مجلس أوروبا يدعو تونس إلى التوقيع على بروتوكول لتجريم المقاتلين الأجانب

وزارة العدل تقتني أسلحة متطورة لتأمين سجن المرناقية الذي يضم ألف إرهابي

مجلس أوروبا يدعو تونس إلى التوقيع على بروتوكول لتجريم المقاتلين الأجانب
TT

مجلس أوروبا يدعو تونس إلى التوقيع على بروتوكول لتجريم المقاتلين الأجانب

مجلس أوروبا يدعو تونس إلى التوقيع على بروتوكول لتجريم المقاتلين الأجانب

دعا إيغور كرنداك، رئيس لجنة مجلس أوروبا، السلطات التونسية إلى التوقيع على بروتوكول تجريم المقاتلين الأجانب، وقال في ختام زيارة قام بها بداية هذا الأسبوع إلى تونس إن التوقيع على هذا البروتوكول «سيفتح أبواب التعاون أكثر في مجالات مقاومة الإرهاب» بين تونس وبلدان الاتحاد الأوروبي.
وحسب متابعين للتطورات الأمنية والسياسية في تونس، فإن السلطات ستجد نفسها في حرج كبير في حال مصادقتها على هذا البروتوكول واستجابتها للطلب الأوروبي، على اعتبار أنها تعد من أهم المصدرين للمقاتلين الأجانب الملتحقين بالتنظيمات المتشددة في معظم بؤر التوتر، خاصة سوريا والعراق وليبيا، ومصادقتها على هذا البروتوكول معناها أنها ستجرم الآلاف من أبنائها.
وأطلع كرنداك محمد الناصر، رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان)، على نص البروتوكول المعروض للتصديق عليه، وقال إنه يندرج في نطاق الاتفاقية الدولية لمكافحة الإرهاب، الذي عانت منه تونس وبقية الدول. فيما قدم الجانب التونسي معطيات إضافية حول استراتيجيته المحلية لمقاومة التنظيمات الإرهابية، حيث اعتبر محمد الناصر في تصريح إثر الزيارة أن «أمن تونس واستقرارها يؤثر مباشرة على أمن واستقرار أصدقائها في أوروبا».
وقدرت منظمة الأمم المتحدة في أحدث تقاريرها عدد التونسيين المنضمين إلى التنظيمات المتشددة بنحو 5800 مقاتل، فيما ذكرت مصادر سورية أن عدد المقاتلين التونسيين في سوريا يتراوح بين 7 و8 آلاف مقاتل. ولهذا السبب تخشى السلطات التونسية عودتهم من بؤر التوتر في حال حصول حل سياسي للحرب في سوريا، خاصة أن السجون التونسية تعد غير مهيأة لاستقبالهم، وإعادة إدماجهم في المجتمع. وكانت تونس قد صادقت على قانون جديد لمكافحة الإرهاب يوم 25 يوليو (تموز) الماضين وذلك بعد جدل طويل بين الفرقاء السياسيين حول عدة نقاط تضمنها هذا القانون، ومن بينها إقرار حكم الإعدام ضد مرتكبي الأعمال الإرهابية التي تخلف ضحايا، وكذلك تجريم التكفير.
على صعيد متصل، كشفت وزارة العدل بعد زيارة قام بها أول من أمس محمد صالح بن عيسى وزير العدل لسجن المرناقية (غربي العاصمة) عن اقتنائها لأسلحة دفاعية وأخرى هجومية لفائدة هذا السجن، الذي يعد من بين أهم السجون التي تؤوي مئات العناصر المتشددة. وذكرت الوزارة أنها اقتنت أيضا ولأول مرة عشرات الدراجات النارية، وأسلحة متطورة. كما زرعت عشرات الكاميرات، وأقامت جدارا من الأسلاك الشائكة لمنع أي عمليات تسلل من داخل السجن أو خارجه.
وواجهت بعض السجون التونسية، وعلى رأسها سجن المرناقية، مخططات لمهاجمتها من قبل بعض التنظيمات المتطرفة التي يقبع أتباعها بداخله، حيث كشفت اعترافات بعض المتشددين عن وجود هذا المخطط في أكثر من مناسبة، إلا أنه لم يجد طريقه للتنفيذ.
وبخصوص مسألة تعذيب بعض العناصر التي حوكمت في قضايا إرهابية للحصول على اعترافات، نفى رضا زغدود، المتحدث باسم إدارة السجون والإصلاح التونسية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» وجود حالات تعذيب داخل السجون، خاصة في صفوف العناصر المتهمة بالإرهاب، وقال إنهم يحظون بنفس حقوق السجناء، داعيا كل من يملك معطيات تثبت وجود تعذيب داخل السجون إلى التوجه الفوري إلى القضاء، وأكد في نفس الوقت وجود متابعات قضائية ضد عدد من السجناء من أجل الاتهام بالباطل، على حد قوله.
وبخصوص حالة السجين التونسي سفيان الدريدي، الذي توفي داخل أحد السجون، قال زغدود إن وفاته كانت نتيجة إصابته بمرض مزمن، نافيا بذلك اتهامات عائلته لسجن المرناقية بالمسؤولية عن وفاته.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.