نواب «دولة القانون» يربكون المصادر الرسمية بشأن صفقة الأسلحة الإيرانية

مستشار الأمن الوطني هو من أبرمها مع طهران وليست «الدفاع»

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في حديث جانبي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف خلال مؤتمرهما الصحافي بطهران أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في حديث جانبي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف خلال مؤتمرهما الصحافي بطهران أمس (أ.ف.ب)
TT

نواب «دولة القانون» يربكون المصادر الرسمية بشأن صفقة الأسلحة الإيرانية

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في حديث جانبي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف خلال مؤتمرهما الصحافي بطهران أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في حديث جانبي مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف خلال مؤتمرهما الصحافي بطهران أمس (أ.ف.ب)

في أعقاب الموقف الأميركي المتشدد سواء على مستوى إدارة الرئيس باراك أوباما أو الكونغرس بشأن الإعلان عن إبرام الحكومة العراقية صفقة أسلحة مع إيران بمبلغ قدره 195 مليون دولار، سارعت المصادر الرسمية العراقية إلى نفي هذه الصفقة. وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض أعلنت قلق الإدارة الأميركية من هذه الصفقة بوصفها تشكل خرقا للحظر المفروض على إيران.
ومن جهته، دعا عضو الكونغرس الأميركي جون ماكين الحكومة الأميركية إلى إلغاء تزويد واشنطن لبغداد بـ24 طائرة أباتشي في حال جرى التأكد من إبرام الصفقة.
وبينما بدت فيه مواقف بعض المسؤولين العراقيين المقربين من رئيس الوزراء نوري المالكي خجولة وغير قاطعة، فإن التشدد الأميركي حيال هذه الصفقة المفترضة أدى بالجهات الحكومية العراقية إلى نفي إبرام الصفقة؛ فوزارة الدفاع نفت في بيان لها إبرامها أي صفقة من هذا النوع. وقال البيان: «بناء على حاجة القوات المسلحة العراقية لبعض الأسلحة الخفيفة ومعدات الرؤيا الليلية لسد نقص بعض الوحدات، جرى استدراج عروض شركات دولية عديدة، منها (بلغاريا والجيك وبولونيا وصربيا والصين وأوكرانيا وباكستان) وغيرها من شركات تلك الدول، وقدمت تلك الشركات عروضها التسعيرية وجداول التجهيز». وأضاف البيان أن «هيئة الصناعات الدفاعية الإيرانية قدمت عروضها، إلا أن المفاضلة كانت لصالح شركات أخرى ولم يجر توقيع أي عقد مع الشركة الإيرانية». وأوضح البيان أن «هناك من استغل هذا الموضوع سياسيا وإعلاميا».
وفي طهران، نفى وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، الذي يقوم بزيارة إلى إيران،إبرام مثل هذه الصفقة. وقال زيباري في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف أمس: «ليس هنالك اتفاق لشراء السلاح من إيران».
ومن جهتها، نفت السفارة الإيرانية لدى العراق إبرام صفقة سلاح مع العراق. إلا أن عضوا في لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي انتقد الطريقة التي جرى التعامل بها مع الأنباء الخاصة بصفحة الأسلحة مع إيران. وقال شوان طه عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الطريقة التي جرى التعامل بها مع صفقة الأسلحة كانت ربما أكثر سوءا من الصفقة ذاتها؛ لأن جماعة دولة القانون تولوا هم وحدهم التأكيد من جهة والنفي من جهة أخرى أو ترك الأمور على عواهنها، لا نفيا ولا تأكيدا، وهي أمور من شأنها أن تربك الأوضاع في البلاد».
وكشف طه عن أنه «بعد القصة التي أثيرت بشأن صفقة الأسلحة الروسية العام الماضي وما تبعها من ملابسات وخلافات وردود فعل، فإن بعض ملفات الأسلحة انتقلت من وزارة الدفاع إلى وزارة الأمن الوطني ومستشارية الأمن الوطني التي يشرف عليها فالح الفياض»، مشيرا إلى أن «هذه الصفقة لم تبرم من قبل وزارة الدفاع التي أصدرت بيانا خجولا بهذا الصدد بل أبرمت من قبل مستشارية الأمن الوطني بإشراف الفياض».
وأكد طه أن «لجنة الأمن والدفاع لم يعد لها وجود حيث لا يعرض عليها شيء ولا تعلم بشيء، وجرى اختزالها برئيسها حسن السنيد». وحول وجه الاعتراض على مثل هذه الصفقات في وقت يحتاج فيه الجيش العراقي إلى أسلحة لمجابهة الجماعات الإرهابية، قال طه إن «هناك فرقا بين التسليح والسياسة التسليحية، حيث إنه لا يمكن الاعتراض على مبدأ تسليح الجيش العراقي، ولكن لدينا تخبط في السياسة التسليحية وتعددية في عمليات التسلح والتجهيز، وهو ما يتناقض مع مبدأ العقيدة العسكرية التي تحدد طبيعة التسليح وأهدافه».
وأوضح طه أن «من الغريب واللافت أن هناك هرولة باتجاه التسليح وهناك عقود كثيرة مع إيران وباكستان والولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا دون أن يكون هناك وضوح في هذا المجال، بينما يفترض أن تكون هناك إعادة نظر في هيكلية المنظومة الأمنية». وكان نواب ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي قد قدموا روايات متناقضة بهذا الشأن؛ ففيما نفى عباس البياتي، وهو عضو في لجنة الأمن البرلمانية، قيام العراق بإبرامه أي صفقة مع الجانب الإيراني، فإن رئيس لجنة الأمن حسن السنيد أكد صحة الصفقة منتقدا رد الفعل الأميركي بشأنها.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».