الأقصى في عيد الأضحى: اغتصاب شرس ومحاولات متقدمة للتهويد

الفلسطينيون يجدون سبيلهم إلى الصلاة فيه بفرح يسرقه الاحتلال

شرطي إسرائيلي يقف قرب حواجز إسمنتية وضعتها قوات الأمن على الطريق المؤدي من العيسوية في القدس الشرقية إلى القدس الغربية (أ.ف.ب)
شرطي إسرائيلي يقف قرب حواجز إسمنتية وضعتها قوات الأمن على الطريق المؤدي من العيسوية في القدس الشرقية إلى القدس الغربية (أ.ف.ب)
TT

الأقصى في عيد الأضحى: اغتصاب شرس ومحاولات متقدمة للتهويد

شرطي إسرائيلي يقف قرب حواجز إسمنتية وضعتها قوات الأمن على الطريق المؤدي من العيسوية في القدس الشرقية إلى القدس الغربية (أ.ف.ب)
شرطي إسرائيلي يقف قرب حواجز إسمنتية وضعتها قوات الأمن على الطريق المؤدي من العيسوية في القدس الشرقية إلى القدس الغربية (أ.ف.ب)

على الرغم من إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن رفع القيود على سكان القدس الشرقية، و«السماح» لهم بدخول المسجد الأقصى طيلة الأيام الأربعة المقبلة، من دون تحديد أعمار المصلين، فإن عيد الأضحى المبارك يتشح بإجراءات ظلامية جديدة، تجري في الظاهر لحماية المصلين اليهود، وفرض النظام، لكنها في الواقع تخنق سكان القدس، وتفرض طوقا على الحرم المقدسي الشريف، وتسرق فرحة العيد وطقوسه الدينية والاجتماعية، إذ تواصل دخول اليهود باحات الأقصى، خلال يوم الغفران أمس، علما بأنهم يقيمون صلواتهم الدينية في باحة حائط المبكى (البراق)، من دون أي عائق. يدخلون باحة المبكى بعشرات الألوف، لكن المئات منهم يصرون على دخول باحات الأقصى، وتقوم شرطة الاحتلال بحمايتهم، وتبطش بالمصلين المسلمين الذين يواجهونهم بالتكبير والتهليل. وخلال وجودهم في المسجد ترافق المصلين باستمرار قوات كبيرة من الشرطة مدججة بالأسلحة وغيرها من أدوات القمع، وتتصرف معهم بخشونة، ولا تتورع عن ترويعهم وتخويفهم، خصوصا الصغار منهم والنساء.
وأغلقت سلطات الاحتلال المداخل الرئيسية الثلاثة لقرية صور باهر، والمداخل الرئيسية الثلاثة لقرية جبل المكبر (جنوب القدس)، وكذلك مدخل قرية العيسوية الرئيسي، ومدخلان لقرية سلوان، بالسواتر الحديدية، ووضعت مكعبات إسمنتية ضخمة عليها، ونشرت أفراد ودوريات فيها. كما أغلقت بعض الطرقات والشوارع في مدينة القدس بالسواتر الحديدية والأشرطة الحمراء، وعزلت بعض الأحياء عن امتدادها.
وقد اشتكى المقدسيون من إغلاق القرى والشوارع بالمكعبات الإسمنتية والحواجز عشية عيد الأضحى، معتبرين إياها إجراءات انتقامية جماعية من أهل القدس، بسبب وقفتهم مع الأقصى. وأكدوا أنها خطوات تؤدي إلى حرمانهم من حرية التنقل وشراء احتياجات العيد. وأوضح المواطنون أن إغلاق الطرق أدى إلى حالة من الارتباك، إذ غادر كثير منهم مدينة القدس إلى منازلهم في شمال وجنوب المدينة، في ساعات مبكرة، خشية أن تغلق طرق عودتهم إلى منازلهم.
وفرضت قوات الاحتلال حصارًا عسكريًا محكمًا على مدينة القدس عموما، وخصوصا بلدتها القديمة، عشية عيد الغفران، الذي بدأ مساء الثلاثاء واستمر حتى مساء أمس. وشددت إجراءاتها على الحواجز والمعابر العسكرية الثابتة على المداخل الرئيسة لمدينة القدس، ووضعت متاريس حديدية على بوابات القدس القديمة والأقصى المبارك. ونشرت أعدادا كبيرة من عناصر وحداتها الخاصة و«حرس الحدود» في الشوارع والطرقات المتاخمة لأسوار القدس وداخل البلدة القديمة، على طول الطرقات المؤدية إلى المسجد الأقصى وباحة حائط البراق، التي شهدت حشدًا من المستوطنين اليهود الذين تجمعوا لإقامة طقوسٍ خاصة بالعيد العبري. وألقت إجراءات الاحتلال المشددة بظلالها القاتمة على الوضع العام في المدينة المقدسة التي بات يغلب عليها الطابع العسكري على حساب الحياة الطبيعية الاعتيادية. وشكا التجار في أسواقها من حالة من الركود التجاري وضعف شديد في التسوق من متاجرها. وقالوا إنهم يعانون من تدهور اقتصادي شديد من جراء إجراءات الاحتلال عموما، ومن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وانتظروا عيد الأضحى لتعويضهم الخسائر، ولكن عمليات الإغلاق هذه حطمت آمالهم تماما، وأعادتهم إلى أيام الانتفاضة، حيث ساد الشلل الاقتصادي الأسواق.
بيد أن كل هذه الإجراءات لم تنجح في منع المصلين المسلمين من الوصول إلى الأقصى، بل إنهم يصرّون على تجاوز كل العقبات الاحتلالية، حتى لو أدى ذلك إلى الاعتداء عليهم أو اعتقالهم. ويواصل المرابطون والمرابطات من المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، التدفق بعشرات الحافلات إلى الأقصى لتمضية أحد، أو كل، أيام عيد الأضحى بين جنباته المقدسة. وحتى سكان الضفة الغربية، الذي يمنعون بغالبيتهم من الوصول إلى الأقصى، يصرون على الالتفاف على حواجز الاحتلال والوصول إلى الحرم القدسي. ويتوقع أن يشارك عشرات الألوف في صلاة العيد، صباح اليوم في الأقصى.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.