نيجيرفان بارزاني يعلن عن حزمة إصلاحات جذرية بعد العيد

لتقليل مصروفات حكومة إقليم كردستان بمقدار مائتي مليون دولار شهريًا

نيجيرفان بارزاني يعلن عن حزمة  إصلاحات جذرية بعد العيد
TT

نيجيرفان بارزاني يعلن عن حزمة إصلاحات جذرية بعد العيد

نيجيرفان بارزاني يعلن عن حزمة  إصلاحات جذرية بعد العيد

كشفت لجنة الطاقة والثروات الطبيعية في برلمان إقليم كردستان أمس، أن رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني سيعلن بعد عيد الأضحى عن حزمة من الإصلاحات الجذرية في كل المجالات في إقليم كردستان، مبينة أن تطبيق هذه الإصلاحات سيساهم في تقليل نسبة مصاريف حكومة الإقليم بواقع مائتي مليون دولار شهريا، وفي الوقت ذاته أكدت هيئة النزاهة في الإقليم على ضرورة أن تكون عملية الإصلاحات عملية عامة تشارك فيها كل الأطراف السياسية في الإقليم، معربة عن استعداداها لإعداد المشاريع الخاصة بالإصلاحات لكل قسم من أقسام القطاع العام.
وقال نائب رئيس لجنة الطاقة والثروات الطبيعية في برلمان الإقليم، دلشاد شعبان، لـ«الشرق الأوسط»: «سيعلن رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني بعد عيد الأضحى مباشرة عن مشروع إصلاحات جذرية يشمل كل قطاعات حكومة الإقليم، ومع دخول هذا المشروع من الإصلاحات نطاق التطبيق، سيقلص تلقائيا من مصاريف حكومة الإقليم نحو مائتي مليون دولار شهريا، وفي الوقت ذاته أعد وزير الثروات الطبيعية في الإقليم مشروعا للإصلاحات في مجال الكهرباء، يؤدي مع تطبيقه إلى انخفاض نسبة مصاريف حكومة الإقليم ووزارة الكهرباء بنحو مليار وخمسمائة مليون دولار سنويا»، مؤكدا: «إجراء هذه الإصلاحات إلى جانب ما نحصل عليه من وارداتنا النفطية وبالإضافة إلى تنمية القطاعات الأخرى في الإقليم، سيجعلنا لا نحتاج إلى بغداد».
وأضاف شعبان: «مشروع إصلاحات رئيس حكومة الإقليم يشمل تقليل رواتب ومخصصات الدرجات العليا في الإقليم، ورواتبهم التقاعدية، والقضاء على ظاهرة الفضائيين في الدوائر والمؤسسات، وكذلك ظاهرة تسلم راتبين من الحكومة، وتقليص نفقات الحكومة، وتقليص عدد الوزارات في الحكومة وبعض المؤسسات أيضا من خلال دمجها معا، وهذه الإصلاحات تعد إصلاحات جذرية في كل مجالات الإقليم»، مشددا: «إذا لم نجر هذه الإصلاحات، فإننا سنواجه أزمة كبيرة، وإصلاحاتنا هذه تختلف تماما عن إصلاحات الحكومة العراقية».
وتابع شعبان: «الإقليم يصدر حاليا 700 ألف برميل من النفط يوميا، حيث يصدر الإقليم 550 ألف برميل من نفطه، و150 ألف برميل من نفط كركوك»، مبينا أن الإقليم يسلم واردات نفط كركوك البالغة 150 ألف برميل يوميا إلى شركة النفط العراقية «سومو»، مؤكدا أن الإقليم كلما دفع مستحقات الشركات النفطية زادت كمية إنتاجه من النفط، التي من المتوقع أن تصل إلى 900 ألف برميل يوميا حتى نهاية العام الحالي.
من جهته، بين رئيس هيئة النزاهة في إقليم كردستان أحمد أنور: «نحن في هيئة النزاهة مستعدون لتقديم مشروع حول كل القطاعات العامة في الإقليم وكيفية إجراء إصلاحات فيها، وقسم من إجراءاتنا هذه اكتمل الآن، ونستطيع إعداد مشروعنا في هذا الشأن ووضعه بين يدي رئيس الحكومة والبرلمان والأطراف السياسية قبل بدء عملية الإصلاح في الإقليم، ولا يمكن أن يكون مشروع الإصلاح هذا فرديا كما حدث في بغداد، بل يجب أن يكون هناك إجماع من قبل كل الأطراف عليه ليكون عاما»، وعن أهمية هذه الإصلاحات في حماية الإقليم من الأزمات الاقتصادية مستقبلا، قال أنور: «عملية الإصلاح عملية طويلة الأمد، قد تكون هناك نتائج سريعة لبعض من إجراءات التقشف، لكن تأسيس مالية معاصرة يحتاج إلى مجموعة من المبادئ والمفاهيم والأسس التي قد تتأخر قليلا، فوضع خطة لتنمية القطاعات الاقتصادية يحتاج إلى وقت، لكن المهم أن يكون هناك تصميم وإرادة بحيث حتى إذا كانت الخطوات صغيرة يجب أن تكون ثابتة، وألا يتم التراجع عنها.. الأهم من ذلك يجب أن تكون الأطراف المشاركة في الحكومة مستعدة لدفع ضريبة الإصلاح».
بدوره، أكد الخبير الاقتصادي عبد الواحد طه: «إذا كان هناك برنامج وخطة لهذا المشروع، فبالتأكيد ستكون هناك نتائج، لكن شرط تطبيق القرارات، لذا وجود خطة للإصلاحات وتطبيق هذه الخطة سيؤديان إلى نتائج جيدة في هذا الإطار، لكن إذا لم تطبق الإصلاحات، فسيبقى الوضع على ما هو عليه. أما الخطوة الأهم التي يجب اتخاذها لإخراج الإقليم من أزمته الاقتصادية، فتتمثل في زيادة فرص العمل، وتقليص نفقات الحكومة، مع محاولة تدوير المال وإعادته إلى خزينة الحكومة عن طريق فرض الرسوم والضرائب».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.