قوة لتغطية الفجوة الأمنية في عدن.. وحمايتها من السقوط في براثن التطرف

مركز مسارات للاستراتيجيات والإعلام ومنتدى التصالح والتسامح: رؤية جديدة لإعادة تطبيع الحياة في الجنوب اليمني

متطوعون من سكان عدن يقومون بتنظيف أحد الشوارع الرئيسية في المحافظة الجنوبية المحررة من الميليشيات الحوثية (غيتي)
متطوعون من سكان عدن يقومون بتنظيف أحد الشوارع الرئيسية في المحافظة الجنوبية المحررة من الميليشيات الحوثية (غيتي)
TT

قوة لتغطية الفجوة الأمنية في عدن.. وحمايتها من السقوط في براثن التطرف

متطوعون من سكان عدن يقومون بتنظيف أحد الشوارع الرئيسية في المحافظة الجنوبية المحررة من الميليشيات الحوثية (غيتي)
متطوعون من سكان عدن يقومون بتنظيف أحد الشوارع الرئيسية في المحافظة الجنوبية المحررة من الميليشيات الحوثية (غيتي)

كشف مركز مسارات للاستراتيجيات والإعلام ومنتدى التصالح والتسامح، بمحافظة عدن، جنوب اليمن، عن ورقة رؤية لإعادة تطبيع الحياة في المحافظة. وأوضح المركز والمنتدى في استهلالهما لرؤيتهما التي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، أنها تمثل خلاصة لنقاشات مستفيضة، وجهود مضنية بذلت، للتعريف بالمخاطر المحدقة بمدينة عدن، كمساهمة من المركز والمنتدى، في حل المشكلات القائمة.
وقال معدو الورقة، إن مدينة عدن، بدت منذ تحريرها من ميليشيات الحوثي وعفاش، من قبل المقاومة الجنوبية، في حالة مزرية ودمار هائل وكبير على كافة الأصعدة، منوهة أن عودة عدن إلى وضعها الطبيعي، وإلى أفضل مما كانت عليه، يتطلب تضافر كافة الجهود الشعبية والاجتماعية والرسمية في الجنوب، فالجميع مسؤولون عن عودة الأمن لعدن، وعودة الخدمات، وتطبيع أوضاع الحياة الأخرى، في أسرع وقت ممكن، حتى ينعم المواطن بسبل الحياة المختلفة.
وأضافت أن أبرز ما تم مشاهدته، خلال الأيام الماضية هو حالة إرباك في المجال الأمني، وفوضى في المجال العسكري، وبطء عملية إعادة الخدمات للمناطق المنكوبة، وتلاعب بعملية الإغاثة، وتفشي ظاهرة حمل السلاح وانتشاره على نحو خطر يهدد السلم الاجتماعي، واستمرار ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية، وارتفاع أجور المواصلات، وإهمال الجرحى وأسر الشهداء، وتفشي أعمال النهب والبسط على أملاك الغير، وتغذية نوازع المناطقية بين أبناء الجنوب، كان محفزا ذلك للمركز والمنتدى، كي يسهما في حل ومعالجة هذه المشكلات والظواهر.
وأردفت أن كل هذه المظاهر وغيرها تهدد الاستقرار في عدن، وتسيء للمقاومة الجنوبية وأبناء الجنوب عامة، الذين ينظرون للانتصار الذي حققته المقاومة، باعتباره فاتحة خير على عدن والجنوب عامة، ويمكنه إنتاج أوضاع جديدة تعكس حجم ومدى التضحيات التي قدمها أبناء الجنوب في ميادين البطولة، من أجل يمن آمن ومستقر، يحقق تطلعات أبنائه ويحافظ على الأمن العربي والدولي على قدر من الشراكة والتعاون، مستوعبًا المتغيرات الجديدة ومثمنًا جهود التحالف العربي، وفي المقدمة السعودية ودولة الإمارات المتحدة ودورهما الكبير في تحرير الجنوب ودعم عملية البناء والإعمار.
وأشارت للمشكلات المختلفة، مقترحة جملة من الحلول المطلوبة، فعلى الصعيد الأمني، ورغم انتشار أفراد المقاومة الجنوبية، في النقاط الأمنية المختلفة، بمحافظة عدن، لوحظ ارتباك وفراغ كبير ومقلق، مبينة أن من هذه الأسباب، غياب الخبرة لدى أفراد النقاط الأمنية في التعامل اليومي، كون الشباب لم يتلقوا تدريبًا أمنيًا كافيًا، إلى جانب تعدد الولاءات لأفراد النقاط الأمنية، الذين اتضح أنهم يعملون مع جهات وأفراد وأطراف لا تمثل مرجعية رسمية أو أمنية معترف بها.
وأضافت أن من الأسباب أيضا، سهولة اختراق هذه النقاط، بسبب عدم وجود زي موحد لأفرادها، وتفشي ظاهرة المناطقية في النقاط الأمنية، إذ أن هناك نقاطا تتبع مناطق ومدنا ومحافظات في الجنوب ويغيب عنها العمل الوطني الموحد.
