جهة أخرى.
وجاء مقتل عناصر الميليشيات الحوثية، بعد ساعات على وصول تعزيزات عسكرية إلى مأرب، هي عبارة عن ما يزيد على 1100 جندي يمني، جرى تدريبهم جيدا في الحدود اليمنية – السعودية، وأشارت المعلومات إلى تمكن المقاومة الشعبية في مأرب من أسر نحو 10 مسلحين حوثيين، أثناء المواجهات العنيفة التي شهدتها المنطقة، وبحسب مصادر في المقاومة فإن عدد من الآليات العسكرية والأطقم تم تدميرها وإحراقها في غارات جوية، ليتمكن الجيش بعدها من السيطرة على المواقع وعلى عتاد عسكري من الأسلحة المتوسطة، وأشارت المصادر إلى أن الجيش تمكن من أسر 10 مسلحين من الحوثيين في منطقة (إيدات الراء)، غرب مأرب بعد السيطرة على مواقع عسكرية من أهمها، (تبة الجحيلي)، بالتزامن مع تحليق مكثف لطيران التحالف، وأكدت المصادر أن التقدم الذي أحرزه الجيش يهدف إلى قطع الإمدادات عن الميليشيات في تبة «المصارية» الاستراتيجية والتي يستميت الحوثيون للحفاظ عليها، ولفت المصادر إلى أن الحوثيين زرعوا المناطق المحيطة بمواقعهم بعشرات الألغام ما حد من التقدم السريع لقوات الجيش الوطني والمقاومة التي تحاول السيطرة عليها بأقل الخسائر، نتيجة وعورة التضاريس الجغرافية الصعبة بالمنطقة الغربية للمحافظة.
وتعد الهجمات التي نفذتها القوات المشتركة، أمس، في مأرب، هي الأعنف منذ بدء العمليات العسكرية لتحرير المحافظة، قبل أكثر من أسبوعين، وفي هذا السياق، قال مصدر في المقاومة بمأرب لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الهجمات هي «تقليص لزمن تحرير الجفينة والفاو وإيدات الراء، وذلك من أجل الانتقال غربا إلى جبهة الجدعان، وجنوب شرق في جبهة حريب وبيحان»، مؤكدا أن «يومين أو ثلاثة أيام كفيلة بتطهير جبهة الجفينة وإيدات الراء، وهي منطقة المواجهات على مشارف مدينة مأرب، حيث ما زالت هناك بعض الجيوب والقناصة المنتشرين في بعض الأماكن».
من جهته، تفقد رئيس هيئة الأركان العامة للجيش اليمني، اللواء الركن محمد علي المقدشي، الوحدات العسكرية التي وصلت إلى مأرب من معسكرات العبر بحضرموت، تمهيدا لإرسالهم إلى جبهات المعارك التي يخوضها الجيش في غرب وشمال المحافظة، مؤكدا لهم أهمية دورهم الوطني ضد الميليشيات التي دمرت البلاد وانقلبت على الشرعية.
على صعيد آخر، نفذ طيران التحالف سلسلة غارات مكثفة على العاصمة صنعاء وعدد من المواقع العسكرية ومواقع الميليشيات، وقال شهود عيان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الطيران استهدف، مجددا، قاعدة الديلمي الجوية، قرب مطار صنعاء الدولي، بشمال العاصمة، التي اندلعت فيها نيران هائلة بعد قصف مكثف وفي أوقات متفاوتة، كما استهدف الطيران معسكر الدفاع الساحلي في مديرية الصليف، في شمال محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، في غرب البلاد، وشملت الغارات القاعدة البحرية في جزيرة كمران، ومواقع عسكرية في مديرية الخوخة، بجنوب محافظة الحديدة، كما واصل طيران التحالف عزله للعاصمة صنعاء، من خلال استهداف المناطق المحيطة بها، فقد قصفت الطائرات سد منطقة صرف بشمال صنعاء، وبعض المناطق والطرق التي تربط العاصمة بالمحافظات المجاورة، وواصل الطيران ضرباته المكثفة على مواقع الميليشيات الحوثية في بعض مديريات محافظة البيضاء، بوسط البلاد، حيث استهدف المعهد المهني بمديرية السوادية.



إرهاب الحوثيين يتصدّر نقاشات يمنية - أميركية في الرياض

رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)
TT

إرهاب الحوثيين يتصدّر نقاشات يمنية - أميركية في الرياض

رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني يعول على دعم أميركي لمواجهة الحوثيين (سبأ)

استحوذ إرهاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران خلال اليومين الأخيرين على مجمل النقاشات التي دارت بين قيادات الشرعية والمسؤولين الأميركيين، وسط تطلع رئاسي لتصنيف الجماعة منظمة إرهابية عالمية وتجفيف مواردها المالية وأسلحتها.

وتأتي المحادثات اليمنية - الأميركية في وقت يتطلع فيه الشارع اليمني إلى اقتراب لحظة الخلاص من الانقلاب الحوثي واستعادة صنعاء وبقية المحافظات المختطفة، بخاصة عقب التطورات الإقليمية المتسارعة التي أدت إلى هزيمة إيران في كل من لبنان وسوريا.

