«سوق افتراضية» للتعليم تحقق رواجًا بالغًا في أميركا

مقابل دولار واحد يتمكن المعلمون من التشارك وربح ما يصل إلى 100 ألف دولار

معلمة اللغة الإنجليزية لورا راندازو التي حققت خططتها التدريسية رواجا هائلا على الإنترنت (نيويورك تايمز)
معلمة اللغة الإنجليزية لورا راندازو التي حققت خططتها التدريسية رواجا هائلا على الإنترنت (نيويورك تايمز)
TT

«سوق افتراضية» للتعليم تحقق رواجًا بالغًا في أميركا

معلمة اللغة الإنجليزية لورا راندازو التي حققت خططتها التدريسية رواجا هائلا على الإنترنت (نيويورك تايمز)
معلمة اللغة الإنجليزية لورا راندازو التي حققت خططتها التدريسية رواجا هائلا على الإنترنت (نيويورك تايمز)

ما هو نوع الألحان التي تعتقد أن «ياغو» (الشخصية الشريرة في مسرحية «عطيل» للكاتب الإنجليزي الأشهر ويليام شكسبير) كان سيستمع إليها لو كان يمتلك هاتف «آي فون»؟ أسئلة على هذه الشاكلة تحلم معلمة اللغة الإنجليزية الممتلئة بالطاقة لورا راندازو غالبا بطرحها على طلابها في مدرسة «أمادور فالي» الثانوية بمدينة بليسانتون التابعة لولاية كاليفورنيا الأميركية.
لذلك، عندما سمعت راندازو عن موقع «TeachersPayTeachers.com» (معلمون يدفعون لمعلمين)، وهو عبارة عن سوق افتراضية يمكن للمعلمين شراء وبيع خطط التدريس من خلالها، انتابها الفضول لمعرفة إذا ما كانت المواد التي جهزتها لطلابها ستنال إعجاب المعلمين الآخرين أم لا.
قبل عامين، بدأت راندازو في نشر المواد بسعر نحو دولار واحد على الموقع. وحتى الآن تم بيع أكثر من 4 آلاف نسخة من ورقة العمل الخاصة بها والتي تستخدمها في التدريس، من خلال شخصيتها الوهمية على الموقع التي تدعى «لمن هذا الهاتف الجوال؟» (Whose Cell Phone Is This?).
قالت راندازو، خلال مقابلة أُجريِت معها عبر الهاتف: «مقابل دولار واحد، يمتلك المعلم أداة جيدة حقا يمكنه استخدامها مع أي عمل أدبي». وأضافت: «الأطفال يحبون هذا الموقع لأنه مرح بالنسبة لهم. لكنه صارم أيضا، لأنهم مطلوب منهم إثبات شخصياتهم بأدلة».
وتمتلك راندازو موهبة تفهم أنواع المساعدات في الفصول الدراسية التي يبحث عنها المعلمون الآخرون. وكانت إحدى موادها التي حققت أفضل المبيعات عبارة عن مجموعة قواعد السنة الدراسية كاملة والمفردات وتدريبات على الأدب للثانوية العامة. فحققت مبيعات بنحو 100 ألف دولار من على موقع «TeachersPayTeachers».
وأكدت راندازو من أمام مكتبها الصغير بالمنزل، الذي كان مكانا مخصصا للملابس بغرفة النوم سابقا، أنها لا تزال تشعر بالدهشة من النجاح الذي حققته. وتابعت بالقول: «ما بدأ كهواية تحول إلى عمل تجاري».
غالبا ما يقضي المعلمون ساعات في تحضير خطط الدروس لتعزيز المادة الدراسية التي يتعين على الطلاب تعلمها، والبعض يشاركون أفضل المواد لديهم مع زملائهم. ويعمل موقع «TeachersPayTeachers» – الذي تأسس في عام 2006 – على تسريع تحضير خطة التدريس من خلال تحويل الأموال بين المعلمين وتمكينهم من التواصل بشكل أسرع مع زملائهم في المناطق النائية.
وكما يكتسب البعض على الموقع أتباعا كثيرين ومترقبين كل جديد، يعزز «TeachersPayTeachers.com» نمو هذه المهنة المختلطة، من خلال «المعلم رائد الأعمال»، حتى إن هذه الظاهرة استحدثت اشتقاقا لغويا جديدا خاصا بها هو «teacherpreneur».
وحتى الآن، دفعت شركة «تيتشر سينرجي» - التي أنشأت الموقع - نحو 175 مليون دولار إلى المعلمين المؤلِفين المسجلين لديها، وفقا للرئيس التنفيذي للشركة آدم فريد. ويتقاضى الموقع عمولة 15 في المائة على معظم المبيعات.
ويمتلك فريد، الذي عمل سابقا في منصب مدير التشغيل بموقع «إتسي» المتخصص في التجارة الإلكترونية، وأيضا مدير إدارة المنتجات الدولية في شركة «غوغل»، خبرة كبيرة في نمو الشركات القائمة على البيانات. وذكر أنه من خلال بيع عشرات الآلاف من المواد، أصبح 12 معلما على الموقع مليونيرات، وكسب نحو 300 معلم أكثر من 100 ألف دولار. وفي أي يوم من الأيام، يكون على الموقع نحو 1.7 مليون خطة تدريس، ومسابقات، وورق عمل، وأنشطة داخل الفصل الدراسي، وغيرها من المواد المتاحة، والتي تبلغ تكلفتها عادة أقل من 5 دولارات. وتابع فريد أنه خلال الشهر الماضي وحده، قام ما يزيد على مليون مدرس في الولايات المتحدة الأميركية بتحميل مواد، منها منتجات مجانية وأخرى مقابل رسوم، من على الموقع.
