نجاح عملية تبادل 130 أسيرًا بين المقاومة والحوثيين

زعيم التمرد يتوعد الإعلاميين بالمواجهة

بعض الأسرى المفرج عنهم من المقاومة الجنوبية أمس («الشرق الأوسط»)
بعض الأسرى المفرج عنهم من المقاومة الجنوبية أمس («الشرق الأوسط»)
TT

نجاح عملية تبادل 130 أسيرًا بين المقاومة والحوثيين

بعض الأسرى المفرج عنهم من المقاومة الجنوبية أمس («الشرق الأوسط»)
بعض الأسرى المفرج عنهم من المقاومة الجنوبية أمس («الشرق الأوسط»)

بدأت أمس الاثنين، عملية تبادل للأسرى بين المقاومة الشعبية الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ومسلحي الحوثي في محافظة الضالع جنوب البلاد.
قال غالب عبد الله مطلق، وزير الدولة لشؤون مخرجات الحوار الوطني الأسبق، لـ«الشرق الأوسط» إن «وساطته وزملاء آخرين وصفهم بالشخصيات الخيرة، تكللت بالإفراج عن 130 أسيرا ومعتقلا من الطرفين».
وأشار إلى أن عملية تبادل الأسرى تمت ظهر أمس، بمنطقة بيت اليزيدي، المتاخمة لمدينة دمت (80 كيلومترا) شمال مدينة الضالع، جنوب اليمن.
وأشار في هذا السياق أن أسرى المقاومة بلغوا 48 أسيرا ومعتقلا ومختطفا، إلى جانب تسليم الميليشيات للمقاومة الجنوبية جثتين لشهيدين من الضالع من عائلة واحدة، وهما أحمد هادي العواسي وفهد العواسي، بينما أسر الحوثيين 82 أسيرا.
وأكد مطلق أن الاتفاق المبرم بين الطرفين قضى أيضا بإطلاق سراح كل الأسرى والمعتقلين في محافظة الضالع وكذلك إطلاق المعتقلين في سجون المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مشيرا إلى أنه سيتم إطلاق سراح كل الأسرى والمعتقلين ممن يثبت وجودهم في سجون محافظات البيضاء وإب وعمران وتعز وصنعاء وغيرها التزاما بالاتفاق، إذ إن البحث ما زال جاريا لمعرفة الأشخاص الذين يعتقد وجودهم في سجون أخرى.
وتشير معلومات مؤكدة إلى وجود شخصين في سجن محافظة البيضاء وشخص آخر في سجن بمحافظة عمران شمال صنعاء.
وكانت مدينة الضالع، جنوب اليمن، شهدت إطلاق ألعاب نارية، مساء أمس الاثنين، عقب وصول الأسرى وجثتي القتيلين من آل العواسي.
وقال الناشط السياسي أحمد حرمل لـ«الشرق الأوسط» إن «معظم من تم إطلاق سراحهم هم معتقلون أو مختطفون من الطرقات والأسواق والأماكن العامة».
وأكد حرمل أنه وباستثناء جثماني الشهيدين اللذين قتلا في ساحة المعركة، كل المطلق عنهم لم يتم أسرهم في المعركة وإنما تم اعتقالهم وخطفهم من الطريق الرئيسي الواصل إلى محافظتي لحج وعدن جنوبا، وتحديدا في منطقة العند شمال عدن.
جراء سيطرة الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع على الطريق الرئيس المؤدي إلى المحافظتين، إذ أقدمت وقتها الميليشيات على اعتقال وخطف الركاب من على مركبات النقل المختلفة، ودون جريرة أو تهمة غير الانتماء لمحافظة الضالع، حيث تخوض الميليشيات وقتها حربا شرسة تكبدت خلالها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد إلى جانب أسر العشرات من الميليشيات الحوثية.
وعلى صعيد آخر، قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين باليمن مساء أول من أمس الأحد، إن «جماعته لا تزال مستعدة للتسوية السياسية لإنهاء قتال مضى عليه ما يقرب من ستة أشهر»، مشيرا إلى أن جماعته ستقاوم التحالف.
وفي كلمة متلفزة بثتها قناة «المسيرة» الموالية للحوثيين، طالب الحوثي اليمنيين بالتظاهر في صنعاء، احتفاءً بالذكرى السنوية الأولى لاستيلاء جماعته على العاصمة اليمنية.
