توقيف عميل من حزب الله يعمل لصالح الـ«سي آي إيه» يعيد فتح حربه الاستخباراتية

انشغال الحزب بالجبهات الداخلية والإقليمية سهّل عميلة اختراقه أمنيًا

توقيف عميل من حزب الله يعمل لصالح الـ«سي آي إيه» يعيد فتح حربه الاستخباراتية
TT

توقيف عميل من حزب الله يعمل لصالح الـ«سي آي إيه» يعيد فتح حربه الاستخباراتية

توقيف عميل من حزب الله يعمل لصالح الـ«سي آي إيه» يعيد فتح حربه الاستخباراتية

أعادت المعلومات التي تحدثت عن توقيف حزب الله لعميل في صفوفه، جرى تجنيده لصالح الاستخبارات الأميركية، تسليط الضوء على الحرب الاستخباراتية المفتوحة بين الحزب من جهة، والموساد الإسرائيلي الذي استطاع تجنيد عدد من عناصر الحزب للتعامل معه وتزويده بمعلومات أمنية مهمة، أو مع استخبارات غربية أميركية وأوروبية، من جهة أخرى. كما طرحت أسئلة مهمّة عن تمكن هذه الأجهزة من اختراق أمن هذا الحزب الذي طالما كان يصف نفسه بـ«الصلب والمتماسك».
وكانت عدد من وسائل الإعلام نقلت معلومات عن مصادر قريبة من حزب الله تؤكد القبض علی عميل داخل الحزب جندته الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه»، واستحصل علی الملف الطبي للأمين العام للحزب حسن نصر الله. في حين أن مصادر أخرى أكدت توقيف هذا العميل، لكنها شكّكت في إمكانية الاستحصال علی ملف طبي يتعلق بنصر الله، لأن «حزب الله يعتمد نظام حماية دقيقا ومحترفا لملفات قياداته الطبية».
موقع «جنوبية» الإخباري المعارض لحزب الله، كشف أمس أن «مقربين من الحزب نشروا عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي تشكل مصدرا لنقل الأخبار لديهم، أن جهاز أمن الحزب ألقى القبض على أحد عناصره، وهو عميل للمخابرات الأميركية «سي آي إيه». وأعلن الموقع المذكور، بحسب المعلومات التي يتداولها مناصرون لحزب الله، أن «العميل الموقوف اسمه صادق حريري، ومعروف باسمه العسكري (السيد صادق)، وهو من الجنوب، ويعمل منذ ثلاث سنوات في جهاز أمن مستشفى (الرسول الأعظم) التابع للحزب والواقع على منطقة طريق المطار في بيروت، وكان موكلا إليه أمن المستشفى بكامله. وسبق له أن عمل أيضا في مجمع سيد الشهداء) في وحدة الحماية المركزية، وحدة الـ1000»، علما بأن المستشفى يعتمد كمركز طبي رئيسي لعلاج كوادر ومقاتلي الحزب.