ومضي فريد يقول، خلال مقابلة أُجريت معه في مقر الشركة في مانهاتن: «إذا كان لديك طفل في مدرسة في أميركا، فإنهم هناك يتفاعلون مع محتوى الموقع بشكل ما».
وترأس آدم فريد شركة «Teacher Synergy» في عام 2004. وكانت أولى مهامه تحديث التكنولوجيا البسيطة التي تقوم عليها الشركة؛ من دون إحداث تغييرات جذرية قد تُزعِج أتباعها. هذا الهدف أصبح أكثر إلحاحا الآن بسبب دخول شركة «تي إي إس غلوبال»، وهي شركة بريطانية تمتلك «سوق المعلم إلى المعلم» (teacher-to-teacher marketplace) الخاص بها، إلى السوق الأميركية.
ومنذ عدة أسابيع على سبيل المثال، قدمت «TeachersPayTeachers» تطبيقا على هواتف «آي فون» يستطيع المعلمون من خلاله شراء المواد. وهذا التطبيق يحل محل إصدار قديم كان يتيح للمستخدمين البحث عن المنتجات، لكن - الغريب في الأمر – من دون إمكانية شرائها.
وقال فريد: «لم تكن شركتنا تقنية حتى وقت قريب جدا، وإنما كانت سوق تدريس بمجرد طبقة تأسيس تقنية. والآن نحاول أن نكون الاثنين معا».
وتعكس شعبية الموقع لدى المعلمين التقاء عدد من الاتجاهات التعليمية والتقنية. فمن ناحية، تُدخِل المناطق التعليمية في جميع أنحاء البلاد أهدافا تعليمية جديدة – تدعى «المعايير الأساسية المشتركة» (Common Core state standards) – للمراحل الدراسية المختلفة. وهذا دفع عشرات الآلاف من المعلمين للتوجه إلى «TeachersPayTeachers» من أجل البحث عن الدروس لتعزيز المعايير الخاصة بالرياضيات والقراءة؛ مثل المطلب بأن يكون طلاب الصف السادس والطلاب الأكبر سنا قادرين على وصف وتقييم الحجة في نص معين.
ويقول إرين كوب، وهو معلم قراءة بمدرسة إعدادية في مدينة ليك تشارلز بولاية لويزيانا الأميركية، والذي حققت مواده التعليمية التي تتوافق مع المعايير الأساسية المشتركة مبيعات بأكثر من مليون دولار على الموقع: «إنها مسألة فهم ما هي المعايير، ومعرفة كيفية جعل الطلاب ينفذون هذه المعايير».
وفي وقت يوجّه فيه الساسة والمسؤولون التنفيذيون وأصحاب الأعمال الخيرية باستخدام الأدوات الرقمية الجديدة من أجل التعلم، يسعى العديد من المعلمين أيضا لاستخدام التقنيات المدرسية القديمة غير المتصلة بالإنترنت التي مارسها المعلمون الآخرون على مر السنين في صفوفهم. وهذا جعل «TeachersPayTeachers» يماثل مواقع الأسواق التجارية الشهيرة على غرار «Etsy»، ولكنه «إتسي للتعليم».
وذكر آدم فريد أن «هناك الكثير من الأشياء التفاعلية التي نراها في العالم الرقمي، فالمعلمون يضعونها على هيئة تماثلية»، مشيرا إلى أن العديد من منتجات «المعلم إلى المعلم» تكون بصيغة «PDF» أو ملفات مضغوطة بهدف تحميلها وطباعتها.
وكمثال على ذلك، استشهد فريد بـ«كتاب القراءة التفاعلية للأدب» الذي ألفته المعلمة إرين كوب. ففي خططها التدريسية، لا يشير «التفاعل» إلى فيديو رقمي أو صوت. وإنما يعني إرشاد الطلاب للتعلم بنشاط من خلال قطع وإلصاق بعض الدروس في كتبهم الخاصة في جزء منه، وأخذ ملاحظات متعمقة في الصف، وحتى رسم الرسوم التوضيحية أحيانا للتأكد من فهمهم ما قرأوه. وتابع فريد يقول: «هناك الكثير من الإبداع والابتكار، لكنها حاولت ذلك؛ وهذا صحيح في الكثير من منهجيتها».
وبالنسبة للمعلمين، فإن بناء مشروع تجاري ناجح على موقع «TeachersPayTeachers» قد يستلزم الكثير من العمل.
ومن أجل لفت الانتباه إلى الأدوات التي وضعتها على الموقع، على سبيل المثال، أنشأت لورا راندازو، مدرسة اللغة الإنجليزية، منتدى تدريس تحكي فيه خبراتها أو تبرز الموارد التي تجدها مثيرة للاهتمام. كما أنها أطلقت مؤخرا قناة على موقع «يوتيوب» استجابة لطلبات من معلمين آخرين طلبوا منها توضيح كيفية تدريس المفاهيم المعقدة مثل السخرية. وأضافت راندازو أن العديد من المعلمين يعتبرون «TeachersPayTeachers» ذا مصداقية، لأن بإمكانهم العثور على الأفكار من معلمين أكثر خبرة يواجهون التحديات نفسها التي يواجهونها في الفصول الدراسية. واختتمت راندازو بالقول إن «الأمر يتعلق بما يستطيع معلمو المرحلة الأساسية فعله، ولا يمكن للناشرين ذكره في الكتب الدراسية».
* خدمة «نيويورك تايمز»



جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل
TT

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

تعد جامعة أوكلاند أكبر جامعة في نيوزلندا، وتقع في مدينة أوكلاند. وتأسست الجامعة في عام 1883 بصفتها هيئة تأسيسية تابعة لجامعة نيوزيلندا، وتتكون الجامعة من ثماني كليات موزعة على ستة أفرع، ويبلغ عدد الطلاب نحو 40 ألفا.
وكانت الجامعة تجري القليل من الأبحاث حتى ثلاثينات القرن الماضي، عندما ازداد الاهتمام بالأبحاث الأكاديمية خلال فترة الكساد الاقتصادي. وعند هذه المرحلة، أصدر المجلس التنفيذي للكلية عددا من القرارات التي تتعلق بالحرية الأكاديمية بعد الإقالة المثيرة للجدل للمؤرخ النيوزيلندي جون بيغلهول (ويقال إن سبب الإقالة خطاب أرسله إلى إحدى الصحف يدافع فيه عن حق الشيوعيين في نشر آدابهم في المجال العام)، الأمر الذي ساعد في تشجيع نمو الكلية وأبحاثها.
وافتتحت الملكة إليزابيث الثانية مبنى كلية الطب الجديدة في غرافتون بتاريخ 24 مارس (آذار) من عام 1970.
وفي مايو (أيار) لعام 2013 ابتاعت الجامعة موقعا تبلغ مساحته 5 أفدنة لصالح حرم الجامعة بالقرب من منطقة المال والأعمال الرئيسية في نيوماركت. وسوف يوفر الموقع المشترى للجامعة إمكانية التوسع على مدى الخمسين عاما المقبلة مع كلية الهندسة التي تتخذ مكانها بصفتها أولى كليات الحرم الجامعي الجديد اعتبارا من عام 2014. وتعتبر جامعة أوكلاند من أفضل الجامعات في نيوزيلندا، وفقا لآخر إصدار من تقرير التصنيفات الجامعية العالمية.
ولقد هبطت مرتبة الجامعة درجة واحدة فقط على الصعيد العالمي في العام الماضي، وهي تحتل الآن المرتبة 82 بين أفضل جامعات العالم، لكنها تعتبر الأفضل في البلاد رغم ذلك.
ومن بين مؤشرات التصنيف الجامعية الستة والمستخدمة في تقييم الجامعات العالمية، أحرزت جامعة أوكلاند أعلى الدرجات من حيث السمعة الأكاديمية التي تحتل الجامعة بسببها المرتبة 56 على العالم.
ويأتي هذا الترتيب نتيجة للأداء القوي للجامعة على مؤشر التصنيفات الجامعية العالمية لعام 2017، حيث حازت على مرتبة مميزة بين أفضل عشرين جامعة في العالم بالنسبة لعلوم الآثار والتعليم.
كان روجر كيرتس غرين، البروفسور الفخري لعصور ما قبل التاريخ، وحتى وفاته في عام 2009 من أقدم أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وهو الحاصل على درجة البكالوريوس من جامعة نيومكسيكو، ودرجة الدكتوراه من جامعة هارفارد، وزميل الجمعية الملكية في نيوزيلندا. ولقد كان عضوا في هيئة التدريس من عام 1961 حتى 1966، ثم من عام 1973 حتى وفاته، وعضو هيئة التدريس الأطول من حيث سنوات الخدمة وغير المتقاعد هو برنارد براون الحائز على وسام الاستحقاق النيوزيلندي، ودرجة البكالوريوس في القانون من جامعة ليدز، ودرجة الماجستير (التخصص) في القانون من جامعة سنغافورة. ولقد كان محاضرا متفرغا في كلية الحقوق بالجامعة من عام 1962 حتى 1965، ثم من عام 1969 فصاعدا، أما ويليام فيليبس، وهو من أبرز خبراء الاقتصاد المؤثرين والمعروف بمنحنى فيليبس الشهير، فقد كان يدرس في الجامعة من عام 1969 حتى وفاته في عام 1975، وعكف روبرت جنتلمان وروس إيهاكا في تسعينات القرن الماضي على تطوير لغة «R» للبرمجة الحاسوبية في الجامعة، التي تستخدم على نطاق واسع من قبل علماء الإحصاء والبيانات.