رغم الرفض الدولي للهجرة غير الشرعية التي تؤدي إلى مقتل العشرات مع كل رحلة تخوضها وسط البحر، فإن كثيرا من الأشخاص ينتفعون من وراء هذه التجارة الرابحة في ظل الإقبال عليها من قبل السوريين وغيرهم، ويبنون ثرواتهم على جثث اللاجئين.
4 آلاف دولار، هو ما يدفعه المهرب لشراء مركب مطاطي طوله 7 أمتار، ويقل نحو 40 مهاجرا غير شرعي إلى رحلة موت مؤكدة من المدن التركية إلى أوروبا، وفي المقابل يحصل على 1200 دولار من كل شخص، أي إجمالي 48 ألف دولار في الرحلة الواحدة مقابل حياة العشرات، بحسب ما روى مهاجرون غير شرعيين لـ«الشرق الأوسط».
ويروي ميمو علوش، شاب عشريني وأحد المهاجرين السوريين غير الشرعيين، مراحل الرحلة التي يمر بها المهاجر قبل صعوده على متن المركب من تركيا، حيث قال: «المهربون أتراك الجنسية يعملون مع المافيا ويجنون كثيرا من المال من هذه التجارة الرابحة، لكنهم لا يستطيعون العمل من دون السماسرة». ويتابع: «السماسرة ليسوا أتراكا بل من جنسيات مختلفة، فهم سوريون وأكراد وعراقيون. ينسق المهاجرون معهم عبر الجوال ومن ثم يوجهونهم نحو المهربين، ويحصلون على 300 دولار على كل شخص من المهرب».
أما السمسار، فيستقبل المهاجرين في أحد الفنادق متوسطة المستوى بمدينتي بودروم وأزمير الساحلتين، وحينما يصلون ويقضون ليلة أو اثنتين في أحد الفنادق التي ينسق السمسار معها مقابل 20 دولارا في الليلة لكل شخص، يقلهم السمسار عبر شاحنة بالمجان إلى الشاطئ، حيث ينتهي دوره. ويقول علوش، الذي تراجع عن قرار الهجرة اعتراضا على الإهانة التي يتعرض لها السوريون على حد وصفه، إن «فندق تومة، وهو أشهر الفنادق التي ينسق معها السماسرة في مدينة بودروم التركية، ندفع لدخوله 20 دولارا، الغرفة مكتظة بالناس وكنا ننام في مدخل الفندق»، وتابع: «السمسار لا يرافقنا عند المهربين، ويكتفي بإجراء اتصالات بهم، فتصله شاحنة يقلنا عليها ويذهب لينسق رحلة أخرى».
ويعدّ السمسار والفندق حلقتين مهمتين في هذه التجارة الرابحة، وتعقبهما المتاجر التي يشتري منها المهاجرون سترات النجاة، ومن ثم يبدأ دور المهرب الذي ينتظر المهاجرين على الشاطئ في وقت متأخر من الليل، وبعد نصف ساعة من تعليم أحدهم كيفية قيادة المركب، يدفعهم في عجالة للصعود إلى المركب المطاطي ويرحل بعد أن يجني المال. وأوقفت فرنسا قنصلها في مدينة بودروم عن العمل بعد أن كشف تقرير تلفزيوني أن القنصل، فرنسواز أولكاي، تملك متجرا يبيع قوارب وسترات نجاة للمهاجرين الراغبين في الوصول إلى الجزر اليونانية، إلا أن أولكاي أكدت أن المهاجرين كانوا سيجدون تلك الأدوات في أماكن أخرى حتى إذا لم تبعها لهم.
من جانبه، يقول ميركان، شاب سوري هاجر إلى ألمانيا عن طريق الهجرة غير الشرعية قبل 3 أسابيع: «في إحدى محاولات الهجرة، اتفقنا مع المهرب أن لا يزيد العدد عن 40 مهاجرا، لكن حينما وصلنا إلى شاطئ بودروم وجدنا 54 شخصا، فاعترضنا على المهربين، لكن سرعان ما واجهونا بالأسلحة وجعلونا نصعد بالقوة إلى المركب». وبحسب الأمم المتحدة، فإن 124 ألف شخص وصلوا سواحل اليونان بحرا، خلال السبعة أشهر الأولى من عام 2015، وشهدت الأيام الماضية كثيرا من رحلات الهجرة غير الشرعية، برز منها حادث غرق 12 مهاجرا، بينهم الطفل السوري إيلان عبد الله، الذي تسبب في تغيير نظرة المجتمع الغربي للقضية السورية.
وتابع، وهو شاب في أواخر العشرينات: «على بعد 3 كيلومترات من الشاطئ، دخلت المياه إلى المركب وكنا سنغرق، فطلبنا من السائق أن يوجهنا لإحدى الجزر القريبة، ومنها حدثنا المهرب، وقال: سنرسل مراكب لإنقاذكم، ولكننا انتظرنا من الساعة الثانية صباحا حتى الخامسة ننتظر ولم يرسل لنا شيئا، ثم اتصلنا بخفر السواحل التركي وجاء لإنقاذنا».
سماسرة الهجرة غير الشرعية.. أثرياء على أشلاء اللاجئين
يحققون أرباحًا طائلة مقابل رحلات قد لا تصل أبدًا
سماسرة الهجرة غير الشرعية.. أثرياء على أشلاء اللاجئين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة