مقتل فلسطينيين في الخليل والبلدة القديمة في القدس تتحول إلى ثكنة عسكرية

200 مستوطن يقتحمون الأقصى أمس قبل أن يسمح للمسلمين بالصلاة

مقتل فلسطينيين في الخليل والبلدة القديمة في القدس  تتحول إلى ثكنة عسكرية
TT

مقتل فلسطينيين في الخليل والبلدة القديمة في القدس تتحول إلى ثكنة عسكرية

مقتل فلسطينيين في الخليل والبلدة القديمة في القدس  تتحول إلى ثكنة عسكرية

حولت إسرائيل محيط المسجد الأقصى المبارك وسائر أحياء البلدة القديمة من القدس الشرقية المحتلة، إلى ثكنة عسكرية، ينتشر الجنود في جميع أزقتها، وعلى أسطح مئات المباني فيها. وفي الوقت نفسه، أغلقت الضفة الغربية ومعابر قطاع غزة لمدة 28 ساعة. وهددت بقمع كل مظاهر الاحتجاج الفلسطينية. وكل ذلك في سبيل ما أسمته «حماية المصلين اليهود في يوم الغفران»، الذي يصادف اليوم الأربعاء.
وبدا واضحًا أن الهدف الأساس للحكومة الإسرائيلية من هذه الإجراءات، هو تثبيت النظام الجديد الذي تفرضه على باحات المسجد الأقصى المبارك، بحيث تفتح أمام المصلين اليهود قبل الظهر ولعدد محدود من المصلين المسلمين (ما فوق سن الأربعين). ويخشى المصلون المسلمون أن يمتد هذا الترتيب إلى ما بعد حقبة الأعياد اليهودية، فيتحول إلى تقسيم باحات الحرم المقدسي بشكل رسمي ما بين اليهود والمسلمين، على نسق ما يجري في الحرم الإبراهيمي في الخليل.
وجرى أمس إدخال نحو 200 مستوطن يهودي إلى باحة الأقصى، من ساعات الصباح وحتى الظهر، تحت حماية مشددة من قوات الشرطة. وخلال زيارتهم وصلواتهم تم حبس المصلين المسلمين، الذين تمكنوا من دخول المسجد ليلا، ولم يسمح لهم بالخروج إلا بعد مغادرة آخر المستوطنين. وتم اعتقال عدد من هؤلاء المصلين الذي راحوا يكبرون، بتهمة «عرقلة نشاط قوات الأمن والإخلال بالنظام العام».
وقد عززت قوات الجيش والشرطة والمخابرات الإسرائيلية وجودها، أمس، في جميع أنحاء إسرائيل بسبب يوم الغفران. ولكن قواتها وجدت بشكل مضاعف في مدينة القدس وضواحيها. ونصبت الحواجز على محاور الطرق بين شطري القدس، الغربي والشرقي، ومنعت السيارات الفلسطينية من دخول غربي المدينة حتى مساء الأربعاء. وتم فرض طوق أمني شامل على المناطق الفلسطينية، سيستمر حتى منتصف ليلة الأربعاء - الخميس المقبل. ورفعت مؤسسة الإسعاف (نجمة داود الحمراء) درجة التأهب في صفوف طواقمها في أنحاء البلاد إلى أعلى درجة. وتوقفت حركة القطارات والحافلات العامة وتوقف إقلاع وهبوط الطائرات في مطار بن غوريون وبث برامج الإذاعات والقنوات التلفزيونية.
وتوقعت الشرطة الإسرائيلية أن يتدفق عشرات ألوف اليهود المتدينين إلى باحة حائط المبكى (البراق) لإقامة الصلوات، وهي تخشى أن يقابلهم الفلسطينيون بقذف الحجارة، مما سيؤدي إلى تدهور آخر في الأوضاع الأمنية.
وكان التوتر قد امتد إلى منطقة الخليل، بعد قتل الجنود الإسرائيليين الشاب ضياء التلاحمة، بذريعة محاولته إلقاء قنبلة تجاههم، كما أصابوا الفتاة هديل الهشلمون، بجراح خطيرة عند مدخل حي تل رميدة في الخليل بعد أن توفيت على أثرها لاحقا، قالوا إنها حاولت طعن جندي في المكان. والتلاحمة عضو في حركة الجهاد الإسلامي، التي قالت إن الجنود الإسرائيليين قتلوه بالرصاص، ونعته في بيان جاء فيه إن التلاحمة «(استشهد) بعد أن أطلقت قوات الاحتلال الصهيوني الرصاص عليه بالقرب من مفرق خرسا». لكن متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي قالت إن الشاب قتل حين انفجرت فيه قنبلة بدائية الصنع، كان يحاول إلقاءها على دورية للجيش قرب قرية خرسا جنوب غربي الخليل. ونشرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجنود عثروا على جثة التلاحمة أثناء تمشيطهم للمنطقة بعد سماع صوت انفجار.
وشيع الفلسطينيون جثمان التلاحمة فورا إلى مقبرة البلدة في قرية خرسا القريبة من دورا، وهتفوا ضد إسرائيل مطالبين بالانتقام.
ونعت الحكومة الفلسطينية بدورها التلاحمة، وقالت في بيان أصدرته: «إن عملية الاغتيال هي نتيجة لقرارات الحكومة الإسرائيلية العنصرية ضد المواطنين الفلسطينيين، ولقرار رئيس الحكومة الإسرائيلية التشريع لقوات الاحتلال بقتل المواطنين العزل». وأبدت الحكومة استهجانها «لصمت المجتمع الدولي تجاه عمليات الاغتيال وتشريع جرائم قتل الفلسطينيين بدم بارد». وطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي وهيئاته الأممية المختصة بالتحرك العاجل وقبل فوات الأوان للجم الانفلات الإسرائيلي من جميع القوانين الدولية والأخلاقيات الإنسانية.
وفي خطوة غير متوقعة، هاجمت إسرائيل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وعدته شريكا في «المسؤولية» عن استمرار المواجهات في الحرم القدسي، بعد يوم واحد من تصريحه الذي قال فيه إن الموقع (الأقصى) للمسلمين فقط. وجاء في رسالة إسرائيلية حادة على نحو غير عادي للعاهل الأردني: «لا تتهرب من مسؤوليتك». وقالت إسرائيل إن الأوقاف «أخلت بالوضع الراهن»، من السماح لمن وصفتهم بـ«مثيري الشغب المسلحين بالحجارة بالنوم في المسجد الأقصى»، كونها، أي الأوقاف، تعمل تحت الوصاية الملكية الأردنية.
وقصدت إسرائيل بذلك ما صرح به الملك عبد الله يوم الأحد الماضي، لوفد من أعضاء الكنيست العرب الذين كانوا في زيارة لعمان، من أن المسجد الأقصى لـ«صلاة المسلمين فقط». ونقلت الإذاعة الإسرائيلية على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قوله، إن «دائرة الأوقاف الإسلامية التي تدير المسجد الأقصى، هي تحت وصاية أردنية، وهم من سمحوا لمثيري الشغب مما يسمى بالمرابطين والمرابطات بالنوم في المسجد الأقصى».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.