ليبيا: انهيار مفاوضات السلام يربك المشهد العسكري مجددًا

البرلمان يطالب بقمة عربية وحفتر في سماء بنغازي للمرة الأولى

ليبيا: انهيار مفاوضات السلام يربك المشهد العسكري مجددًا
TT

ليبيا: انهيار مفاوضات السلام يربك المشهد العسكري مجددًا

ليبيا: انهيار مفاوضات السلام يربك المشهد العسكري مجددًا

طالب البرلمان الليبي الشرعي بعقد قمة عربية طارئة لمناقشة ما وصفه بـ«المستجدات الخطيرة والأخيرة للشأن الليبي»، بعد ساعات من تنديد بعثة الأمم المتحدة رسميًا بما أسمته بالتصعيد العسكري في مدينة بنغازي بشرق ليبيا.
وجاءت هذه التطورات المتلاحقة مع انتهاء المهلة التي كان مبعوث الأمم المتحدة بيرناردينو ليون قد حددها أمس، لطرفي الصراع على السلطة بالتوصل إلى اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وفاق وطني، في ختام المفاوضات الماراثونية التي تنقلت ما بين الجزائر وسويسرا، وأخيرا المغرب على مدى الشهور التسعة الماضية.
وعدت البعثة الأممية أن توقيت الضربات الجوية التي أعلن القائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر اعتزامه توجيهها ضد آخر معاقل الجماعات الإرهابية والمتطرفة في المدينة يستهدف «تقويض الجهود المستمرة لإنهاء الصراع».
وقالت البعثة في بيان رسمي وزعته إن هذا التصعيد الأخير سيحرم سكان بنغازي من الأمل الذي كان لديهم في الاحتفال بالعيد في سلام وهدوء، مشيرة إلى أن المدينة عانت لمدة طويلة، على حد تعبيرها.
وتزامن البيان مع تلويح مسؤولين كبار في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، بالانسحاب مجددا من مفاوضات السلام التي تقودها البعثة الأممية في المغرب، ردًا على عمليات الجيش الليبي الموسعة ضد المتطرفين في بنغازي.
وهدد نوري أبو سهمين، رئيس برلمان طرابلس بسحب فريقه للحوار، بينما أعلن عضو الفريق عبد الرحمن السويحلي بأن وفد البرلمان غير المعترف به دوليا، يدرس تعليق مشاركته في جولة المفاوضات احتجاجا على تحركات الجيش في ‫‏بنغازي.
من جهته، انتقد فرج بوهاشم الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي تصريحات بعثة اﻻمم المتحدة بشأن الحرب الدائرة في بنغازي. وقال إن المجلس يرى في هذه التصريحات تناقضا واضحا بين ما يصدر عن الأمم المتحدة ومجلس اﻷمن.
كما لفت إلى أن المجلس يعتبرها تدخلا غير مقبول في الشؤون الداخلية للبلاد، خاصة وأن الأوضاع غير مستقرة بسبب هذه الجماعات المتطرفة.
إلى ذلك، أظهر شريط فيديو وزعه مكتب الإعلام التابع للجيش الليبي، الفريق حفتر القائد العام للجيش وهو على متن طائرة عسكرية للاطلاع على سير المعارك في جميع المحاور من فوق سماء بنغازي، بعد ساعات فقط من إعلان حفتر عن عملية «الحتف» العسكرية للقضاء على آخر معاقل الجماعات الإرهابية في المدينة أول من أمس.
لكن وفى تحدٍ معلن لتحركات الجيش، وزع ما يسمى بتنظيم الشرعية المتطرف مجموعة من الصور الفوتوغرافية لعناصره خلال تصديهم لمحاولة تقدم قوات الجيش بمحور طريق مطار مدينة بنغازي بشرق البلاد، وتكبيدها خسائر في الأرواح والعتاد، على حد زعمه.
كما تضمنت الصور لقطات مما يسمى بمركز تدريب أبو مصعب الزهاوي احتفالا بتخريج دفعة جديدة من القناصين، حيث أظهرت الصور تدرب العناصر الإرهابية على إطلاق النار على صور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والفريق حفتر قائد الجيش الليبي.
وفى محاولة للتودد إلى سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعات المتطرفة، تضمنت الصور التي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، قيام مكتب الكهرباء التابع للتنظيم بإصلاح خطوط الكهرباء التي أفسدها القصف العشوائي، بالإضافة إلى توزيع إدارة الخدمات العامة التابعة لأنصار الشريعة سلة غذائية بها ثمار العنب على الأهالي بالمناطق التي ادعي أنها تخضع لسيطرته.
في المقابل، أكد مسؤول عسكري سيطرة قوات الجيش على معسكر الدفاع الجوي بالكامل بمحور بوعطني، مشيرًا إلى أن قوات الجيش تمكنت بعد معارك شرسة منذ ليلة البارحة من فرض سيطرتها على كامل معسكر الدفاع الجوي الذي كان تحت سيطرة تنظيم داعش.
وفى العاصمة طرابلس، نظمت عدة كتائب من الثوار عرضا عسكريا بميدان الشهداء وسط المدينة، وذلك ردًا على الهجوم الذي شنه تنظيم داعش مؤخرًا على سجن مطار امعيتقة ومحاولة تهريب سجناء من داخله.
وتعهدت هذه الكتائب في بيان نقلته وكالة الأنباء الموالية لحكومة طرابلس غير المعترف بها دوليا، بـ«التصدي بقوة لكل ما يجري من أعمال وخروقات قد تعرض الأمن والسلام للخطر، وتعطل عمل مؤسسات الدولة».
من جانبها، دعت حكومة الإنقاذ الوطني التي يترأسها خليفة الغويل، المؤسسات الأمنية والعسكرية كافة، سواء الموجودة داخل العاصمة أو خارجها بالاستعداد لإحباط أي محاولة تستهدف أمن المواطن ومؤسسات الدولة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».