بدء ظهور أثر السلاح الروسي على الأراضي السورية.. ودمشق تتسلم طائرات وأسلحة جديدة

بترايوس: الحرب في سوريا «تشرنوبيل جيوسياسي».. ويجب إبلاغ الأسد بوقف استخدام البراميل المتفجرة

بدء ظهور أثر السلاح الروسي على الأراضي السورية.. ودمشق تتسلم طائرات وأسلحة جديدة
TT

بدء ظهور أثر السلاح الروسي على الأراضي السورية.. ودمشق تتسلم طائرات وأسلحة جديدة

بدء ظهور أثر السلاح الروسي على الأراضي السورية.. ودمشق تتسلم طائرات وأسلحة جديدة

دعا رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) السابق ديفيد بترايوس، أمس، الولايات المتحدة إلى أداء دور أكبر في الأزمة السورية بما في ذلك فرض مناطق حظر جوي لمنع طائرات النظام من إلقاء البراميل المتفجرة. هذا في الوقت الذي تسلمت فيه سوريا من حليفتها موسكو مقاتلات وطائرات استطلاع، فضلا عن معدات عسكرية لمساعدتها في محاربة الإرهاب في مؤشر على دور روسي أكثر تأثيرا في النزاع السوري.
وأفادت مصادر عسكرية سورية، أمس، أن الجيش السوري «بدأ باستخدام» أسلحة روسية ضد تنظيم داعش، في وقت تتهم فيه واشنطن موسكو بتعزيز وجودها العسكري في سوريا التي تعصف بها حرب دموية منذ أكثر من أربع سنوات.
وقال مصدر عسكري سوري رفيع المستوى، لوكالة الصحافة الفرنسية، دون كشف اسمه: «نستطيع تأكيد وصول خمس طائرات روسية على الأقل وعدد غير محدد من طائرات الاستطلاع، يوم الجمعة الماضي» إلى قاعدة عسكرية في مدينة اللاذقية. وأضاف المصدر: «بدأ يظهر أثر السلاح الروسي على الأراضي السورية، وافتتح الجيش السوري استخدامه لهذه الأسلحة في مدينتي دير الزور (شرق) والرقة (شمال)، تحديدا في استهدافات لأرتال لتنظيم داعش».
وأشار المصدر العسكري الرفيع المستوى إلى «أسلحة نوعية لديها إصابة دقيقة للهدف، ولدى بعضها صواريخ موجهة عن بعد»، لافتا إلى أنها «أسلحة دفاعية وهجومية ولا تقتصر على الطائرات».
وبحسب المصدر، يرافق المقاتلات الروسية «طائرة شحن كبيرة وطيارون روس مهمتهم تدريب الطيارين السوريين». وأكد أن الجانبين الروسي والسوري «لا يخفيان وجود عدد من الضباط أو الجنود الروس» مهمتهم تدريب نظرائهم على الأسلحة الجديدة.
وأكد مصدر عسكري آخر في مدينة اللاذقية لوكالة الصحافة الفرنسية أنه بالإضافة إلى الطائرات المقاتلة «وصلتنا أيضا أسلحة استطلاع جديدة تساعد في تحديد مكان الهدف بدقة متناهية (...) بالإضافة إلى رادارات مرافقة لها ومناظير ليلية».
ووفق المصدر ذاته، فإنه «منذ نحو عشرين يوما بدأت القوات البرية في المنطقة الشرقية تلاحظ فرقا كبيرا في العمليات العسكرية، وأصبحت القوات البرية مرتاحة أكثر بسبب التغطية الجوية التي تصيب أهدافها بدقة».
ومنذ أسابيع، تبدي واشنطن قلقها حيال تعزيز الوجود العسكري الروسي في سوريا. وأكد مسؤولون أميركيون الاثنين الماضي لوكالة الصحافة الفرنسية، نشر روسيا طائرات مقاتلة في أراضي حليفتها من طراز «إس يو24» و«إس يو25».
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال»، أمس، إن صورا جديدة التقطتها الأقمار الصناعية تظهر فيما يبدو قوات روسية تطور قاعدتين عسكريتين أخريين في سوريا. وتابعت الصحيفة أنها شاهدت الصور لدى نشرة «اي إتش إس جينز» للمعلومات الدفاعية. وأضافت أن عمليات التطوير التي لم يكشف عنها من قبل تجري قرب ساحل سوريا على البحر المتوسط.
ويثير ذلك أيضا استنكار المعارضة السورية؛ إذ عد العضو في الائتلاف الوطني المعارض سمير نشار، أن للتدخل الروسي «بُعدا ميدانيا مباشرا لدعم (الرئيس السوري بشار) الأسد». وقال: «أثبت التحالف الدولي (بقيادة واشنطن) خلال سنة أنه لم يستطع التأثير سوى بشكل بسيط على تنظيم داعش (...) وبالتالي، فإن الوجود الروسي يشكل دعما للنظام وليس تهديدا لـ(داعش)».
ووجه مناصرون للمتطرفين على مواقع التواصل الاجتماعي تحذيرا إلى روسيا من أنها ستلاقي مصير الاتحاد السوفياتي نفسه خلال الحرب الأفغانية في الثمانينات.
وفي كلمة أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي، أمس، قال رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، السابق ديفيد بترايوس، إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لقتال تنظيم داعش لم يحقق تقدما «كافيا» في العراق وسوريا، مؤكدا أن الحرب في سوريا هي «تشرنوبيل جيوسياسي».
وأضاف أن «تداعيات انهيار سوريا قد تبقى ماثلة لفترة طويلة (...) وكلما سمحنا (لتلك الحرب) بأن تستمر لفترة أطول، كان الضرر أكثر فداحة». وركزت شهادة بترايوس على المعضلة التي تواجه المسؤولين الغربيين بشأن الرئيس السوري بشار الأسد، فالولايات المتحدة ترغب في خروجه من السلطة على المدى الطويل، ولكنها لا ترغب كذلك في تنحيه دون أن تعرف من الذي سيخلفه.
وتابع بترايوس: «المشكلات في سوريا لا يمكن حلها بسرعة. ولكن هناك خطوات يمكن للولايات المتحدة وحدها أن تتخذها لتحدث فرقا.. فيمكننا على سبيل المثال أن نبلغ الأسد أن استخدام البراميل المتفجرة يجب أن يتوقف، وأنه إذا استمر في استخدامها، فإننا سنمنع المقاتلات السورية من التحليق.. لدينا القدرة على ذلك». وأوضح أن «ذلك لن ينهي الأزمة الإنسانية في سوريا (...) ولكنه سيزيل سلاحا شرسا من ترسانة الأسد».
كما أعرب عن تأييده إقامة جيوب آمنة في سوريا لحماية السكان المدنيين.
دبلوماسيا، اجتمع موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ليومين مع رؤساء أربع مجموعات عمل محددة المهام شكلتها الأمم المتحدة، تمهيدا لاستئناف المفاوضات المتعلقة بالأزمة السورية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.