آلاف المعتقلين يقضون عيد الأضحى في سجون الحوثيين

الميليشيات تمنع عنهم الزيارة وترفض إحالتهم إلى القضاء

آلاف المعتقلين يقضون عيد الأضحى في سجون الحوثيين
TT

آلاف المعتقلين يقضون عيد الأضحى في سجون الحوثيين

آلاف المعتقلين يقضون عيد الأضحى في سجون الحوثيين

حل عيد الأضحى المبارك على آلاف المعتقلين اليمنيين في سجون الميليشيات الحوثية في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات التي يسيطرون عليها، وقالت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيات الحوثية تحتفظ، بصورة غير رسمية وغير قانونية، بالمعتقلين في أقسام الشرطة وسجون أجهزة الأمن وفي مواقع عسكرية وقلاع وحصون تاريخية في عدد من المحافظات، بينها محافظتا الحديدة وحجة، ومحافظات أخرى»، وأكدت المصادر أن الميليشيات الحوثية توسعت، في الآونة الأخيرة، في عملية فتح المعتقلات والسجون القديمة في القلاع التاريخية والتي لا يعرف الكثير من الناس عنها شيئا، وأشارت المصادر إلى أن معظم التحقيقات التي تجري مع المعتقلين ترتبط، بشكل مباشر، باتهامات كيدية تتعلق بتأييدهم لعمليات قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن وهي العمليات التي تساند الحكومة الشرعية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وينتمي معظم المعتقلين في معتقلات وسجون الحوثيين إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح وغيره من التنظيمات السياسية والشخصيات الرافضة للانقلاب على الشرعية الدستورية، من أبرز معتقلي حزب الإصلاح، القيادي البارز محمد قحطان، عضو الهيئة العليا للحزب (المكتب السياسي)، الذي سربت الميليشيات، قبل أيام، معلومات بشأن مقتله في غارة جوية لطائرات التحالف، حيث أثبتت الكثير من المنظمات الحقوقية الناشطة في الساحة اليمنية، قيام الميليشيات الحوثية بوضع بعض المعتقلين في مواقع مستهدفة بالقصف، وتتفاوت فترات الاعتقال التي يقضيها الآلاف من المعتقلين في سجون ومعتقلات الميليشيات، وقال شهود عيان في صنعاء إن «عددا كبيرا من الأسر والعائلات (النساء)، ترددت، قبل وأثناء العيد، على بعض المعتقلات والسجون في صنعاء، في محاولة منها لزيارة ذويها المعتقلين»، وقال مصدر حقوقي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن «معظم المحامين الذين يحاولون متابعة قضايا اعتقالات، يجري حبسهم واعتقالهم وتهديدهم»، وأضاف المصدر أن الميليشيات الحوثية ترفض تحويل المعتقلين إلى أجهزة النيابة والقضاء، وذلك لمعرفتها أنه سيتم الإفراج عن المعتقلين مباشرة، دون قيد أو شرط، لعدم وجود أدلة تثبت تورطهم في أي جرائم وقضايا، لانعدام ذلك، أصلا، حسب تعبير المصدر الحقوقي.
يذكر أن عددا من المعتقلين، بينهم صحافيان، قضوا في قصف لقوات التحالف، بعد أن وضعتهم الميليشيات في مواقع مستهدفة بالقصف، كما يذكر أن حركة حقوقية واسعة تتشكل في اليمن لمناهضة هذه الاعتقالات، التي يقول المراقبون والخبراء إنها خارج القانون وإن اليمن لم يشهد لها مثيلا من قبل.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم