منشقون عن «داعش»: التنظيم فاسد وشهيته كبيرة لقتل المدنيين والرهائن

قالوا إن الهاربين يتعرضون لخطر الانتقام أو السجن لأنه يعتبرهم «مرتدين»

إرهابيو «داعش» أعلنوا مسؤوليتهم عن تفجير مسجد في العاصمة صنعاء خلال الشهر الحالي (نيويورك تايمز)
إرهابيو «داعش» أعلنوا مسؤوليتهم عن تفجير مسجد في العاصمة صنعاء خلال الشهر الحالي (نيويورك تايمز)
TT

منشقون عن «داعش»: التنظيم فاسد وشهيته كبيرة لقتل المدنيين والرهائن

إرهابيو «داعش» أعلنوا مسؤوليتهم عن تفجير مسجد في العاصمة صنعاء خلال الشهر الحالي (نيويورك تايمز)
إرهابيو «داعش» أعلنوا مسؤوليتهم عن تفجير مسجد في العاصمة صنعاء خلال الشهر الحالي (نيويورك تايمز)

يتعرض المنشقون عن تنظيم داعش - وعددهم صغير لكنه متزايد - إلى خطر الانتقام أو السجن، نظرا لتحدثهم علنا عن خيبة أملهم من التنظيم المتطرف، بحسب منظمة بحثية تتعقب المسلحين السابقين والحاليين.
يعتبر «داعش» المنشقين عنه مرتدين، لذلك يلجأ معظم المئات الذين يُعتقد أنهم غادروا التنظيم إلى الاختباء.
لكن 58 منشقا - منهم تسعة من أوروبا الغربية وأستراليا - قدموا شهادات صادمة عن «داعش» على الملأ منذ العام الماضي، وفقا لتقرير نشره المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي في كلية كينغز في لندن، أمس الاثنين.
ويقول التقرير إن بعض المنشقين اعتبروا التنظيم فاسدا و استهجنوا عداء «داعش» للجماعات السنية الأخرى المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، وكذلك شهيته الكبيرة للقتل العشوائي للمدنيين والرهائن. وشعر آخرون بالضجر من المحاباة وسوء المعاملة على أيدي القادة، أو بخيبة أمل من حياة المسلح الأقل إثارة – أو ربحا – بكثير عما تصوروه. كما غادر اثنان التنظيم بعد اكتشافهما أنهما تم اختيارهما للقيام بهجمات انتحارية.
وحث الباحثون الحكومات على إعطاء المنشقين حوافز للتحدث علنا، حتى يتم استخدام رواياتهم لإثناء المجندين المحتملين عن الانضمام لـ«داعش». وتحدث 58 منشقا – سبعة منهم نساء – في مناسبات منفصلة إلى المؤسسات الإخبارية المتنوعة، بما فيها «نيويورك تايمز»، ويجمع التقرير شهاداتهم مع تقديم سياق وتحليل للقضية.
وأضاف التقرير: «يقدم المنشقون رؤية فريدة من نوعها عن الحياة تحت قيادة (داعش)، لكن رواياتهم يمكن استخدامها أيضا كأداة محتملة قوية في القتال ضد التنظيم؛ حيث يحطم المنشقون صورة الوحدة والعزم التي يسعى (داعش) لنقلها».
وقال بيتر نيومان، مدير مركز وأستاذ الدراسات الأمنية في كلية كينغز كوليدج في لندن: «بدأ لمعان (داعش) في الخفوت، وبدأ يظهر أقل تأثيرا، لذلك أصبح الكثير من الناس يمتلكون دافعا أكبر للمغادرة». وتابع نيومان: «يتحدث العديد من المنشقين علنا على أمل الحصول على معاملة تفضيلية من أعضاء النيابة العامة والقضاة، لكن بالنسبة للحكومة فإنها ترغب في تحدث المزيد من المنشقين علنا، لخلق حالة زخم أكبر، ولتحفيز المقاتلين الآخرين على أن يحذو حذوهم». وأوضح أن شهادات المنشقين يمكن استخدامها لمواجهة أساليب «داعش» البارعة في تجنيد المقاتلين. وحث الحكومات على «إزالة العوائق القانونية» التي تردع المنشقين عن التحدث علنا، وتدفعهم لمحاولة الاستيطان بدلا من القبوع في السجن.
وخلال العامين الماضيين، انضم ما يقدر بـ20 ألف أجنبي – ربعهم أوروبيون – إلى الجماعات المتشددة في الشرق الأوسط، معظمهم انضموا لصفوف «داعش». وعاد ما بين 25 في المائة و40 في المائة بالفعل إلى أوروبا، وفقا لنيومان. ويقدر المسؤولون البريطانيون عودة نحو 300 شخص إلى أوروبا. ويؤكد المنشقون أن الحياة تحت قيادة «داعش» بعيدة كل البعد عن المثالية التي وُعِدوا بها.
وقال مقاتل سوري (26 عاما)، لإذاعة الراديو الوطني العام الأميركي (إن بي آر)، العام الماضي: «تحت قيادة (داعش) يجب أن يكون الجميع معهم». وأشار المنشق إلى أنه دفع المال لمهرب لكي يأخذه إلى تركيا، حيث اختبأ هناك من مخبري «داعش» الذين يجوبون المدن الواقعة على طول الحدود. وأضاف: «كنت أفكر طوال الوقت ماذا لو اعتقلوني أو أوقفوني، فإنهم سيقطعون رأسي».
وفي حالة أخرى، قال مقاتل غربي يدعى إبراهيم إنه انضم للتنظيم في البداية لأنه كان يريد تقديم المساعدة الإنسانية للسوريين، ولكي يأخذ الفرصة للعيش في ظل الخلافة التي تُطبق فيها الشريعة الإسلامية بصرامة، لكنه غادر في النهاية. ووفقا لما قاله لقناة «سي بي إس»: «يكون معظم القادمين الجدد مفعمين بالحماسة مما شاهدوه على شبكة الإنترنت أو على موقع (يوتيوب)؛ لكن لا تكون هناك عروض عسكرية على الدوام، ولا تتحقق دائما انتصارات».
وروى المقاتل أنه رأى اثنين تم رجمهما حتى الموت لاتهامهما بالزنى، واعتبر أن هذا عدل، لكنه لم يوافق على قطع رؤوس عمال الإغاثة والصحافيين وغير المقاتلين الآخرين. وتابع: «يكمن السبب الرئيسي في مغادرتي في أنني لم أشعر بما انضممت إليه في البداية، وهو مساعدة الشعب السوري من الناحية الإنسانية، فالوضع كان مختلفا، ولم يعد هناك مبرر للبقاء بعيدا عن عائلتي».
ولفت نيومان إلى أن المقاتل الذي يشعر بخيبة الأمل يتعين عليه خوض شوط طويل حتى يتمكن من مغادرة «داعش»؛ ففي إحدى الحالات استطاع مقاتل الانشقاق من خلال خداع المقاتلين الآخرين بأنه يفكر في استدراج شقيقته من ألمانيا، لدرجة أنه زيّف محادثات على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» لإظهار أن جهوده لم تفلح. وتمكن من الفرار إلى تركيا بعد أن أخبر المقاتلين بأنه سيصطحب شقيقته من على الحدود. وعلّق نيومان قائلا: «من أجل مغادرة (داعش)، يجب أن يكون الشخص فطنا للغاية».
وذكر نيومان أن أول من أدرك قيمة روايات المنشقين كان مركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة. فكان أحد نجاحات «داعش» يتمثل في نشر مقطع فيديو على موقع «يوتيوب» العام الماضي، حصل على 865 ألف مشاهدة، وتمكن من جذب المجندين لـ«داعش» من خلال عرض صور عن الأعمال الوحشية التي يرتكبها التنظيم. وشنت وحدة الاتصالات حملة مماثلة على موقع التدوينات المصغرة «تويتر» تحت نطاق «ThinkAgain_DOS@» لإثناء المجندين عن الانضمام لـ«داعش».
* خدمة «نيويورك تايمز»



واشنطن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»

واشنطن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»
TT

واشنطن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»

واشنطن تصف أعمال الحوثيين القمعية بـ«الإرهابية الوحشية»

دعت سفارة الولايات المتحدة في اليمن، السبت، جماعة الحوثيين إلى إطلاق موظفي السفارة المعتقلين منذ ثلاث سنوات «فوراً ودون شروط»، واصفة أعمال الجماعة القمعية ضد عمال الإغاثة والموظفين الأمميين بـ«الإرهابية الوحشية».

وكانت الجماعة الحوثية قد بدأت أخيراً إجراءات محاكمة المعتقلين لديها من موظفي السفارة الأميركية والوكالات الأممية والمنظمات الدولية الإغاثية، من خلال إحالتهم إلى نيابة خاضعة للجماعة في صنعاء، مختصة بأمن الدولة وقضايا الإرهاب، وهو ما أثار قلق رؤساء الوكالات الأممية والدولية، مع تجدّد المطالب بسرعة إطلاق سراح المحتجزين فوراً.

وجاءت الدعوات الأميركية في بيان للسفارة، أشارت فيه إلى أن الجماعة الحوثية تحتجز منذ ثلاث سنوات «مواطنين يمنيين أبرياء ظلماً وبصورة غير شرعية (...) لم يرتكبوا أي جرائم».

وأضافت السفارة أن الجماعة تحتجز الموظفين السابقين لدى السفارة «بصفتهم رهائن لمجرد أنهم يعملون لدى السفارة الأميركية في صنعاء، لبناء التفاهم والعلاقات القوية بين اليمن والولايات المتحدة، وتوفير احتياجات أسرهم». وزادت بالقول «إنهم يمنيون وطنيون وجدوا ببساطة عملاً ذا معنى مع السفارة الأميركية».

وتطرّق البيان الأميركي إلى مرور أكثر من أربعة أشهر منذ أن أقدم الحوثيون «بوحشية» على احتجاز يمنيين آخرين بصفتهم رهائن، مما أدى مرة أخرى إلى إبعاد مواطنين متفانين في خدمة بلدهم بعيداً عن أسرهم لمجرد أداء عملهم الاعتيادي لدى الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والبعثات الدبلوماسية.

وشنّت الجماعة المدعومة من إيران في يونيو (حزيران) الماضي أوسع حملة اعتقالات للعاملين في مجال الإغاثة والمنظمات الأممية والدولية والمحلية، وسط تقديرات باعتقال نحو 70 شخصاً، بينهم نساء، ليُضافوا إلى عشرات آخرين من موظفي الأمم المتحدة والعاملين السابقين في الهيئات الدبلوماسية الأجنبية.

الحوثيون احتجزوا العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية في اليمن (إ.ب.أ)

وأشارت السفارة إلى أن الجماعة الحوثية «تنضم إلى قائمة طويلة ومخزية من الجماعات الإرهابية الوحشية» التي تلحق الأذى الجائر بالرجال والنساء الأبرياء، استناداً فقط إلى اتهامات لا أساس لها من الصحة، وأدلة ملفقة، واعترافات بالإكراه.

وأعرب البيان عن القلق العظيم إزاء التقارير التي تشير إلى أن «ميليشيا الحوثي» أحالت الكثير من هؤلاء المعتقلين اليمنيين الأبرياء إلى المحاكمة بتهم لا أساس لها من الصحة.

وأكدت السفارة تضامنها مع هؤلاء اليمنيين الأبرياء وأسرهم الذين تحمّلوا هذه المحنة المؤلمة التي تنتهك بشكل صارخ الحقوق الإنسانية لهؤلاء المعتقلين.

وشدد البيان على أن السفارة لن ترتاح حتى يعود المحتجزون إلى أحبائهم الذين يفتقدونهم بشدة، داعياً الحوثيين إلى «الإفراج الفوري غير المشروط» عن جميع هؤلاء المعتقلين.

قلق دولي ويمني

كان رؤساء الوكالات الأممية والمنظمات الدولية أصدروا قبل أيام بياناً مشتركاً عبّروا فيه عن قلقهم البالغ بعد إحالة الحوثيين عدداً من المعتقلين من موظفي الوكالات والمنظمات إلى «النيابة الجزائية» المتخصصة في قضايا أمن الدولة والإرهاب الخاضعة للجماعة في صنعاء.

ويثير القرار الحوثي، حسب رؤساء الوكالات الأممية والمنظمات الدولية، «مخاوف جدية» بشأن سلامة وأمن العاملين في هذه الوكالات والمنظمات وأسرهم.

وفي حال تمت إدانة هؤلاء المحتجَزين عبر المحاكم الحوثية، فإن العقوبة التي تنتظرهم هي الإعدام، بالنظر إلى التهم التي كانت الجماعة روّجتها بحقهم، وهي تهم مزعومة بـ«الجاسوسية» لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل.

مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء غداة مقتل زعيم حركة «حماس» الفلسطينية يحيى السنوار (أ.ف.ب)

وفي أحدث البيانات الحكومية، جدّدت وزارة حقوق الإنسان اليمنية إدانتها «بشدة» استمرار اختطاف وإخفاء أكثر من 70 موظفاً وناشطاً، بينهم 5 نساء، منذ مطلع يونيو 2024 في سجون الحوثيين ومعتقلاتهم، الذين وصفتهم بـ«الميليشيا الإرهابية».

وذكرت الوزارة، في بيان، أن المختطفين، الذين بينهم 19 من موظفي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ما زالوا حتى اللحظة مخفيين قسراً، ولم يستطع أهاليهم معرفة أماكن احتجازهم أو حالاتهم الصحية في أقبية الميليشيات. ووصفت ذلك بأنه «انتهاك صارخ لحقوقهم في الحياة، والحرية، والأمن الشخصي».

وأشار البيان إلى أن المحتجَزين والمختطفين يقبعون في سجون سرية، ويتعرّضون لصنوف من التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية؛ لإجبارهم على الإدلاء بأقوال واعترافات تدينهم.