ودعا الحوثي كل طبقات الشعب اليمني إلى مواصلة تحركاتها لمواجهة حرب التحالف، مشيرا إلى أن الحلول السياسية لا تزال ممكنة. وشنّ زعيم ميليشيات الحوثيين، هجومًا شديدًا على الإعلاميين والصحافيين المناهضين لجماعته، واصفًا إياهم بـ«المرتزقة والعملاء والخونة».
وقال الحوثي، في خطابه إن «من وصفهم بالمرتزقة والعملاء من المثقفين والسياسيين والإعلاميين» أكثر خطرًا على هذا البلد من الخونة والمرتزقة الأمنيين المقاتلين.
وأضاف مهددًا «يجب أن يكون هناك عمل في مواجهة أولئك من الإعلاميين والثقافيين والسياسيين العملاء الذين يبررون الغزو».
وكانت جماعة الحوثي، قامت بحملات اعتقال وملاحقة، للصحافيين والعاملين في حقل الإعلام، واقتحام لمقرات صحف ومحطات تلفزيونية، بينما لا يزال مصير ثلاثة عشر صحافيًا مجهولاً، فضلا أن المناسبة المحتفى بها من الميليشيات الانقلابية تزامن مع حجب لعشرات المواقع الإلكترونية وتوقف وإغلاق تام لمعظم الصحف اليمنية الأهلية والحزبية وحتى الحكومية التي لم تسلم من التوقف والإغلاق.
وكانت سلطات الانقلاب والتمرد، في العاصمة اليمنية صنعاء، وجهت في وقت سابق بالاحتفال بالذكرى الأولى للسيطرة على العاصمة صنعاء، والذي صادف أمس الاثنين 21 سبتمبر (أيلول)، الذكرى الأولى لانقلابهم على السلطة الشرعية في اليمن، ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح.
وكان موقع الجيش الرسمي «سبتمبر نت» والمسيطر عليه من الميليشيات، ذكر أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي يتزعمها عبد الملك الحوثي، وجهت كل الوزارات والمؤسسات والهيئات وأمين العاصمة ومحافظو المحافظات، إلى البدء في التحضير والإعداد الجيدين للاحتفال بالذكرى الأولى لثورة 21 سبتمبر والعيد الـ53 لثورة 26 سبتمبر.
وحسب الموقع الذي يديره الحوثيون، فقد وجهت اللجنة الثورية برفع علم الجمهورية على جميع المباني والمنشآت الحكومية والدوائر على المستويين المركزي والمحلي.
ودعت أمانة رئيس الوزراء التابعة للحوثيين لـ«التحضير والإعداد المتميزين لإقامة الفعاليات الرسمية والشعبية المعبرة، عن هذه المناسبات» وفق البيان.
وكان الرئيس المخلوع، أحال الجمهورية إلى نظام وراثي، مفرغا الثورة والجمهورية من مضامينها ومعتقداتها الفكرية، كسلطة للشعب، إلا أن ذكرى الثورة هذا العام يصادف مع تربع ميليشيات انقلابية سلالية طائفية على رأس الدولة، إلى جانب سيطرت الرئيس المخلوع وأقاربه على ما تبقى من قوات قبلية ومناطقية وعائلية، كشفت الحرب أن المخلوع والحوثي، وجهان لعملة واحدة وإن اختلفت طرقهما ووسائلهما وحيلهما.
وفي غضون ذلك، أوضح تقرير مركز «أبعاد» للدراسات والبحوث، أن جبهة مأرب، وسط البلاد، شكلت واحدة من أهم جبهات الاستنزاف لميليشيات الحوثي، رغم فقدان المقاومة المؤيدة للشرعية نحو 500 مقاتل إلى ما قبل دخول قوات يمنية متدربة برفقة قوات التحالف.
وأكد التقرير أن حصيلة خسائر الحوثيين وصالح في مأرب منذ 19 مارس (آذار) الماضي وحتى مطلع سبتمبر الحالي بلغت نحو 3 آلاف قتيل بينهم قيادات ميدانية و200 أسير.
وأضاف التقرير أن الحوثيين وقوات صالح خسروا في محافظة مأرب، شرق العاصم صنعاء، نحو 95 دبابة و39 مخزن سلاح و37 عربة كاتيوشا و21 مدفع هاون و13 مدفع هاوزر و110 مدرعات و170 طقما عسكريا، وعددا من منصات الصواريخ ونحو 30 سيارة محملة بالأسلحة والذخائر والعشرات من الرشاشات المتوسطة ومئات الأسلحة الخفيفة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.