قلق فلسطيني من إقدام إسرائيل على «انسحاب أحادي» من الضفة الغربية

مصادر أمنية قالت إن من شأن ذلك خلق فوضى لإضعاف السلطة

قلق فلسطيني من إقدام إسرائيل على «انسحاب أحادي» من الضفة الغربية
TT

قلق فلسطيني من إقدام إسرائيل على «انسحاب أحادي» من الضفة الغربية

قلق فلسطيني من إقدام إسرائيل على «انسحاب أحادي» من الضفة الغربية

قالت مصادر أمنية فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» إن ثمة تخوفات كبيرة من إقدام إسرائيل على تنفيذ انسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية في حال فشلت جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في دفع عملية السلام نحو الأمام.
وأكدت المصادر أن اجتماعات أمنية عقدت مؤخرا لمناقشة الأمر الذي من شأنه خلق فوضى كبيرة في الضفة الغربية.
وتسيطر إسرائيل على ثلثي مساحة الضفة الغربية، وتقتحم يوميا المناطق المتبقية تحت السيطرة الفلسطينية.
ويعني انسحاب إسرائيل الأحادي من الضفة الغربية، إذا ما تم، تراجع الجيش الإسرائيلي إلى حدود الجدار الفاصل، وعن مناطق يختارها بنفسه، وإخلاء مستوطنات محددة، من دون اتفاق مع السلطة الفلسطينية، وهو ما سيعطي إسرائيل فرصة رسم حدود الضفة الغربية، وفق ما تراه مناسبا، وضم المستوطنات التي تختارها إلى حدودها.
وترفض السلطة الفلسطينية أي انسحاب أحادي من الضفة، وتريد إقامة الدولة الفلسطينية ضمن حدود 1967، مع إخلاء كامل للمستوطنات ومنطقة الأغوار، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة الدولة.
ويوجد نقاش حاد بين الفلسطينيين والأميركيين حول هذه الملفات.
وقالت المصادر الأمنية: «سيكون ذلك مثل فخ، لأن من شأنه خلق فوضى كبيرة، إذ يعني أن على السلطة بسط سيطرتها فورا على مناطق أوسع وأشمل، وتشكل بمعظمها ملجأ للعصابات».
ويتمركز كثير من العصابات والفارين من وجه العدالة، في المناطق المصنفة «سي» التي تخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية ويمنع على السلطة العمل داخلها. وعادة لا تولي إسرائيل هذه المناطق أهمية تذكر من الناحية الأمنية والإدارية وعلى صعيد الخدمات.
والأسبوع الماضي التقى مسؤولون أمنيون فلسطينيون بقادتهم في المناطق الفلسطينية، وطلبوا منهم الاستعداد لمرحلة جديدة محتملة.
وبحسب المصادر، فإن ثمة تقديرات أمنية أن تعمد إسرائيل إلى انسحاب أحادي لإحراج الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) وتركه في مواجهة الفوضى من جهة، وأعدائه في الداخل الفلسطيني من جهة ثانية.
وهذا الشهر جاهر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون بذلك، قائلا: «الانسحاب من الضفة الغربية المحتلة سيمس بحرية عمل الجيش الإسرائيلي وسيؤدي إلى انهيار حكم الرئيس الفلسطيني محمود عباس».
وأضاف: «إن من شأن تطبيق سيناريو الانسحاب من غزة في الضفة تثبيت أقدام حماس والإطاحة بأبو مازن».
وأشارت المصادر إلى «احتمال استغلال حركة حماس والقيادي الفتحاوي المفصول من الحركة محمد دحلان، لحالة الفوضى المتوقعة، والعمل على إضعاف السلطة أكثر في الضفة الغربية عبر تحريك عناصرهم لتنفيذ مخططات مختلفة».
وتحكم الأجهزة الأمنية الفلسطينية قبضتها الآن على المدن تحت سيطرتها، لكنها تبقي عيونها مفتوحة تجاه عناصر حماس ودحلان.
وتخطط اللجنة المركزية لحركة فتح لفصل كل من يثبت أنه على اتصال من داخل الحركة مع دحلان، وهو ما قد يدفع البعض للانتقام.
ويترافق ذلك كله مع الخشية من دخول السلطة في أزمة مالية حادة بعد شهر أبريل (نيسان) المقبل، وبدء النقابات إضرابات مفتوحة من شأنها شل عمل المؤسسات الحكومية.
ولإسرائيل تاريخ جيد في الانسحابات الأحادية المفاجئة إذ أقدمت على ذلك مرتين، وانسحبت من دون مقدمات من مناطق كان يعتقد أنها تريد البقاء فيها للأبد.
وغادرت إسرائيل بشكل مفاجئ جنوب لبنان عام 2000، بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أيهود باراك، من دون أي تنسيق مع الحكومة اللبنانية، وأبقت على مزارع شبعا تحت سيطرتها.
كما انسحبت في 2005 من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط أحادي الجانب»، وبحسبها أخلت إسرائيل 21 مستوطنة في القطاع ومعسكرات الجيش الإسرائيلي، بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت آرييل شارون.
ويوجد في إسرائيل من يدعمون هذا الاقتراح، إذ كتبت صحيفة معاريف الأسبوع الماضي عن خطة للانسحاب الأحادي يضعها اثنان من مساعدي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو السابقين، من دون علمه، ليقدماها له في وقت لاحق.
واقترح السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، مايكل أورن، أمس، انسحابا إسرائيليا أحاديا من الضفة الغربية في حال أقدمت السلطة الفلسطينية على التوجه للمنظمات الدولية إذا ما فشلت جهود السلام.
وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، إن أورن المقرب من نتنياهو، أطلق على خطته اسم «الخطة ب» ردا على «الخطة ب» التي يضعها الفلسطينيون للتوجه إلى المؤسسات الدولية، مؤكدا أن تطبيقها سيجري فقط في حال تنفيذ الفلسطينيين تهديداتهم.
ودعا أورن إسرائيل لعدم التخوّف من الحل أحادي الجانب. وقال لصحيفة معاريف، إن خطته ترتكز على الانسحاب الأحادي من الضفة الغربية، بحيث ترسم إسرائيل بشكل أحادي أيضا حدود الدولة الفلسطينية، على أن يبقى الجيش الإسرائيلي في المناطق الحيوية. وأضاف: «الانسحاب لن يكون إلى حدود 67، وليس على طريقة غزة (الخروج الكامل)، لكنه سيمكّن الفلسطينيين من إقامة دولة متواصلة جغرافيا يعيش فيها معظم الفلسطينيين على أن يعيش معظم الإسرائيليين في إسرائيل».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.