وذكر الإعلام الرسمي أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، استقبل في الرياض جيسي ليفنسون، رئيس مكتب مكافحة الإرهاب لجنوب ووسط وشرق آسيا بوزارة الخارجية الأميركية، وسفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن، وبحث معهما العلاقات الثنائية، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتعزيز الشراكة الوثيقة بين الجانبين على مختلف الأصعدة.

وطبقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، تطرق اللقاء إلى التهديدات الإرهابية التي تغذيها الميليشيات الحوثية والتنظيمات المتخادمة معها، بما في ذلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والاعتداءات، وأعمال القرصنة المستمرة على سفن الشحن البحري بدعم من النظام الإيراني.

واستعرض العليمي - وفق الوكالة - جهود الإصلاحات الحكومية في المجال الأمني وأجهزة إنفاذ القانون وسلطات مكافحة الإرهاب وغسل الأموال والجريمة المنظمة، والدعم الدولي المطلوب لتعزيز قدراتها في ردع مختلف التهديدات.

وفي حين أشاد رئيس مجلس الحكم اليمني بالتعاون الوثيق بين بلاده والولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، قال إنه يتطلع مع الحكومة إلى مضاعفة الضغوط الدولية على الميليشيات الحوثية، بما في ذلك تصنيفها منظمة إرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها وتسليحها.

تأكيد على دور واشنطن

وشملت اللقاءات الأميركية في الرياض عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عبد الرحمن المحرمي، ونقل الإعلام الرسمي أن الأخير ناقش مع السفير الأميركي، ستيفن فاجن، آخر المستجدات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والعسكرية في اليمن.

وتناول اللقاء - وفق وكالة «سبأ» - التداعيات الاقتصادية والإنسانية في اليمن والمنطقة، في ظل استمرار تصعيد ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني على خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر. كما تم بحث سبل تعزيز التعاون بين الجانبين لمكافحة الإرهاب ودعم جهود السلام والاستقرار في المنطقة.

النقاشات اليمنية - الأميركية ركزت على الدعم الأمني لمواجهة الإرهاب (سبأ)

واستعرض اللقاء، حسب الوكالة، الجهود التي يبذلها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لمواجهة التحديات الاقتصادية والإنسانية في اليمن.

وفي هذا السياق، جدد المحرّمي حرص المجلس على تنفيذ الإصلاحات الداخلية ومكافحة الفساد لتحسين الخدمات الأساسية وتلبية احتياجات المواطنين، مؤكداً على أهمية الدور الأميركي والدولي في دعم هذه الجهود.

ونسب الإعلام الرسمي إلى السفير الأميركي أنه «أكد دعم بلاده لجهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة في مواجهة التحديات المختلفة، مشيداً بالجهود المبذولة لتعزيز الاستقرار وتوحيد الصفوف في مواجهة التحديات الراهنة».

دعم المؤسسات الأمنية

وفي لقاء آخر، الاثنين، بحث وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني مع السفير الأميركي ومدير مكتب مكافحة الإرهاب لجنوب ووسط وشرق آسيا بوزارة الخارجية الأميركية، الوضع الأمني في البحر الأحمر والتهديدات الحوثية المستمرة للملاحة الدولية، وبحث التعاون الثنائي لتطوير القدرات الأمنية للمؤسسات اليمنية.

وفي حين أكد الوزير الزنداني التزام الحكومة بمواصلة الجهود الرامية إلى القضاء على الإرهاب والتطرف، شدد على أهمية الشراكة الدولية في هذا المجال.

وزير الخارجية اليمني مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي (سبأ)

إلى ذلك، بحث وزير الداخلية اليمني إبراهيم حيدان مع المسؤولين الأميركيين تعزيز التعاون الأمني في مجال التكنولوجيا وأمن واستخدام المعلومات لمكافحة الإرهاب والتصدي للتحديات الأمنية التي تواجه اليمن والمنطقة.

وحسب ما أورده الإعلام الرسمي، أكد حيدان خلال لقائه السفير فاجن والمسؤول في الخارجية الأميركية ليفنسون على أهمية دعم جهود الحكومة اليمنية لتعزيز الاستقرار ومواجهة التنظيمات الإرهابية والميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني التي تهدد أمن وسلامة اليمن ودول الجوار.

وأشار حيدان إلى الجهود التي تبذلها وزارته في إعادة بناء الأجهزة الأمنية وتطوير الأنظمة الرقمية لتحسين قدراتها العملياتية، رغم التحديات التي تواجهها البلاد في ظل الظروف الراهنة.

وعود أميركية بدعم القوات الأمنية اليمنية في مجال التدريب وبناء القدرات (سبأ)

ونسب الإعلام الرسمي إلى رئيس مكتب مكافحة الإرهاب لجنوب ووسط وشرق آسيا بوزارة الخارجية الأميركية، جيسي ليفنسون، استعداد بلاده لدعم الجهود الأمنية في اليمن من خلال التدريب وتقديم المساعدات التقنية وبناء القدرات.

يشار إلى أن الحوثيين في اليمن يخشون من حدوث إسناد دولي واسع للحكومة الشرعية يؤدي إلى القضاء على انقلابهم واستعادة صنعاء وتأمين الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

وكان زعيمهم عبد الملك الحوثي قد طمأن أتباعه بأن الجماعة أقوى من نظام بشار الأسد، ولن يستطيع أحد إسقاطها لجهة ما تملكه من أسلحة إلى جانب ما استطاعت تجنيده من عناصر خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.