الباحث السياسي المعارض لحزب الله علي الأمين، أوضح أن «المعلومات تشير إلى أن خبر توقيف هذا الشخص سرّب من أشخاص من القاعدة الشعبية عند حزب الله، وقد جرى توزيعه من قبل ناشطي الحزب عبر خدمة (الواتسآب)، وبالتالي هو صحيح ولا يعتريه الشك». ورأى الأمين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر المهم في هذه القضية أن جماعة الحزب وزعوا صور العميل المفترض، وهذه تعدّ سابقة، وربما الهدف الأساسي من نشر الخبر والصورة هو إصرار الحزب على تمرير الخبر من دون تبنيه ببيان رسمي». ويرى الأمين أن تضخيم هذه الظاهرة ولصقها بالأميركيين يهدف إلى «خلق انطباع في البيئة الآيديولوجية للحزب بأن معركته مع قوّة عظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية، وتوجيه رسالة لجمهوره بأنه مستهدف من هذه الدولة، بما يخفف من وطأة توتره مع الشارع السني، علما بأنه في مكان آخر ثمة تقدم في العلاقة بينه وبين الأميركيين».
ويعاني حزب الله في السنوات الأخيرة من مأزق اختراقه إما من قبل الموساد الإسرائيلي أو عبر استخبارات غربية، وهو ما أقرّ به الأمين العام للحزب حسن نصر الله في أحد خطاباته في عام 2013، عندما أعلن القبض على أربعة من كوادر الحزب يعملون لصالح جهاز استخبارات دولة عظمى في إشارة إلى الـ«سي آي إيه» الأميركي.
أما أسباب الاختراقات المتكررة في بنية حزب الله التي طالما وصفت بـ«الصلبة والمتماسكة»، فيعزوها الأمين إلى «المأزق الآيديولوجي الذي يعانيه الحزب اليوم». ويقول «لقد كبر حجم حزب الله بشكل كبير، فبعد المعايير التي كان يضعها لقبول أي منتسب إليه عبر دراسة لطبيعة حياته والتزام المنتسب بولاية الفقيه واشتراط أن تكون زوجته وأمه وأخته محجبات، بات اليوم يستقبل مئات الشباب من دون النظر إلى هذه المعايير من أجل زيادة عديده». ويضيف «بنى الحزب آيديولوجيته على قتال إسرائيل، لكنه اليوم يتنقل من جبهة إلى أخرى، فبعد حرب تموز (يوليو) 2006 مع إسرائيل، حوّل اهتمامه إلى الصراع في الداخل، ودخل في حروب إقليمية تحت شعار محاربة التكفيريين، عدا عن نظام المصالح الذي يديره في الوزارات والبلديات والصفقات.. كل هذه الأمور مجتمعة استدرجت أشخاصا ليكونوا عملاء، وأتاحت لهم إمكانية الخرق الأمني بشكل أكبر وأسهل».
وعن أسباب حصول هذا الاختراق على مستوى كوادر بارزين وقريبين من الحلقة الضيقة في الحزب، لا يرى الأمين غرابة في ذلك، ويشير إلى أن هذا الأمر «له علاقة بمدى معرفة هؤلاء بلعبة الأمن المفتوحة، وهذا ما يوقع أشخاصا بهذا المستوى في أفخاخ تورطهم، من خلال قراءتهم للأشياء بطريقة مختلفة أو توصلهم إلى علاقات يصعب التخلص منها بسهولة، هذا عدا عن أن العمالة ربما تكون عند البعض قناعة ويدافع عنها».
وكان حزب الله اعتقل خلال شهر يونيو (حزيران) 2011 مجموعة من عناصره يعملون لصالح الاستخبارات الإسرائيلية، وآثر عدم الكشف عن أسمائهم وإطارهم التنظيمي، لكن مصادر في الحزب سربت يومها معلومات تفيد بأن أحد هؤلاء العملاء قريب لمسؤول بارز في الحزب، كما يوجد بينهم رجل دين.



عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
TT

عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

استحوذت حرب غزة والقضية الفلسطينية والأزمات المختلفة في عدد من البلدان العربية على حيز واسع من مجريات اليوم الثالث من أعمال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ إذ صعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى منبرها للمطالبة بتجميد عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية، ووقف تزويدها بالأسلحة، وإرغامها على تنفيذ التزاماتها وقرارات مجلس الأمن.

ودعا الرئيس الفلسطيني، الخميس، المجتمع الدولي إلى وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة؛ لمنع إراقة الدماء في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقال عباس من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أوقفوا هذه الجريمة، أوقفوها الآن، أوقفوا قتل الأطفال والنساء، أوقفوا حرب الإبادة، أوقفوا إرسال السلاح لإسرائيل».

وأضاف: «إسرائيل دمرت القطاع بالكامل تقريباً، ولم يعد صالحاً للحياة». وأوضح أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً: «لا يُمكن لهذا الجنون أن يستمر. إن العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري لشعبنا».

وعرض عباس رؤية لإنهاء الحرب في غزة؛ تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية بما في ذلك غزة. وطالب الرئيس الفلسطيني بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك على معبر رفح، بوصفه جزءاً من خطة شاملة.

كما قال عباس إن إسرائيل «غير جديرة» بعضوية الأمم المتحدة، مشدداً على أن الدولة العبرية تحدت قرارات المنظمة الدولية ذات الصلة بالصراع.

وأضاف من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «إسرائيل التي ترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة غير جديرة بعضوية هذه المنظمة الدولية»، معرباً عن أسفه لأن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد إعطاء دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وتابع: «يؤسفنا أن الإدارة الأميركية عطّلت 3 مرات مشاريع قرارات لمجلس الأمن تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار باستخدامها الفيتو، وفوق ذلك زوّدتها بالأسلحة الفتّاكة التي قتلت آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما شجّع إسرائيل على مواصلة عدوانها». وخلص إلى القول «فلسطين سوف تتحرر».

وأعلنت إسرائيل، الخميس، الحصول على مساعدة عسكرية أميركية بقيمة 8.7 مليار دولار.

كذلك عرض الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رؤية لإنهاء الحرب في غزة، تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة.

وطالب عباس بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك معبر رفح، بصفته جزءاً من خطة شاملة، فالفلسطينيون يرفضون إقامة مناطق عازلة إسرائيلية، مشدداً: «لن نسمح لإسرائيل بأخذ سنتيمتر واحد من غزة».

اليمن ووكلاء إيران

من جهته، تحدّث رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، أولاً عن الوضع في بلاده، قائلاً: «إن تعافي اليمن ليس مجرد قضية وطنية، بل حاجة إقليمية وعالمية»، لأن «استقراره يعد أمراً حاسماً للحفاظ على السلام وأمن المنطقة، وطرق التجارة في البحرين الأحمر والعربي والممرات المائية المحيطة».

وأضاف: «أن الحكومة اليمنية تظل ملتزمة بنهج السلام الشامل والعادل، لكنه من الضروري في هذه الأثناء تعزيز موقفها لمواجهة أي خيارات أخرى، بالنظر إلى تصعيد الميليشيات الحوثية المتواصل على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتهديد الملاحة الدولية، ولمنع تواصل توسع واستدامة هذا التصعيد».

ولفت إلى أن «هجمات الحوثيين المستمرة على حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة تظهر أنها تُشكل تهديداً متزايداً ليس فقط للداخل اليمني، ولكن أيضاً لاستقرار المنطقة بأكملها».

وعن الوضع في بقية الشرق الأوسط، قال العليمي: «إن الحرب الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني يجب أن تتوقف على الفور، لأن ذلك هو مفتاح السلام المنشود، ومدخل لرفع الغطاء عن ذرائع إيران ووكلائها لتأزيم الأوضاع في المنطقة».

وتطرق إلى الوضع في لبنان، قائلاً: «إن السبيل الوحيدة لردع العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان ستكون بموقف حازم من المجتمع الدولي، ووحدة اللبنانيين أنفسهم واستقلال قرارهم وعدم التدخل في شؤون بلدهم الداخلية، واستعادة الدولة اللبنانية لقرار السلم والحرب».

ليبيا نحو الانتخابات

وسبقه إلى المنبر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الذي قال إن الليبيين هم الأقدر على تقرير مصيرهم من خلال «الاستفتاءات النزيهة وعقد انتخابات شاملة (...) لإنهاء أي انسداد سياسي»، مؤكداً أن «الحل السياسي الشامل في مساراته المالية والاقتصادية والأمنية، إضافة لمسار المصالحة الوطنية، هو السبيل الوحيدة لتوحيد المؤسسات وضمان الاستقرار وصولاً إلى الانتخابات، وتجديد الشرعية لجميع المؤسسات وتقرير الشعب الليبي لمصيره».

وشدد المنفي على أن ما يرتكبه «الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وشدد على أن إبعاد «شبح نشوب حرب إقليمية» في المنطقة يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف «الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة» في فلسطين.