واقترحت بإعادة أقسام الشرطة إلى العمل، ورفد جهاز الأمن وأقسام الشرطة بعدد من المسرحين الأمنيين الجنوبيين من ذوي الخبرة والكفاءة، إلى جانب ضم أفراد من المقاومة إلى أجهزة الأمن، مشترطا عودة الأفراد والضباط العاملين في الجهاز الأمني وأقسام الشرط، بتحليهم بالكفاءة والنزاهة.
ولفتت إلى أهمية استبدال أفراد النقاط الأمنية الحالية، بأفراد من جهاز الأمن العام أو من أفراد الجيش الوطني في عدن، ممن تلقوا تدريبًا خارجيا ومحليا، شرط ارتدائهم زيا أمنيا وعسكريا موحدا.
وأكدت ضرورة طلب قوة أمنية مساعدة من دول التحالف، لتغطية الفجوة الأمنية وحماية عدن والجنوب من السقوط في الفوضى، وفي يد الجماعات المتطرفة، وطلب دعم مالي من دول التحالف لتغطية المرتبات والصرفيات في هذا الجانب.
وتطرقت إلى الجانب العسكري، الذي قالت: إنه يتسم عمله بعشوائية كبيرة، في عملية تسجيل المجندين في مختلف المعسكرات بعدن، وتساءلت عن وعود أطلقت بشأن إعادة المسرحين من الجيش الجنوبي السابق، وهي الوعود التي لم يلتزم بتنفيذها حتى الآن.
وأعربت عن خشية معديها، من عملية تشكيل الجيش الجديد، وعلى نحو غير منظم، لافتة إلى أن عملية التجنيد رافقها سلبية تداخلت فيها المناطقية والمحسوبية والعصبية وغيرها من الأمراض والآفات الاجتماعية، التي إذا ما تسللت إلى المؤسسة العسكرية، ستكون كفيلة بنخرها من الداخل وإفشال مشروع بناء الدولة وإعادة إنتاج الصراع الجهوي والمناطقي من جديد.
واقترحت بإعداد رؤية وطنية لتشكيل المؤسسة العسكرية في الجنوب من قبل قيادات عسكرية مشهود لها بالكفاءة والوطنية، وإعادة النظر في عملية التسجيل والتجنيد الحالية حتى لا يكون الجيش الجديد مخترقا أو جيشا مناطقيا جهويا غير جدير بحماية مشروع الدولة الوطنية.
وطالبت بالقضاء على العصبية المناطقية في عملية التسجيل، بحيث تكون اللجان القائمة على التسجيل من كل مناطق الجنوب، لا محسوبة على محافظة أو منطقة بعينها، وأن تقتصر عملية التسجيل على أبناء الجنوب فقط، وتأجيل عملية التسجيل في الجيش حتى لا يتم انشغال المقاومة الجنوبية بمهامها في استكمال تحرير باقي المناطق الجنوبية وأيضا تأجيل دمج المقاومة في الجيش لنفس السبب.
وبفتح أبواب التسجيل في المحافظات حتى يتم تخفيف الضغط على عدن، وعند انتهاء عملية التسجيل والتدريب يتم توزيع المجندين في محافظاتهم، كما يتم اختيار قوة عسكرية وطنية فيما بعد تراعي عوامل الجغرافيا والسكان بين مناطق الجنوب لتشكيل جيش وطني موحد.
وعن الخدمات الأساسية، أوضحت أن الأيام الماضية كشفت عن وجود حالة من البطء الشديد في إعادة الخدمات للمدن المنكوبة في عدن لا سيما التيار الكهربائي والمياه والصحة وصحة البيئة، إذ أن أعدادا كبيرة من النازحين لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم بسبب عدم عودة الخدمات، منوهة إلى أن هناك أموالا كبيرة قدمت من قبل التحالف العربي لإعادة الخدمات لعدن، وتساءلت عن أسباب التعثر والبطء المشاهدين.
واقترحت بالاستعانة بشباب المقاومة الشعبية الجنوبية، للمساعدة في إنجاز الأعمال المتعلقة بإعادة التيار الكهربائي والمياه أو الاستعانة ببعض الاختصاصيين والفنيين المدنيين المسرحين من الجهاز الإداري السابق أو الحالي للدولة لإنجاز مثل هذه الأعمال.
وبإعادة ترتيب أوضاع المستشفيات الحكومية في المحافظة للقيام بواجبها على أكمل وجه، وتفعيل دور صحة البيئة للحفاظ على نظافة المدينة وصحة المواطنين، إذ أن هناك انتشارا لبرك المجاري في أماكن متعددة من عدن، مما جعلها مستوطنات للبعوض الناقل لكثير من الأمراض السارية.
وكشفت عن مشكلات أخرى تتعلق ببروز المناطقية ومشكلات جرحى المقاومة وشهدائها وكيفية التعامل مع مثل هذه المشكلات الاجتماعية، معتبرة ظاهرة النزعات المناطقية من شأنها إثارة حالة من الفوضى والصراع بين الجنوبيين وعلى أساس مناطقي وجهوي.
واقترحت أن تكون المعالجة من خلال خطاب إعلامي موحد ومسؤول لكل أبناء الجنوب، وهذا الخطاب تتبناه السلطة المحلية والمقاومة، ويكون مكرسا لقيم التسامح والتصالح.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.