وزير الخارجية التركي: العالم خذل سوريا.. والأزمة تهدد الجميع

داود أوغلو قال إن ما فعله الأسد كان متوقعا.. لكن العجز الدولي كان «مفاجأة»

أحمد داود أوغلو (رويترز)
أحمد داود أوغلو (رويترز)
TT

وزير الخارجية التركي: العالم خذل سوريا.. والأزمة تهدد الجميع

أحمد داود أوغلو (رويترز)
أحمد داود أوغلو (رويترز)

قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إن الحرب السورية المتدهورة أصبحت تمثل الآن خطرا على جميع الدول لأن العالم سمح لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد بأن تواصل «جرائمها» في الوقت الذي تدفق فيه الجهاديون من جميع أنحاء العالم لمحاربته.
وقال الوزير التركي في مقابلة مع وكالة «رويترز» إن من الضروري وضع استراتيجية دولية قوية بما في ذلك «تعاون حقيقي على مستوى الاستخبارات»، وانسحاب كل المقاتلين الأجانب من أجل وضع نهاية للصراع وتقديم العون لملايين السوريين الذين دمرت الحرب حياتهم.
وأضاف في المقابلة أن الأزمة تمثل «تهديدا للجميع»، مشيرا إلى ما وصفه بالطبيعة الشمولية لحكومة الأسد ووجود جماعات مسلحة تربطها صلات بتنظيم القاعدة.
وقال داود أوغلو إن دمشق تواطأت مع جماعات متشددة لمحاربة جماعات المعارضة المعتدلة. وتشهد تركيا جدلا مستعرا بشأن سياستها إزاء سوريا ودعمها مقاتلين ذوي ميول إسلامية، والسماح بتسلل جهاديين إلى الأراضي السورية.
وقال داود أوغلو ردا على هذه الاتهامات: «المشكلة ليست مشكلة تركيا وحدها؛ بل هي مشكلة المنطقة». وتابع: «بل إن سوريا بدأت تتحول إلى خطر على الدول الأوروبية أيضا بسبب وجود هذه الجماعات الإرهابية على أساس فراغ السلطة وبسبب الطبيعة الشمولية والاستبدادية للنظام.. وهذا تهديد لنا جميعا».
وقال وزير الخارجية إن مفاوضات «جنيف2» التي جرت أخيرا بين الحكومة السورية والمعارضة «فشلت» لأن دمشق تجاهلت المنطلق الأساسي للمحادثات وهو البيان الصادر في جنيف بدعم من الأمم المتحدة في يونيو (حزيران) 2012 ويدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية يوافق عليها الطرفان. وأوضح: «لم يريدوا التحدث عن هيئة الحكم الانتقالي؛ بل أرادوا التركيز على خطر الإرهاب الذي خلقوه هم في الواقع». وأضاف أن ذلك يمثل فشلا للمجتمع الدولي الذي لم يكن على مستوى خطورة الأزمة في سوريا وجرائم الحرب التي ارتكبتها قيادتها.
وأشار إلى أن روسيا تتحمل مسؤولية خاصة لتعطيل التحركات الفعلية من جانب مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ومواصلة تزويد سوريا بالأسلحة الثقيلة وهو ما قوى شوكة الأسد.
وقال إنه ورئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان تحدثا في الآونة الأخيرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي. وقال: «الكل يقول إن الحل الوحيد حل سياسي.. لكن علينا أن نكون صادقين وموضوعيين، فمن يدعمون النظام بالسلاح والأسلحة الثقيلة يقفون في صف الخيار العسكري». وزاد: «علينا أن نتعاون كلنا لخلق مناخ أمني ملائم.. وهذا يعني العمل معا لمنع أي وجود إرهابي». وأشار إلى ضرورة رحيل كل المقاتلين الأجانب، بما في ذلك مقاتلو حزب الله اللبناني وميليشيا شيعية تعمل لحساب إيران وتقاتل إلى جانب قوات الأسد.
وحول مستقبل سوريا، قال داود أوغلو إنه يجب أن يكون لسوريا بعد رحيل الأسد جيش وطني جديد يتألف من عناصر معتدلة من المعارضة والجيش السوري الحر، مشددا على ضرورة تمثيل كل الطوائف العرقية والدينية من السنة والعلويين والمسيحيين والأكراد.
واعتبر أن الأسد تمكن من البقاء لأن القوى العالمية لم تقل له متى يتوقف. وأضاف: «بعض الناس يزعمون أن بشار ناجح لأنه استمر في السلطة.. وهذا ليس نجاحا، لأنه يملك كل السلطات؛ فلديه جيش، ولديه مطارات، ولديه صواريخ (سكود)، ولديه أسلحة كيماوية. وقد استخدم كل شيء».
وسئل وزير الخارجية عما إذا كانت تركيا وبقية أعضاء المجتمع الدولي استهانوا بقدرات الأسد في المراحل الأولى من الحرب، فقال إن تركيا بذلت جهدا كبيرا للتفاوض مع الأسد لمدة عشرة أشهر في 2011 لأنها كانت تخشى أن يتحول الأمر إلى أزمة طويلة الأمد. وأضاف: «لو اعتقدنا أن بشار الأسد سيسقط سريعا لما بذلنا هذا الجهد.. كنا نخشى هذا السيناريو ونريد منعه»، وتابع أن عجز المجتمع الدولي كان «مفاجأة أكبر».
وأوضح: «لم أكن لأتخيل أن يكون مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عاجزا عن أداء مهامه لثلاث سنوات رغم كل هذه الجرائم ضد الإنسانية.. هذا ما لم أتوقعه، لكن الباقي وما فعله نظام الأسد كان متوقعا».
وبشأن الجماعات المسلحة في سوريا، قال داود أوغلو إن حكومة الأسد والجماعات المتصلة بـ«القاعدة» تعاونت على مدار الأشهر السبعة الماضية فدكت السلطات مواقع الجيش السوري الحر من الجو وهاجمتها جماعات إسلامية على الأرض.
ودعا إلى تعاون دولي لوقف تدفق المقاتلين الأجانب على سوريا، ونفى إشارات إلى أن تركيا التي تستضيف أكثر من 700 ألف لاجئ سوري تسمح للمقاتلين الأجانب بعبور الحدود إلى الأراضي السورية. وأكد: «تركيا تبذل جهدا كبيرا لاستقبال اللاجئين السوريين، لكنها تأخذ في الوقت نفسه كل التدابير لمنع وجود جماعات إرهابية.. لكن تحقيق ذلك يتطلب جهدا مشتركا». ودعا إلى «تعاون حقيقي على مستوى الاستخبارات».
وأضاف: «قلنا لهم إذا كنتم تعرفون من هم المتشددون الذين يريدون المجيء إلى تركيا للذهاب إلى سوريا فامنعوهم من المجيء إلى تركيا». واستطرد قائلا: «إذا كانت دولهم الأصلية تسمح لهم بالمجيء، فكيف نمنعهم نحن من دخول تركيا.. لن يكون ذلك قانونيا.. ففي العام الماضي استقبلنا 36 مليون سائح، ولا نستطيع وقف السياحة في تركيا».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».