البلاتين عند أدنى مستوياته في 6 سنوات

أسعار النحاس تنتعش في 4 أسابيع

البلاتين عند أدنى مستوياته في 6 سنوات
TT

البلاتين عند أدنى مستوياته في 6 سنوات

البلاتين عند أدنى مستوياته في 6 سنوات

تراجع البلاتين لأدنى مستوياته في ست سنوات ونصف السنة أمس، مع مخاوف من انخفاض الطلب في قطاع صناعة السيارات، حيث يستخدم في صناعة أجهزة تنقية العادم.
وتضرر البلاتين جراء أنباء عن تورط «فولكسفاغن» في استخدام برمجيات خدعت المنظمين الأميركيين الذين يقيسون الانبعاثات السامة من بعض سياراتها التي تعمل بوقود الديزل، بحسب «رويترز». ويعتقد المستثمرون أن ذلك ربما يؤثر على الطلب على السيارات التي تعمل بالديزل. وهبط البلاتين إلى 925.30 دولار للأوقية (الأونصة)، مسجلا أدنى مستوياته منذ يناير (كانون الثاني) 2009، قبل أن يتعافى معوضا بعض الخسائر ليرتفع 0.3 في المائة إلى 937.20 دولار، بحلول الساعة 09.18 بتوقيت غرينتش. واستقر الذهب بعد يومين من الخسائر، حيث دفعت بيانات ضعيفة عن نشاط المصانع في الصين المستثمرين للإحجام عن المخاطرة.
وزاد الذهب 0.2 في المائة في السوق الفورية إلى 1126.70 دولار للأوقية، بعدما تراجع 1.3 في المائة على مدى الجلستين السابقتين، مع تجدد التوقعات بقيام الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) برفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة للمرة الأولى في نحو عشر سنوات بنهاية العام.
وفي وقت سابق أمس، كافح الذهب للتعافي من الخسائر التي تكبدها في آخر جلستين، وذلك مع ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوياته في نحو ثلاثة أسابيع، وسط توقعات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) سيرفع أسعار الفائدة الأميركية في وقت لاحق من هذا العام. وجاء تأثر المعدن الأصفر بعد موجة صعود الأسبوع الماضي اقترب فيها من أعلى مستوياته في نحو ثلاثة أسابيع، عقب قرار المركزي الأميركي بترك أسعار الفائدة دون تغيير. إلا أن المركزي قال أيضا إنه سيتحرك لزيادة الفائدة في وقت لاحق من هذا العام للمرة الأولى في عقد تقريبا.
ومن شأن ارتفاع أسعار الفائدة أن يحد من الطلب على الذهب الذي لا يدر فائدة ويعزز الدولار، مما يجعل المعدن النفيس المقوم بالعملة الأميركية أعلى تكلفة لحائزي العملات الأخرى.
ولم يجد الذهب دعما كملاذ آمن للمستثمرين من انخفاض الأسهم. وهبطت الأسهم الآسيوية أمس الأربعاء وسط قلق المستثمرين من تفاقم حدة تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهو ما أبرزته بيانات ضعيفة لمسح لقطاع المصانع الصيني.
وارتفعت الفضة 0.4 في المائة إلى 14.78 دولار للأوقية، وصعد البلاديوم 2.3 في المائة إلى 619.25 دولار للأوقية.
من جهة أخرى، انتعش النحاس من أدنى مستوياته في نحو أربعة أسابيع أمس، مع اتجاه المستثمرين ممن باعوا على المكشوف لمعاودة الشراء بهدف جني أرباح وتعافي النفط.
لكن معنويات السوق لا تزال تميل للهبوط، بعد أن أظهرت بيانات أكبر انخفاض في نشاط المصانع في الصين منذ بدء الأزمة المالية العالمية. وتقلص نشاط المصانع في الصين بشكل مفاجئ إلى أدنى مستوياته في ست سنوات ونصف السنة في سبتمبر (أيلول) الحالي، مما أجج المخاوف من اتساع نطاق التباطؤ الذي بدأ ينشب مخالبه في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وتستهلك الصين نحو نصف الإنتاج العالمي من النحاس. إلا أن أسعار النفط ارتفعت مما جعل صناديق السلع الأولية التي تتضمن محافظها النحاس أكثر جاذبية للمستثمرين، وأدى إلى انتعاش أسهم شركات الطاقة المنهكة وباقي الأسهم الأوروبية.
وارتفع النحاس في عقود بورصة لندن للمعادن للتسليم بعد ثلاثة أشهر 0.43 في المائة إلى 5100 دولار للطن، بعد أن هبط 3.6 في المائة إلى 5036 دولارا أول من أمس الثلاثاء مسجلا أدنى مستوى منذ 27 أغسطس (آب) الماضي وأكبر هبوط في يوم واحد منذ أكثر من شهرين. وهوى النحاس الشهر الماضي إلى أدنى مستوى في ست سنوات عند 4855 دولارا للطن.



هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.