نتنياهو ماضٍ في تشديد العقوبات على قاذفي الحجارة رغم اعتراض المستشار القضائي

نحو 10 آلاف يهودي اقتحموا المسجد الأقصى خلال العام الحالي

صورة أرشيفية لشبان فلسطينيين من مخيم شعفاط شرق القدس يرشقون قوات الأمن الإسرائيلية (غير ظاهرة في الصورة) بالحجارة (أ.ب)
صورة أرشيفية لشبان فلسطينيين من مخيم شعفاط شرق القدس يرشقون قوات الأمن الإسرائيلية (غير ظاهرة في الصورة) بالحجارة (أ.ب)
TT

نتنياهو ماضٍ في تشديد العقوبات على قاذفي الحجارة رغم اعتراض المستشار القضائي

صورة أرشيفية لشبان فلسطينيين من مخيم شعفاط شرق القدس يرشقون قوات الأمن الإسرائيلية (غير ظاهرة في الصورة) بالحجارة (أ.ب)
صورة أرشيفية لشبان فلسطينيين من مخيم شعفاط شرق القدس يرشقون قوات الأمن الإسرائيلية (غير ظاهرة في الصورة) بالحجارة (أ.ب)

على الرغم من حملة الانتقادات العربية والدولية، ووعود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم إجراء تغيير على الواقع في المسجد الأقصى، تجددت عمليات الاقتحام اليهودية لباحة الحرم. وبدأت قوات الاحتلال في تصعيد عمليات القمع والعقوبات الجماعية خارج البلدة القديمة، فهدمت بيتا واعتقلت نحو 20 شابا. كما اعتقلت بعد ظهر أمس أربعة أطفال مقدسيين في أثناء عودتهم من مدرستهم، واقتادتهم إلى مركز الشرطة في شارع صلاح الدين القريب من باب الزاهرة، ووجهت إلى أربعتهم تهمة إلقاء الحجارة على حافلة إسرائيلية.
وأظهر تقرير أعده الصحافي محمود أبو عطا، من قسم الرصد والأبحاث في المركز الإعلامي لشؤون القدس والأقصى - «كيوبرس» - أن نحو عشرة آلاف عنصر احتلالي اقتحموا باحات المسجد الأقصى منذ بداية العام الحالي 2015 حتى أمس، بينما تعرّض المسجد نفسه إلى أربعة اقتحامات عسكرية كبرى، من ضمنها الجامع القِبْلي المسقوف، حصلت جميعها خلال «الأعياد اليهودية»، وتخللها اقتحام للجماعات اليهودية والحاخامات (رجال الدين اليهود) والقادة السياسيين، وفي مقدمتهم وزير الزراعة الاستيطاني، أوري أريئيل.
وبحسب التقرير، فقد اقتحم المسجد الأقصى منذ يناير (كانون الثاني) وحتى 20 سبتمبر (أيلول) الحالي، 9954 عنصرًا احتلاليًا، غالبيتهم من المستوطنين والجماعات اليهودية على النحو التالي: 8391 مستوطنا ومن أفراد الجماعات اليهودية ومنظمات الهيكل المزعوم. 921 عنصرا من مخابرات الاحتلال. 335 جنديا بالزي العسكري ضمن «جولات الإرشاد والاستكشاف العسكري». 307 آخرون يضمون، مهندسي «سلطة الآثار» الإسرائيليين، طلاب جامعات، وشرطة بلباس خاص. يُضاف إلى هذه الاقتحامات ما وقع في أيام الأحد إلى الخميس، بين الساعات 7:30 - 11:30 قبل الظهر، والساعة 13:30 - 14:30 بعد الظهر. وتضاف إلى هذه الاقتحامات التي تتم من قوات التدخل السريع، التي تؤمن اقتحامات المستوطنين، وتضم نحو 20 عنصرًا يوميًا، ينضمون إلى القوات المدربة على اقتحام الأقصى، ويتراوح عدد أفرادها ما بين 250 و500 عنصر من فرق متعددة.
ويبيّن التقرير أن 277 حالة اعتقال تمت داخل المسجد الأقصى أو عند بواباته، انتهت أغلبها بقرارات إبعاد عن الأقصى لمدد تتراوح بين أسبوعين وستة أشهر.
وكانت قوات الاحتلال قد شنت فجر أمس الاثنين حملة اعتقالات واسعة لمقدسيين تركزت في منطقتي العيساوية ورأس العمود في القدس الشرقية المحتلة. وذكر رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين، أمجد أبو عصب، أن قوات الاحتلال استخدمت عنفا شديدا يدل على أن الهدف انتقامي بالأساس، إذ لم تكتفِ بالاعتقال، بل اعتدت على الناس واقتحمت منازلهم وفتشتها وبعثرت محتوياتها. وأوضح أنه تم نقل مجموعة من المعتقلين إلى مركز شرطة عوز، حيث تتمركز الوحدة الشرطية الجديدة المختصة بمتابعة ملقي الحجارة، بينما نقل قسم آخر إلى معتقل المسكوبية. وقد بلغ عدد المعتقلين أكثر من 100 مقدسي، فقط خلال الأسبوع الماضي.
من جهة ثانية، بدأت قوات الاحتلال في تنفيذ السياسة التي أقرها مجلس الوزراء لتشديد العقوبات، ليس فقط ضد قاذفي الحجارة، بل أيضًا للجمهور الفلسطيني الواسع. وأخرجوا يوم أمس أمرا قديما جدا لهدم منزل في حي سويح في رأس العمود، بحجة البناء من دون ترخيص، وقد حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي المنزل، وشرعت جرافات البلدية بهدمه في غياب أصحابه. ولفت أحد أقرباء العائلة أن المنزل قديم، ويعود للمواطن حسن يوسف العباسي، وكانت تجرى له عملية ترميم. تبلغ مساحة المنزل نحو 70 مترا مربعا، ويضم غرفتين وصالة وتوابعها. وخلال عملية الهدم اندلعت مواجهات بين قوات الاحتلال وطلاب المدارس في حي سويح، إذ رد الشبان على هدم المنزل، برشق قوات الاحتلال بالحجارة، وردت قوات الاحتلال عليهم بإطلاق العيارات المطاطية، ولم يسجل وقوع إصابات.
وكان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية يهودا فاينشتاين، اعترض على استخدام القناصة ضد قاذفي الحجارة، مؤكدا أن هناك ما يكفي من التعليمات والإجراءات، ولا حاجة إلى إقرار خطوات جديدة، ما أغضب بنيامين نتنياهو، الذي قال، بحسب مكتب الناطق بلسانه، إن «تعليمات إطلاق النار القائمة لا تمنح الشرطة الأدوات لمنع إلقاء الحجارة أو حتى الردع». وبناء على ذلك وافق فاينشتاين على أن يفحص الوضع مجددا، ومن المتوقع أن يعطي جوابا نهائيا يوم الخميس المقبل.
وانضمت إدارة بلدية الاحتلال في القدس إلى عمليات التنكيل، فأقرت مشروعا لتغيير الأسماء العربية للشوارع والأحياء في شرق المدينة، واستبدال أخرى عبرية بها. وقد بلغ عدد الأسماء المغيرة 800 اسم، تندرج ضمن مشروع تهويد وجه المدينة العربي والتاريخي. واختارت بلدية الاحتلال مواقع حساسة وهامّة، ذات بُعد تاريخي عريق، من أجل تنفيذ مشروعها التهويدي. وبدا لافتا اختيارها للأماكن التي تشكل طوق حماية للمسجد الأقصى المبارك، أو التي شهدت في الآونة الأخيرة زحفا استيطانيا من شأنه ضرب الوجود الديمغرافي فيها، مثل حي سلوان والطور والشيخ جراح ورأس العمود، وكلها في المحصلة مواقع مستهدفة من قبل الاحتلال.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».