المهرجان القومي للمسرح يختتم دورته الثامنة.. وعرض «روح» يحصد أبرز جوائزه

استمرت فعالياته 18 يومًا بمشاركة 37 عرضًا مسرحيًا

مشهد من مسرحية «روح»
مشهد من مسرحية «روح»
TT

المهرجان القومي للمسرح يختتم دورته الثامنة.. وعرض «روح» يحصد أبرز جوائزه

مشهد من مسرحية «روح»
مشهد من مسرحية «روح»

أسدل الستار أول من أمس الاثنين على فعاليات الدورة الثامنة للمهرجان القومي للمسرح المصري بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، وأعلنت جوائز المهرجان بحضور حلمي النمنم وزير الثقافة المصري الجديد، والمخرج ناصر عبد المنعم رئيس المهرجان القومي للمسرح، والفنان فتوح أحمد رئيس البيت الفني للمسرح، حيث تنافس 37 عرضا مسرحيا على مدار 18 يوما على جوائز المهرجان التي حملت أسماء رموز عملاقة من المسرح المصري.
وقال المخرج ناصر عبد المنعم رئيس المهرجان القومي للمسرح «شهد المهرجان هذا العام مشاركة فعالة من الشباب مما أعطى العروض حيوية كبيرة، وكان الإقبال الجماهيري دليلا على تعطش الجمهور للمسرح الجاد».
من جهة أخرى، أعلن الفنان محمود الحديني، رئيس لجنة تحكيم المهرجان، عن توصيات اللجنة التي تضمنت ضرورة الاهتمام باللغة العربية حيث لوحظ ترد في العروض المقدمة بالفصحى، كما شددت اللجنة على الاهتمام بالنطق والإعراب في أداء الممثلين لأدوارهم في النصوص المقدمة بالفصحى، وطالب المراجعين اللغويين بعدم الاكتفاء بتشكيل النص على الورق، وضرورة حضور البروفات. وانتقدت اللجنة مشاركة بعض العروض التي لم يكن مستواها يرقى للمشاركة بالمهرجان، واختتمت التوصيات بأهمية تخصيص جائزة للتعبير الحركي في الدورة المقبلة التي سوف تحمل اسم الفنان الراحل نور الشريف الذي رحل يوم 11 أغسطس (آب) الماضي عن 69 عاما.
واستحوذ عرض «روح» على أبرز جوائز المهرجان وهي: «جائزة عبد الغفار عودة» لأفضل عرض و«جائزة شويكار» لأفضل ممثلة دور أول لفاطمة محمد علي وجائزة أفضل مخرج صاعد لباسم قناوي كما فازت لبنى ونس عن دورها في العرض نفسه بـ«جائزة نعيمة وصفي» كأفضل ممثلة دور ثان.
كما سلمت مي نجلة الفنان الراحل نور الشريف جائزة تحمل اسم أبيها لأفضل ممثل، للفنانين علاء قوقة بطل عرض «هنا أنتيجون» وياسر عزت بطل عرض «روح»، اللذين تقاسما الجائزة مناصفة بينهما.
يشار إلى أن مسرحية «روح» مأخوذة عن رائعة الكاتب الإنجليزي جي. بي. برستلي «الوردة والتاج»، وتدور أحداثها داخل إحدى الحانات بالريف الإنجليزي، حيث يلتقي مجموعة من الأنماط البشرية المختلفة لقضاء لحظات من الراحة بعد يوم شاق، وهم على اختلاف أعمارهم وتركيباتهم يمقتون الحياة ويعبرون عن معاناتهم فيها، إلى أن يظهر زائر غريب عن المنطقة يعرفون فيما بعد أنه مندوب الموت جاء لاختيار أحدهم للذهاب معه، وتتوالى الأحداث.
وذهبت جائزة أفضل ممثلة صاعدة للفنانة هند عبد الحليم عن عرض «أنتيجون»، كما حصد عرض «أنتيجون» جائزة سمير العصفوري لأفضل إخراج مسرحي للمخرج تامر كرم. بينما فاز محمود جمال مؤلف عرض «الغريب» بجائزة «جائزة فتحية العسال» لأفضل نص، كما حصد عرض «الغريب» أيضا جائزة ثاني أفضل عرض. ومنحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة لعرض «بعد الليل».
وذهبت «جائزة سامي العدل» لأفضل ممثل صاعد لمحمد علي عن دوره في عرض «إيكوس». وقالت شركة «العدل جروب» إنها ستتعاقد مع الممثل الفائز بهذه الجائزة للقيام ببطولة عمل درامي، فيما حصد «جائزة كمال نعيم» لأفضل تصميم استعراضات عرض «الفيل الأزرق» المأخوذ عن رواية للمؤلف الشاب أحمد مراد. وحصد أبو بكر الشريف عن عرض «الغريب» بجائزة أفضل إضاءة، وفاز أحمد عبد العزيز بجائزة أفضل تصميم أزياء عن عرض «هانيبال»، فيما ذهبت جائزة أفضل تصميم ديكور مناصفة بين وائل عبد الله عن عرض «ثري دي» ومصطفى التهامي عن عرض «صوت الفئران».
وكانت الدورة الثامنة للمهرجان التي تحمل اسم الفنان الراحل خالد صالح، قد كرم ثمانية ممن أثروا الحركة المسرحية المصرية، ومنهم: الناقد حسن عطية، والكاتب لينين الرملي، وأسماء الممثلين محمد عوض، وحسن مصطفى، والفنانة سناء جميل، ورئيس أكاديمية الفنون الأسبق هاني مطاوع مخرج مسرحية «شاهد ماشافش حاجة»، الذي رحل عن عالمنا عن عمر يناهز 71 عاما قبل أسبوع من افتتاح المهرجان.



سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لأحد أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذه العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف عن سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى إن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفاعلية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني ويستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقية تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسمح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

من جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين بأن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق بوصفها مكاناً لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».