طيران التحالف العربي يجدد غاراته على الحديدة.. ومقتل قيادات حوثية

المجلس العسكري في تعز: المرحلة المقبلة ستشهد مفاجآت

دخان يتصاعد في أعقاب غارة لطيران التحالف على مخازن أسلحة ومواقع للحوثيين في الحديدة (رويترز)
دخان يتصاعد في أعقاب غارة لطيران التحالف على مخازن أسلحة ومواقع للحوثيين في الحديدة (رويترز)
TT

طيران التحالف العربي يجدد غاراته على الحديدة.. ومقتل قيادات حوثية

دخان يتصاعد في أعقاب غارة لطيران التحالف على مخازن أسلحة ومواقع للحوثيين في الحديدة (رويترز)
دخان يتصاعد في أعقاب غارة لطيران التحالف على مخازن أسلحة ومواقع للحوثيين في الحديدة (رويترز)

جدد طيران التحالف العربي، بقيادة السعودية، أمس، غاراته على تجمعات ومواقع ومخازن الأسلحة الخاصة بميليشيات الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح في مدينة الحديدة الساحلية، غرب اليمن. ونفذ طيران التحالف أكثر من 13 غارة في المدينة تركزت أكثر من ثمانٍ منها على مبنى هيئة تطوير تهامة استهدفت مخازن للأسلحة وما لا يقل عن 7 دبابات تتبع الميليشيات الانقلابية.
كما استهدفت الغارات طقمين عسكريين للميليشيات ومنزل المخلوع علي عبد الله صالح في مدينة الحديدة، وأوقعت قتلى وجرحى في صفوف ميليشيات الحوثي وصالح، في حين شوهدت سيارات الإسعاف والإنقاذ تهرع إلى أماكن القصف لانتشال الجثث وإسعاف الجرحى.
وقال مصدر أمني خاص لـ«الشرق الأوسط» بأن «غارات التحالف العربي استهدفت مبنى هيئة تطوير تهامة بعد دعوة قيادي حوثي قيادات في الميليشيا إلى تناول وجبة الغداء في مبنى الهيئة، وبعد تلبية الدعوة من قبلهم شنت طائرات التحالف العربي أكثر من 8 غارات على المبنى وقتلت قيادات من الميليشيات ومرافقيهم، وشوهدت سيارات الإسعاف تهرع إلى المكان وخرجت محملة بالجثث والمصابين».
ويأتي تجديد غارات التحالف على مبنى هيئة تطوير تهامة غداة غارات استهدفت مساء أول من أمس مواقع وتجمعات لميليشيات الحوثي وصالح في مديرية الصليف وجزيرة كمران، مما أوقع قتلى وجرحى في صفوف الميليشيات. وكانت مصادر عسكرية خاصة قد أكدت في وقت سابق، لـ«الشرق الأوسط» أن «ميليشيات الحوثي وصالح في مدينة الحديدة حصلت على تعزيزات عسكرية من العاصمة صنعاء وأنه تم تخزينها في مبنى هيئة تطوير تهامة بالإضافة إلى تخزين عدد كبير من الأسلحة والمعدات العسكرية، ووصول عناصر من الميليشيات من محافظة ذمار إلى الحديدة وتوزيعهم على الأحياء السكنية والمرافق الحكومية والنقاط الأمنية».
إلى ذلك، تواصل المقاومة الشعبية في إقليم تهامة تصعيد هجماتها النوعية ضد ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح في جميع مدن ومحافظات الإقليم وتكبيدهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد، فيما تواصل الميليشيات الانقلابية مداهمة المنازل واعتقال من تشتبه في انتمائهم للمقاومة الشعبية وجميع المناوئين لهم، وتعتقل قيادات الحراك التهامي والناشطين والصحافيين والمناوئين لهم في الأمن السياسي (المخابرات اليمنية) ونادي الضباط. ويقول مصدر من المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» بأن المقاومة «حتى في أيام العيد تواصل تنفيذ عملياتها ضد ميليشيات الحوثي وصالح وآخرها عملية (أمس) في مديرية حيس ومنطقة الزهاري قرب مديرية المخا استهدفت تجمعات لهم وسقط عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم». ويضيف: «قامت الميليشيات باختطاف خالد المقطري، المعقب في شؤون الموظفين بمؤسسة المياه بالحديدة، عند محاولته التصوير بهاتفه شيكات تم صرفها من إيرادات المؤسسة مقابل مكافآت ومصاريف للميليشيات عبر مندوبهم في المؤسسة المدعو محمد المحبشي، ما جعل هذا الأخير يأمر باعتقال المقطري، وكل ذلك حتى لا يكشف الفساد الذي يقومون به في المرافق الحكومية في محافظة الحديدة وما هذا إلا جزء بسيط من فسادهم».
وفي مدينة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية الواقعة إلى جنوب العاصمة صنعاء، تواصل ميليشيات الحوثي وصالح قتلها الأهالي وتدمير منازلهم بصواريخ الكاتيوشا والهاوزر ومختلف الأسلحة المتوسطة والثقيلة كانتقام منهم جراء الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد على أيدي عناصر المقاومة الشعبية والجيش الوطني وطائرات التحالف التي تشن غاراتها المكثفة والمباشرة على تجمعاتهم ومواقعهم ومخازنهم العسكرية.
ولا يزال أهالي مدينة تعز يعيشون في ظل الحصار الخانق الذي تواصل ميليشيات الحوثي وصالح فرضه عليهم من مداخل المدينة وتمنع دخول الأدوية والمواد الغذائية حتى سيارات الخضار والفواكه؛ الأمر الذي يؤكد أنه منذ أكثر من 5 أشهر وأهالي تعز يعيشون كارثة إنسانية حقيقية بكل معانيها، بالإضافة لما تعيشه من مجازر مروعة ووحشية يتعرض لها المدنيون بشكل يومي على أيدي ميليشيات الحوثي وصالح التي تستمر في قصفها الهمجي للأحياء السكنية بمختلف أنواع الأسلحة موقعة قتلى وجرحى من المدنيين.
ويقول الناشط الحقوقي مختار عبده، من أبناء تعز، لـ«الشرق الأوسط» بأن «ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية لم تراع الدوافع الإنسانية حتى في أيام عيد الأضحى المبارك فهي تستمر في قصفها اليومي للأحياء السكنية وتقتل النساء والأطفال وأصبح الوضع الإنساني في تعز حرجا جدا وأصبحنا نعيش كارثة ومجاعة حقيقية، بل إن ما يقدر بـ90 في المائة من سكان المدينة يعانون انعدام الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب وغيرها الكثير». ويضيف: «ستتحرر مدينة تعز من الميليشيات الانقلابية بفضل صمود الجيش الوطني والمقاومة الشعبية اللذين يستمران في نضالهما ويدحران الميليشيات في جميع جبهات القتال الشرقية والغربية ويسيطران على الكثير من المواقع التي كانت تحت سيطرة الميليشيات وتكبدهم الخسائر الفادحة». وتابع: «كما أن أهالي مدينة تعز قاموا بالتبرع للمقاومة الشعبية وحتى النساء تبرعن بمجوهراتهن».
بدوره، زار رئيس المجلس العسكري بتعز، قائد اللواء 22 مدرع العميد صادق سرحان، عناصر المقاومة الشعبية والجيش الوطني في جبهات القتال بما فيها تلك التي تشهد مواجهات عنيفة بين المقاومة الشعبية والجيش، من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح، من جهة أخرى، في عصيفرة ووادي القاضي والمرور ومقبرتي عصيفرة والاجينات، وقام بقراءة الفاتحة على شهداء ثورة فبراير (شباط) السلمية عام 2011 ومن بينهم نجله عبد الرحمن سرحان الذي قتل بنيران المخلوع صالح في 2011. وجميع من قدموا أرواحهم في تحرير مدينة تعز من الميليشيات.
وخلال زيارته لجبهات القتال، أشاد العميد صادق سرحان بصمود وتضحيات المقاومة الشعبية والوحدات العسكرية والأمنية، مؤكدا أن قيادة المجلس العسكري والمقاومة لن تألو جهدا في سبيل تلبية ما يحتاجونه من دعم ورواتب وأية تعزيزات عسكرية، وأن المرحلة المقبلة ستشهد مفاجآت كبيرة على صعيد المواجهات مع ميليشيات الحوثي وصالح.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.